الحوسبة السحابية في المنطقة العربية: أين كانت وإلى أين تتجه؟
بحسب توقّعات "مؤشر سيسكو العالمي للسحابة" Cisco Global Cloud Index، فإنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستشهد أكبر معدّلات النمو في استخدام الحوسبة السحابية بين عامي 2014 و2019. و"غارتنر" Gartner بدوره يتوقّع ارتفاع إجمالي الإنفاق على خدمات الحوسبة السحابية العامّة خلال عام 2018 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 1.5 مليار دولار مقارنة بـ727 مليون دولار المقدّرة في عام 2014.
"كان انجرار وانتقال الشركات إلى الحوسبة السحابية بطيئاً إلى حدٍّ ما بين عامي 2005 و 2011" يقول يحيى زاكر، مهندس الحوسبة السحابية المسؤول في "غلف إنفوتك" Gult Infotech، وهي مزوّد للخدمات السحابية في الإمارات العربية المتحدة وعُمان.
لكنّ زاكر يؤمن بأنّ الضرورة والوعي والنمو الذي تشهدهم المنطقة رفعت الطلب في السنوات الأخيرة، ويشرح أنّه "بما أنّ كلّ شركة بحاجة إلى نوع من أنواع التقنية السحابية وبما أنّ المنطقة تنمو، سترفد الحلول السحابية سوقاً مربحةً للغاية".
تعزيز البنية التحتية للحوسبة السحابية في المنطقة سينعكس على الاقتصاد، حسبما يقول أوميد محبوبي، المؤسّس المشارك في "مينا كلاود ألَيانس" ("ميناكا") MENACA، وهو منتدى للأنظمة المشاعية (vendor-neutral) ملتزم بتنمية سوق الحوسبة السحابية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
"السحابية ظاهرة شديدة الارتباط باقتصاد الوفورات economies of scale. وبزيادة حركة الاتصال التي تقدّمها منطقةٌ ما للمستخدمين، ستزداد المكاسب المالية التي يمكن الحصول عليها في تلك السوق،" يوضّح محبوبي.
فضلًا عن المنطقة، يبدو أنّ التقنية السحابية تغزو السوق العالمية ككلّ. فوفقاً لـ"جلوبال إندستري أنليستس" Global Industry Analysts، من المتوقّع ارتفاع سوق خدمات الحوسبة السحابية العالمية إلى 336 مليار دولار بحلول عام 2020 بالمقارنة مع 175 مليار دولار في عام 2015.
في الواقع، يشير زيد فارخ، مؤسّس مزوّد خدمات الحوسبة السحابية "سيمانتك إنتلجنت تكنولوجيز" Semantic Intelligent Technologie، إلى أنّ المزوّدين العالميّين أظهروا اهتماماً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب ارتفاع حجم إنفاقها على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، لافتاً إلى أنّ "المزوّدين العالميين كـ’مايكروسوفت‘ و’أمازون‘ السوق اخترقوا السوق".
ويُذكَر أنّه من بين أهمّ مزوّدي الخدمات السحابية: "مايكروسوفت أزور" Microsoft Aure، و"أمازون ويب سيرفيسز" Amazon Web Services، و"جوجل كلاود" Google Cloud، و"سيلز فورس" Salesforce، و"راك سبيس" Rach Space.
يعود أحد الأمثلة الجديدة على تعاون المنطقة مع مزوّدٍ خارجي إلى عام 2015، عندما أسّست "عليون" Aliyun، وهي وحدة الحوسبة السحابية في شركة "علي بابا" Alibaba، مشروعًا مشتركًا مع "مِراس القابضة" Meraas في دبي. وقد هدفَ هذا التعاون إلى توفير خدمات بيانات وسحب حاسوبية كبيرة للمؤسّسات الحكومية والخاصة في المنطقة.
الحكومات وشركات الاتّصالات
بالإضافة إلى استخدامها من قبل الأفراد والشركات، هناك تقاربٌ بين الحوسبة السحابية والحكومات وشركات الاتصالات.
فقدعقدت الحكومة الأردنية في عام 2014 شراكةً مع "مايكروسوفت" لتطبيق خدماتٍ سحابية في القطاع العام. ويتوقّع محبوبي أنّ "الحكومات سوف تسعى نحو استراتيجية إعطاء الأولوية للحوسبة السحابية كي تصبح أكثر مرونة واستجابة للمواطنين".
من ناحيةٍ أخرى، تحاول شركات الاتصالات مثل "موبايلي" Mobily في السعودية و"إتصالات" Etisalat
في الإمارات، أن تجد لها موطئ قدمٍ لها كمزوّد لتقنية الحوسبة السحابية. وفي السبيل إلى ذلك، عقدت "موبايلي" في عام 2013 شراكة مع "فيرتوستريم" Virtustream، وهو مزوّد عالمي للخدمات السحابية، من أجل توفير خدمات حوسبة سحابية مشتركة في المملكة.
منتدى "تلكو-كلاود" Telco Cloud الذي عُقد في لندن خلال الشهر السابق هو أحد الأمثلة على تنامي اهتمام شركات الاتصالات في الحوسبة السحابية كفرصةٍ تجارية جديدة.
بالرغم من دخول شركات الاتصالات إلى مضمار التزويد بالخدمات السحابية، إلّا أن تطبيق الحوسبة السحابية على القطاع نفسه ما زال أقلّ جاذبية من تطبيقه على الشركات متوسطة الحجم، حسبما يعتقد سليمان جدعون، مدير الهندسة في "فرندي" للاتصالات Friendimobile.
استثمرَت شركات الاتصالات الكبيرة في مراكز بيانات وخوادم داخلية آمنة، فلماذا عليها التخلّي عنها والمرور بمتاعب الترحيل لخوادم خارجية؟ يتساءل جدعون، خاصّة وأنّ أفضلية الحوسبة السحابية الرئيسية، وهي المحاكاة الافتراضية للبيانات (data virtualization)، قد تنعكس عليهم سلبًا إن تمّت قرصنتها.
التحدّيات – ما الذي قد يمنع من انتقال إلى الحوسبة السّحابيّة؟
بالرغم من اتّساع سوق الحوسبة السحابية في المنطقة، إلّا أنه ما زال هناك بعض التحدّيات.
"منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أبطأ في تبنّيها للحوسبة السحابية مقارنة بالولايات المتّحدة،" وفقاً لوليد أبو حدبة، نائب رئيس شركة "مايكروسوفت" السابق، والذي يضيف: "لكنّني أعتقد تغيّر ذلك مع قدوم مزوّدين جدد للمنطقة يقدّمون عروض خدمات سحابية أغنًا وأكثر أمنا".
1. المشروعية ومقرّ البيانات
المشروعيّة المعقدة للحوسبة السحابية عبر حدود الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي عائقٌ يعتبره فارخ أحد أكبر التحدّيات التي تواجه القطاع.
لا تسمح الحكومات في الأسواق النامية باستضافة البيانات خارج حدودها، كما يقول فارخ. و"على سبيل المثال، إذا أردتُ التطوير في السوق السعودية، عليَّ العمل مع مراكز البيانات المحلية... والتي تعتبر قديمة بالمقارنة مع مراكز ’أمازون‘".
من الناحية الأخرى، تواجه الدول التي تسمح بتوزيع البيانات خارج حدودها تحدّياتٍ أخرى، حسبما يوضح محبوبي، مضيفاً أنّه يجب على البيانات التي تضمّ معلومات عن دول عدّة أن تخضع لقوانين جميع تلك الدول.
2. التهديد الأمني
بينما تُعتبر خاصيّة المداخل المُتعدّدة للبيانات ميّزةً للحوسبة السحابيّة، إلّا أنّ جدعون يعتبرها سيفاً ذا حدّين، منوّهاً أنّه "عندما تُخزّن بيانات زبائنك في خادمٍ خاصّ تملكه أنت، لن تقلق من احتمالية قرصنتها كما ستفعل عندما تُخزنها في خوادم ليست بمتناول يدك".
من ناحيةٍ أخرى، يعتبر الكثيرون أنّ احتمال تعرّض الخوادم الدّاخليّة إلى حرائق أو تهديدات أمنية أخرى تفوق احتمال تعرّض السحابة الإلكترونية إلى القرصنة أو اختراقات أخرى.
و"على مستوى المُستخدم،" يوضح زاكر أنّه "يمكن تعزيز أمنك السحابي عن طريق المصادقة متعددة العوامل multi factor authentication".
3. صعوبة الترحيل
تُعتبر مرحلة الترحيل من النظام التقليدي إلى الحوسبة السحابية عائقٌ أمام الكثير من المُستخدمين، بحسب زاكر.
يوافق على هذا الأمر محبوبي، وهو الذي يؤمن بأنّ عمليّة الترحيل قد تكون صعبةً ومُستهلكةً للوقت لأنّها تتطلّب تغييراً في استراتيجيّة الإدارة.
اللاعبون في المنطقة
يتواجد في المنطقة مجتمعٌ للحوسبة السحابية يضمّ مؤتمرات وفعاليات مثل "مايكروسوفت كلاود رودشو" Microsoft Cloud Roadshow الذي انعقد في دبي شباط الماضي، ومؤتمر "كلاود مينا" Cloud MENA السنوي. أمّا بالنسبة إلى بعض الشركات العاملة في المجال، هناك شركات مثل "جولي كلاود" Jolicloud، و"دو" Du، و"كلاود 4 سي" Cloud 4C، و"كلاود إتش بي تي" Cloud Hpt، و"إس تي إس" STS، و"مينا آي بي" Mena IP، و"جو كلاوديا" Go Cloudia و"كلاود Cloud11 "11.