موريتانيا تدخل لعبة ريادة الأعمال أخيراً
علم موريتانيا سيرتفع عالياً في عالم الشركات الناشئة، ولكنّ المسالة تحتاج إلى الوقت وبعض الجهود. (الصورة من Xinhuanet.com)
تأخّر مشهد ريادة الأعمال والتكنولوجيا في موريتانيا لكي يبدأ، غير أنّه ينمو بفضل الجهود الفردية لعددٍ من الأشخاص الشغوفين.
بعدما عُقدت أوّل فعاليةٍ من أسبوع الشركات الناشئة في نواكشوط، "ستارتب ويكند" Startup Weekend Nouakchott، في العام الماضي، عادَت موريتانيا هذا العام ولكن هذه المرّة مع الفعالية الدولية "الأسبوع العالمي للريادة"Global Entrepreneurship Week.
بدأ الأسبوع الرياديّ مع قمّة "ستارتب موريتانيا" للشركات الناشئةStartup Mauritania summit، حيث كانت الدعوات محدّدة وحضرها أشخاصٌ فاعلون من الشركات الكبرى والهيئات.
أمّا اليوم الثاني فكان بمثابة احتفالٍ برائدات الأعمال النساء مع مؤتمر "ستارتب موريتانيا" للنساء Startup Mauritania Woman Conference، فيما خُصِّص اليوم الذي تلاه للتدريبات، وذلك خلال ورش عملٍ تمحورَت حول كيفية وضع خطّة عمل، والحصول على التمويل، والكثير غيرها من الأمور.
وفي الختام، انتهى السبوع مع النسخة الثانية من "ستارتب ويكند" نواكشوط التي تمّ فيها اختيار مئة مشاركٍ فاز منهم ثلاثةٌ سيحصلون على إرشادٍ غير محدود.
احتاج هذا النشاط إلى الكثير من العمل والاندفاع، ولم يكن هذا الاندفاع ليحضر لولا "أسبوع الشركات الناشئة" الذي عُقد العام الماضي.
وفي هذا الإطار، قال الاستشاري الموريتاني الذي يستقرّ في لندن، محمد خليفة، إنّ المؤتمرَ [هذا العام] كان كبيراً من حيث الرعاية والنتائج. ويظهر ذلك في حجم المتقدّمين إليه والذين بلغ عددهم أكثر من 1300 موريتانيّ، اختِير منهم 100 شخصٍ وحصلَت شركتان ناشئتان على التمويل. أمّا المستثمرون فقد جاؤوا من جزر الكناري وأرخبيل الجزر الإسبانية القريبة من الشواطئ المغربية.
"لقد حصلنا على دعمٍ كبيرٍ من رجال الأعمال الموريتانيين، مثل مولاي عولد عباس، الرئيس التنفيذي في ‘البنك الموريتاني للتجارة الدولية‘ BMCI، ومن شركاتٍ مثل ‘كوزموس إنرجي‘ Kosmos Energy، بالإضافة إلى الحكومة،" حسبما أضاف خليفة.
الخطط والطموح
بعد الردود الإيجابية، قام عدّة شبابٍ يمتلكون طموحاتٍ كبيرة، من بينهم خليفة وشاب موريتاني آخر يستقرّ في لندن هو أحمد بياع، بتأسيس جمعية "ستارتب موريتانيا" التي يصفونها بأنّها مسرّعة أعمال.
ففي موريتانيا، بحسب خليفة، "يوجد الكثير من الأشخاص الذين يمتلكون شركاتٍ صغيرةً قد يكون بعضها يعمل في قطاع تكنولوجيا والمعلومات، ولكن لا يوجد بيئة حاضنة؛ ولذلك يكمن هدفنا في إنشاء هذه البيئة الحاضنة."
يبدو أنّ الموريتانيين كانوا ينتظرون مثل هذه المبادرات، فصفحة "ستارتب موريتانيا" على "فايسبوك" تحظى بأكثر من 10 آلاف إعجاب، كما أنّ الفريق الذي يتألّف من 10 متطوّعين حصل على الكثير من الرسائل من شباب محلّيين يعرضون فيها أفكار شركاتهم الناشئة.
"موريتانيا تحتاج كثيراً إلى الشركات الناشئة،" وفقاً لخليفة الذي شرح أنّ "معدّل البطالة مرتفعٌ جدّاً حيث يفوق 30 بالمئة، وبالتالي فإنّ النموّ يجب أن يأتي من القطاع الخاص."
ولكنّ "الموريتاني الفقير لا يعرف كيف يبدأ شركةً ناشئة، ولا كيف يتواصل مع الأشخاص المناسبين،" وهذا ما يُبرِز أهمّية مساعدة الشباب على إطلاق شركاتهم.
ومن جهتهم، الحكومة الموريتانية والروّاد ورجال الأعمال يعلمون بذلك جيّداً، وهذا ما يدفعهم للسعي إلى المشاركة في هذا المشروع، بحسب خليفة الذي أضاف أنّهم "يريدون مساعدة بلدهم ومساعدة الشباب لأنّهم يعلمون أنّه سيكون هناك منافع اقتصادية على المدى الطويل."
الفائزون في "ستارتب ويكند" نواكشوط يتحضّرون لمقابلةٍ تلفزيونية. (الصورة من "ستارتب موريتانيا")
وبالتالي، سيكون التأثير أكبر عندما تساعد ريادة الأعمال في زيادة استعمال الإنترنت، خصوصاً وأنّ انتشار الإنترنت حالياً في موريتانيا يكاد لا يتعدّى 10%. وللتأكيد على أهمّية ذلك، نذكر قول الرئيس التنفيذي في "مايكروسوفت"، ساتيا ناديلا، إنّه "مع كلّ نموٍّ بنسبة 10% لانتشار الإنترنت، سيزداد نموّ الناتج المحلّي الإجمالي في البلد المعنيّ بنسبة 1.38%."
بالعودة إلى المبادرة الشبابية في موريتانيا، فهي تركّز حالياً على المؤتمرات والتدريبات، فيما تريد أيضاً افتتاح مساحة عملٍ مشتركة في المستقبل.
وفي هذا الشأن أوضح خليفة أنّ "الكثير من الشباب يمتلكون أفكاراً لكنّهم لا يعلمون أين سيبدؤون، ولذلك نريد أن نقول لهم ‘يمكنكم البدء بمشاريعكم فأنتم ستحصلون على الدعم‘."
يعمل هذا الشاب مع فريقه في الوقت الحالي على بناء منصّةٍ للموريتانيين يمكنهم من خلالها الالتقاء والتواصل وبناء العلاقات مع روّاد أعمال ناجحين ومدرّبين ومستثمِرين. كما أنّ منظّمتهم عملَت مع أشخاص فاعلين في البيئات الحاضنة في بلدان مجاورة، بهدف زيادة عدد المرشدين الذين يمكن للموريتانيين الوصول إليهم، بينما سيُعلَن عن أسمائهم قريباً.
شركاتٌ ناشئةٌ موريتانية تتعلّم عن نموذج ريادة الأعمال الانسيابية Lean canvas خلال أسبوع الشركات الناشئة في نواكشوط. (الصورة من "ستارتب موريتانيا")
في غضون ذلك، لا يمكن تجاهل التقدّم الكبير في موريتانيا، غير أنّ هذه البلاد تعاني من عوامل ثقافية تؤخّر هذا التقدّم بشكلٍ ما. فهي تجاور المحيط الأطلسي وكلّاً من مالي والجزائر والصحراء الغربية، كما أنّ معظم مناطقها ريفية وسكّانها من البدو.
بالإضافة إلى ذلك، يصل معدّل الفقر في هذه البلاد إلى نحو 40%، حيث يعيش قرابة 40% من السكّان على 1.25 دولار في اليوم، كما تُعاني من مشاكل أمنية وثقافية مثل الاسترقاق وغيرها.
من ناحيةٍ أخرى، وبدءاً من مطلع عام 2016، ستقدّم "ستارتب موريتانيا" التدريبات مع "جامعة نواكشوط" Nouakchott University التي ستؤمّن بدورها مكاناً للمنظّمة كي تُقِيم بعض البرامج.
ويعوّل المؤسِّس الشريك على الشراكة مع البنوك والهيئات التنظيمية لتقديم تدريباتٍ ملموسة، في حين أنّ الفريق يبدو متحمّسٌ دائماً، ويُظهِر ذلك فيما يقوم به الآن مثل تنظيم فعالية "ساعة من البرمجة" Hour of Code، وهي حركةٌ عالميةٌ تهدف إلى تعليم البرمجة والتشفير للأطفال وحتّى التفكير على المدى الطويل.