المركز الثقافي البريطاني يسعى لتحفيز الاقتصاد الإبداعي في مصر، كيف؟
هشام باشا، عزة فهمي وأحمد العطار
تمثل الصناعات الإبداعية التي تندرج تحت قطاعات الفنون بأشكالها (الرسم والموسيقى والتمثيل والتطريز وصناعة الحلي والغزل والنسيج والمفروشات والفن التشكيلي .. إلخ) قصة نجاح اقتصادي في بريطانيا.
5.2% من الاقتصاد البريطاني يقوم على الاقتصاد الإبداعي، كما أن قطاع الصناعات الإبداعية هناك ينمو بسرعة تفوق سرعة القطاعات الأخرى ثلاثة أضعاف، ويوظّف قطاع الاقتصاد الإبداعي 2 مليون و800 ألف شخص بواقع 8.8% من إجمالي الوظائف في المملكة.
تلك الأرقام أعلنها جيف ستريتر Jeff Streeter، مدير المركز الثقافي البريطاني في مصر، خلال فاعلية إطلاق برنامج الاقتصاد الإبداعي في مصر لمدة 3 سنوات بهدف دعم الأعمال الريادية بقطاع الصناعات الإبداعية، وخلق فرص عمل وتحفيز الطلب على المنتج المصري الإبداعي.
وقال ستريتر موضحًا خطط تفعيل أهداف البرنامج: "لتعزيز جهود المركز الثقافي في المساهمة لتحويل الإبداعات المصرية لمشاريع ربحية مستدامة، من المقرر أن تقوم بضع مؤسسات بارزة في قطاع ريادة الأعمال بزيارة المملكة المتحدة في الأسبوع الأول من مارس/ آذار المقبل، لدراسة مواطن قوة المملكة في الاقتصاد الإبداعي، بالأخص في مجال تطوير المدن والمراكز الإبداعية".
ما هو برنامج الاقتصاد الإبداعي؟
يعمل برنامج الاقتصاد الإبداعي مباشرة على محورين رئيسيين: "الأول مع الحكومة المصرية والمؤسسات المعنية بالأعمال الصناعية، والآخر مع روّاد أعمال أفراد يضطلعون إلى إطلاق مشاريع صغيرة ومتوسطة في القطاع،" تقول كاثي كوستين Cathy Costain، رئيس برامج الفنون في المركز الثقافي البريطاني، في حوارها مع ومضة.
تتابع كوستين: "قررنا العمل على إنشاء قاعدة للموارد باللغة العربية تدعم العاملين في الاقتصاد الإبداعي، تتضمن إحصاءات وتقارير ومراجع رقمية، يمكن لرواد الأعمال بالقطاع الاستناد إليها في رحلاتهم الريادية".
سعيًا لتحقيق تلك الأهداف، يبدأ هذا الشهر التعاون بين المجلس الثقافي البريطاني ومركز تحديث الصناعة في مصر ومنظمة نيستا Nesta البريطانية الخيرية (المعنية بتحفيز الابتكارات في المملكة) بهدف التبادل المعلوماتي. يتمثل هذا التعاون في تدريب مجموعة من المدربين على استخدام حزمة أدوات "نيستا" للريادة الإبداعية.
تضم الحزمة 4 كتيبات مترجمة إلى العربية عن تحديد الأهداف والانطلاق نحو مشروع مبتكر، وتحديد المسار، والتسويق والخطة المالية، والتواصل مع العملاء واستمرارية المشروع. وتأتي الحزمة مع دليل للمعلم تتضمن شرحًا للمنهج وخطة للتدريب.
وحسب كوستين: "بمجرد الانتهاء من التدريب، يبدأ تقديم ورش عمل مدّتها أربعة أيام للرياديين المبدعين في مختلف أنحاء مصر خلال 2016 و2017، لوضع المبدعين في مختلف قطاعات الفنون على أول طريق العمل الربحي الناجح، كما وسنقوم بمتابعة المبدعين المتميزين بالتدريب والتوجيه والتشبيك."
يمكنكم مشاهدة شرح لحزمة أدوات نيستا للريادة الإبداعية هنا:
حلقة نقاش على هامش فاعلية الإطلاق
تضمنت الفاعلية جلسة نقاشية بين كلِ من بياتريس بمبروك Beatrice Pembroke، رئيس قسم الاقتصاد الإبداعي، بالمركز الثقافي البريطاني، وسونيا دهل Sonja Dahl، مدير أول برنامج نيستا. كما شارك أيضًا في الحلقة كلً من هشام باشا، خبير تطوير الأعمال بمركز تحديث الصناعة، ممثلًا لمبادرة الحكومة المصرية نحو تحفيز قطاع الصناعات الإبداعية، وصائغة المجوهرات العالمية عزة فهمى ممثلة لمجهودات القطاع الخاص للنهوض بالاقتصاد الإبداعي.
وأوضحت فهمي خلال مشاركتها أن نقص العمالة أهم المعوقات المهددة للقطاع في مصر: "يجب على العاملين بالصناعات الإبداعية التفريق التام بين الفنان والحرفي، وأتمنى أن تلعب الحكومة دورًا فعالًا في إقامة مدارس وأكاديميات تهتم بتطوير مهارات المصممين والحرفيين على حد سواء، إذ أننا نضطر لاستيراد حرفيين من خارج مصر، كما نواجه نقصًا بالغًا في المهارات بين المصممين أيضًا".
كما وتحدثت فهمي عن انعدام مراكز التدريب المدعومة من الحكومة في مجال الصناعات الإبداعية في مصر قائلة: "صنعت حكومتي الخاصة، وأنشأت بالفعل "عزة فهمي ديزاين استديو" لتدريب وتمكين المصممين والحرفيين من الصائغين في مصر، وخرجنا 5 دفعات حتى الآن".
وردًا على تلك المطالب، تعهد باشا باستكمال مسيرة مركز تحديث الصناعة التي بدأت منذ أقل من 6 أشهر نحو دعم الصناعات الإبداعية في مصر، رغم ما تواجهه من تحديات.
"واجهنا مصاعب محلية لإقناع طبقة الحرفيين بضرورة التطوير بهدف خلق سوق مستدام من جهة، ومصاعب دولية من جهة أخرى تمثلت في طرح مصنوعات حرف يدوية بجودة عالية وأسعار أقل، وهو ما شكل عبئًا تنافسيًا علينا. رغم ذلك نجحنا بالفعل في إطلاق العلامة التجارية وحققنا فيها أرقاًما نراها مُرضية في فترة وجيزة"، يقول باشا.
وتابع باشا: " ساهمت العلامة التجارية "كرييتف ايجيبت" في تحول 50 حرفيًا من القطاع غير الرسمي للقطاع الرسمي، وزادت العمالة بين الحرفيين المنضمين للمشروع من 68 إلى 850 عاملًا، كما ارتفع عدد الموردين المشتغلين مع المشروع إلى 106، وارتفع متوسط مبيعاتهم إلى مليون جنيه شهريًا (أكثر من 100 ألف دولار)".