منصّة للياقة البدنية من شوارع القاهرة إلى العالمية
فريق "جامب سوت" (من اليسار)، نبيل رستم، نورشك فوزي، وكريم بو جمرة. (الصورة من "جامب سوت")
كلّنا نعلم أنّ التمارين تساعدنا في الحفاظ على الصحّة والإنتاجية. لذلك نذهب بانتظام إلى النادي ونتمرّن على الآلات نفسها ونرفع الأوزان نفسها، ومن ثمّ نغادر. لكنّ هذا مملّ؛ كما أنّ الحصول على مدرّبٍ شخصيّ والتسجيل في النادي شهرياً أمرٌ مكلف، إضافةً إلى أنّنا لا نعرف كيف نغيّر عاداتنا اليومية في النادي الرياضي من أجل مزيدٍ من التأثير.
وفقاً لشركة "تراكشن" Tracxn الناشئة للأبحاث العالمية، وبحسب تقريرها "فيتنس أند ويلنس" Fitness and Wellness لعام 2016، فإنّ الولايات المتّحدة تحظى بأكبر عددٍ من الشركات الناشئة التي تعمل في مجال اللياقة البدنية والعناية الشخصية. ومع ذلك، تنامى نشاط تمويل الأعمال في مجال اللياقة البدنية والعناية الشخصية في الأسواق الناشئة بشكلٍ كبير بين عامَي 2014 و2015.
في عام 2015، تمّ تأسيس أكبرعدد شركاتٍ للياقة البدنية والعناية الشخصية، كما أنّ الاستثمار في هذا القطاع ازداد من 5 ملايين دولار في عام 2014 إلى 7.7 ملايين دولار في عام 2015.
في غضون ذلك، وفيما بات المستهلِكون يطلبون حلولاً تعالج مسألة الانضباط الذاتي، ولكنّهم أصبحوا يريدون أيضاً العقور على البرامج التي تناسب أنماط حياتهم، جاءت الشركة الناشئة "جامب سوت" Jumpsuite لتسدّ هذه الحاجات.
توفّر هذه الشركة التي تتّخذ من الإمارات مقرّاً لها سوقاً للياقة البدنية وبرامج التغذية، وتربط المستخدِمين بمدرّبين شخصيين وأخصّائيّي تغذية معتمدين من حول العالم. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستخدِمين تصفّح وشراء ومتابعة ومراجعة (تقييم) برامج اللياقة البدنية ذات الصلة من أيّ مكانٍ في العالم.
من جهةٍ ثانية، تقدّم "جامب سوت" تراخيص لبرمجيّاتٍ خاصّة بالمدرّبين وخبراء التغذية حتى يتمكنوا من تطوير برامج مخصّصة لعملائهم على الصعيد العالمي، ومن ثمّ يعرضونها على المنصّة بهدف بيعها للمستخدِمين.
لا يعني هذا أنّ المنافسة غائبة، إذ يوجد منافسون عالميون يقدّمون خدماتٍ مشابهة، مثل "فيرتواجي.كوم" Virtuagy.com و"بادي بيلدنج.كوم" Bodybuilding.com، ولكنّهم لا يقدّمون حلّاً متكاملاً لتوفير برامج مخصّصة بين المتخصّصين والمستهلِكين. أمّا "جامب سوت" فهي تسدّ فجوةً في السوق من خلال نموذجٍ هجينٍ يجمع تقديم البرمجيات كخدمة SaaS والتعامل مباشرةً مع المستهلِكين، ومن ثمّ تأخذ عمولةً على البرامج التي يتم إنشاؤها من قبل المتخصّصين وبيعها للعملاء بعد ذلك.
اللياقة في خضمّ "الثورة"
بدأ المشروع بأكمله مع معسكرات تدريبيةٍ في شوارع القاهرة في عام 2011.
في ذروة الثورة المصرية، أدرك الشريكان المؤسِّسان، والزوجان، نبيل رستم ونورشك فوزي، أنّ اللياقة البدنية باتت حاجةً عالميةً وبالتالي فرصةً متناميةً للقيام بالأعمال. في ذلك الوقت، كانوا عاطلين عن العمل، ولكن من ذوي الخبرة في التدريب الشخصي مع العديد من الشهادات اللياقة البدنية.
بعد ذلك، قرّر الزوجان رستم وفوزي عقد معسكرات تدريبٍ في عدّة صالات رياضية في مختلف أنحاء القاهرة. ويقول رستم عن هذا الأمر: "لقد استأجرنا عدّة أقسامٍ في المجمّعات والصالات الرياضية، ومن ثمّ في غضون عامٍ توسّعنا نحو 5 مجمّعات." ازداد عدد العملاء المهتمّين في سنةٍ واحدةٍ ليصل إلى 5 آلاف شخصٍ، ثمّ راحوا يطلبون فيما بعد دروس لياقةٍ بدنية وخطط غذائية مخصّصة. لتلبية هذه الحاجة، بدأ الزوجان بتدوين خطط اللياقة البدنية الشخصية للعملاء على الورق، ولكنّ هذه الخدمة نمَت ولم يعودا قادرَين على مواكبة الطلب المتزايد.
توسيع الأعمال من خلال التكنولوجيا
في أواخر عام 2013، أدرك المؤسِّسان الحاجة إلى توسيع مشروعهما من خلال إنشاء برمجيةٍ سهلة الاستخدام لإدارة برامج اللياقة البدنية والإشراف عليها. وبعد المكوث مدّة شهرٍ في وادي السيلكون للعمل على المنصّة وبناء العلاقات، أطلقا "ذي ويلنيس لوغ" The Wellness Log ثمّ انضمّ إليهما كريم أبو جمرة لتطوير المنصّة تقنياً وإدارة قسم التسويق من أجل العمل على توفير المنصّة على الأجهزة المحمولة. وبالتالي، سرعان ما تمكّنت "ذي ولينس لوغ" خلال الأشهر الستة الأولى لها من ضمّ 9 مدرّبين وأخصّائيي تغذية من مصر، ومن تطوير قرابة ألفَي برنامجٍ مخصّصٍ خلال السنة الأولى.
مع نجاح هذه المنصّة، اتّضح أمام الفريق الحاجةُ إلى توفير برامج مخصّصة عبر الإنترنت وتأمين منصّةٍ للمدرّبين وأخصّائيي التغذية، من أجل إنشاء محتوى مفيدٍ وتوفير تجربة استخدام جيدة للعملاء. عندما وصل عدد مستخدِمي "ذي ويلنس لوغ" إلى 10 آلاف مستخدِم، تحوّل نموذج العمل ليقوم على إصدار تراخيص برمجياتٍ للمدرّبين، وبدأ الفريق يحوّل الزوّار ببطءٍ إلى التطبيق الجديد الذي يُسمّى "جامب سوت"، ثمّ راحوا يضمّون إليه المزيد من أخصّائيي اللياقة البدنية الذين جاؤوا إلى المنصّة مع عملائهم. وفي النهاية، انطلق التطبيق رسمياً في شهر شباط/فبراير من هذا العام.
بم يتميّز "جامب سوت" عن سواه في السوق؟
أكثر ما يجذب المستخدِمين إلى هذا التطبيق هو واجهة الاستخدام الفريدة ونموذج العمل الفريد، بحسب أبو جمرة الذي يقول "إنّك قد ترى الكثير من الشركات التي تعمل في مجالنا ولكن لا أحد منها يقدّم شيئاً مماثلاً لنموذج عملنا." وهذا النموذج أيضاً يريد فريق "جامب سوت" تطويره لكي يتوسّع أكثر خلال المرحلة المقبلة من النموّ.
لدى منصّة "جامب سوت" ثلاث واجهات استخدام:
1) برمجية خاصّة بالمدرّبين وأخصّايي التغذية من أجل إنشاء برامج مخصّصة للعملاء، ومشاهدة بيانات تقدّم العميل، والتحكّم بمنتَجاتهم وصفحتهم على التطبيق. 2) واجهة تطبيق للأجهزة المحمولة تسمح للعملاء بمتابعة برامجهم وتتبّع التقدم الذي يحرزونه. 3) سوق على الإنترنت من أجل تصفّح، وشراء، ومراجعة (تقييم) البرامج المقدَّمة من مئات المتخصّصين في هذا القطاع والصالات رياضية في جميع أنحاء العالم، وتحديداً في الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
سيركّز فريق"جامب سوت" في الأشهر الـ18 المقبلة على تطوير المنتَجات وزيادة الإضافات على المنصّة، بما في ذلك دعم عدّة لغات، وتقديم خدماتٍ بحسب الموقع الجغرافي، واقتراح وصفات طعامٍ وأغذية مفيدة.
وفي الأشهر الستة المقبلة سوق يركّز على التوسّع إلى الإمارات والسعودية، لأنّ هذين البلدين هما "من أصعب الأسواق"، بحسب رستم الذي يخطّط لدخول هذه الأسواق قبل التوسّع إلى الولايات المتّحدة. وفي الوقت الحالي، فيما يبحثون عن المزيد من خبراء التغذية والمدرّبين ليستخدموا المنصّة، يأملون في الوصول إلى مزيدٍ من المتخصّصين في جميع أنحاء العالم.
يقول الفريق إنّ انتشار الخبر من خلال الكلام يُعتبَر أداةً قوية بالنسبة إلى "جامب سوت"، فالمستهلِكون والمتخصّصون على حدٍّ سواء كانوا يتشاركون الردود والملاحظات حول استخدام المنصّة مع معارفهم. وبالإضافة إلى ذلك، يرى الفريق أنّ التوسّع في الإمارات والسعودية وبين المغتربين، سوف يساعدهم على نشر أخبار "جامب سوت" أبعد من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يحظى تطبيق "جامب سوت" حتّى اليوم بأكثر من 5,600 مستخدِم مسجّل، ومنذ الإطلاق الرسمي في شباط/فبراير 2016 باعَت المنصّة أكثر من 200 برنامجٍ، وشهدَت نموّاً شهرياً بمعدّل 20%. في هذا الوقت، وفيما يشتري المستخدِمون برامجهم الغذائية والتدريبية من خلال الموقع الإلكتروني، فإنّ التطبيق تتمّ مراجعته في متجر "آبل" App Store للتطبيقات، ومن المتوقّع أن يصدر في أواخر الشهر الجاري.
مَن كان يعلم أنّ بعض معسكرات التدريب الرياضية في القاهرة خلال الثورة المصرية ستقود شركةً ناشئةً تُعنى باللياقة البدنية إلى جمهورٍ عالميّ؟