نقولا صحناوي: هذا ما أعرفه
لطالما كان نقولا صحناوي محرّكاً للوسط التكنولوجي في لبنان، كونه أدّى دوراً أساسياً في إنشاء "منطقة بيروت الرقمية" Beirut Digital District وتقريب لبنان أكثر من أيّ وقتٍ مضى من الإنترنت العالي السرعة، وتبوّئه حاليّاً منصب رئيس مجلس إدارة "المركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي" UK Lebanon Tech Hub؛ وبالتالي لا شكّ في أنّه تعلّم بضعة أشياء عن نفسه وعن عالم التكنولوجيا وعن الوسط الرياديّ في لبنان.
الوزير السابق للاتّصالات في لبنان، والذي أطلق مؤخّراً لعبةً للهواتف المحمولة تحت عنوان "جايم كوكس" Game Cooks، شارك ما يعرفه مع "ومضة".
الكسالى هم الأكثر ذكاءً. ذلك لأنّهم يبحثون دوماً عن طريقة لفعلٍ أمرٍ في خمس دقائق، فيما يستغرق الشخص غير الكسول 24 ساعةً. أنا أفكّر أكثر وأسعى لفعل الشيء بأقلّ مقدورٍ من الجهد؛ ولا أؤيّد دوام العمل السائد من التاسعة صباحاً حتى الخامسة من بعد الظهر.
لا تكن عبداً للنظام. أنا ضدّ النزعات السائدة. من الشائع جدّاً سماع الناس يقولون إنّ عدوّك اللدود هو نطاق راحتك، أمّا بالنسبة إليّ، فنطاق الراحة هامٌّ جداً، ويجب برأيي توسيعه. إذا كنتَ مرتاحاً وقادراً على الإبداع والإنتاج في بيئةٍ مريحة، ستتمكّن من الإنتاج والبيع أكثر. لا تقتُل إبداعك، بل كُن متسامحاً مع نفسك وقم بما تحبّه، فلن تتمكّن من بذل قصارى جهدك إذا لم تكن متحمّساً للعمل؛ وقد اكتشفتُ ذلك منذ بداية مسيرتي.
أنا ودود. عندما كنتُ وزيراً، كان بالإمكان التواصل معي ما بين منتصف الليل والواحدة بعد منتصف الليل من كلّ ليلةٍ على "تويتر" لأجيب على الأسئلة. والآن، يسعى روّاد الأعمال للحصول على مشورتي. ولكن لا أحد منهم يبحث عن الأمر عينه، بل يختلف الأمر باختلاف المرحلة التي وصلوا إليها. وبالتالي، أقدّم لهم بشكلٍ عام أفكار حول عملهم، ولكنّ أكثر ما يريدونه هو توسيع شبكة معارفهم.
بلدي هو محفّزي الأكبر. لذلك أعطيتُ أقصى ما عندي عندما كنتُ وزيراً. أنا متحمّس لأغيّر العالم.
أنا غير منضبطٍ بتاتاً. لقد حاولتُ مرّاتٍ لا تحصى أن أمارس التمارين الرياضية في الصباح، وأتوقّف دائماً عن ذلك بعد مرور بضعة أشهر. ولكن، في الوقت عينه، عندما أقرّر أن أفعل شيئاً، أقوم به فعلاً في 99.9% من المرّات. لقد اقتربتُ من إنهاء تأليف كتابٍ الآن وسوف أنشره بعد شهر. هذا الكاتب موجّهٌ لأطفالي في المقام الأوّل، لذا فهو كتابٌ خاصّ يتناول بحوثاً تاريخيةً وشجرات العائلة وصوراً ورسومات؛ إنّه عملٌ ضخمٌ بدأته منذ ستة أشهر.
ما زالت ثقافتنا غير مستعدّةٍ لقبول الفشل. إنّ لبنان صغير جداً، والكلّ يعرف الكلّ، لذا فإنّ السمعة هامّةٌ لدينا، كما أنّه إذا كان لدى شخص سجلٌّ من الفشل فلن يثق به الناس، وذلك أمرٌ سيء. إذا كان في بلدك 300 مليون نسمة سيعيد النظام القائم تصحيح الفشل، أمّا إذا كنت في بلدٍ صغير فما من تنوّعٍ من هذا القبيل، أو اقتصاد كلّي، لإعادة إحلال التوازن.
ولكن، أعتقد أنّه في المجتمع التكنولوجي الرقمي في لبنان، يمكننا أن نضع قوانين مختلفة. فلأنّنا نلجأ إلى رأس المال المخاطر، نعتبر الفشل أمراً طبيعياً. المجتمع التكنولوجيّ ناضجٌ ويخضع للقواعد والثقافة التي يمكن أن تجدها في الولايات المتحدة.
لا وقت لدينا لنأخذ نفساً عميقاً ونسترخي. أنا أعيش على هاتفي الـ‘آيفون‘ iPhone؛ أنا أشبه بطفلٍ في الرابعة عشرة من عمره، وذلك يزعج كلّ من حولي. كان لدي جهاز ‘فايلو فاكس‘ Filofax في الماضي ومن ثمّ ‘بالم‘ Palm. أحنّ للزمن الذي سبق زمني، وهو أمرٌ غريب. هو الزمن الذي عاش فيه أهلي وأجدادي، حينما كان هناك عددٌ أقلّ من الناس وحينما كانوا يتحرّكون ببطءٍ أكبر. لا أحبّ كثيراً سرعة الزمن الذي نعيش فيه. علينا أن نسترخي وأن نشعر بالوقت الذي يمرّ، وأن نفكّر. ليس من الضروري أن يكون كلّ الوقت كذلك، ولكن، علينا أن نتنعّم بفتراتٍ نحيا فيها بنمطٍ بطيء.
بطبيعتي، لستُ مولعاً إلى هذا الحدّ بالتكنولوجيا. ومع ذلك، أحبّ أن أعيش في المستقبل لأكتشف التقنيات الجديدة. أنا أؤمن بشدّةٍ في النموّ الهائل لتقنيات المعلومات وتأثيرها في تغيير العالم بنمطٍ مذهلٍ وسريع. وفي العقود القادمة، أعتقد أنّها ستهدم بعض الجدران التي كنّا نعتقد أنّه من المستحيل هدمها، مثل الحياة الأبدية والسفر إلى الفضاء والذكاء الاصطناعي.
أحبّ ألعاب الفيديو. وكانت اللعبة الأولى التي أحببتُها ‘بونج‘ Pong، وهي لعبة كرة مضرب كنتُ ألعبها لساعات. بعد ذلك، أتت ألعاب إطلاق النار وغزو الفضاء، فكنتُ ألعب ‘عصر الإمبراطورية‘ Age of Empire التي تستوجب الكثير من الدهاء، وهي لعبةٌ تعلمك الكثير عن الجغرافيا السياسية مع أنّها مبسّطة جدّاً. وفيها، عليك أن تربح المال فيها وأن تستخدم الدِّين والسلاح، وهي تبدو أنّها نسخةٌ مصغّرةٌ عن معارك الحضارات عبر التاريخ. أمّا الآن، فلم يعد لديّ الكثير من الوقت لألعب هذه الألعاب، إلّا أنّني ألعب على هاتفي عندما أجد لعبةً ملفتة فعلاً وقادرةً أن تريحني من ضغوط الحياة بعد يومٍ طويلٍ من العمل.
لا أشتاق إلى السياسة. ولكن لم أخرج بالكامل منها. إنّها تضحيةٌ بالنسبة إليّ؛ فعندما أكون في منصبٍ عام محاطاً بكلّ الأمور السلبية، أتساءل ما إذا كان ذلك يفوق قدرتي على التحمّل. أفعل ذلك للقيام ببعض الأعمال الجيدة، ولأساعد بلادي وليبقى أطفالي في لبنان. أنا لا أقوم بعملي من أجل الأمور الجميلة ومن أجل الناس أن يراني الناس، فلو كان هذا ما أريده لكنتُ وجدتُ طرقاً أسهل لتحقيقه.
المساءلة معدومة في السياسية اللبنانية. في ما يتعلّق بالإنترنت، لم يحقّق المشروع النجاح المنشود بسبب بعض الموظفين غير الكفوئين الذين يتبوأون مناصب رفيعة الشأن، والذين فشلوا فشلاً ذريعاً، وحتّى أولئك الذين أوقفوا عمداً إطلاق ‘عرض النطاق التردّدي‘ bandwidth. هؤلاء الموظّفون أنفسهم لا يزالون حتّى اليوم يمنعون البنى التحتية من بلوغ المستوى المرجوّ. إنّ العمود الفقري للألياف البصرية شغّال بالكامل، ولكن لم يتمّ إعمالها بعد منذ أن غادرتُ الوزارة، وذلك من دون أيّ سبب وجيه. تذكّروا، أنّه إلى جانب زيادة عدد المستخدِمين، لن تزداد السرعة ازدياداً هائلاً إلاّ إذا تمّ تطبيق مشروع الألياف البصرية إلى المنزل fiber-to-the-home project، غير أنّه مشروعٌ سيستغرق ما بين سنةٍ إلى أربع سنوات؛ وقد أعلن عنه الوزير بطرس حرب مؤخّراً، في خطّة العام 2020.
إذا أردت معرفة آخر أخبار نقولا صحناوي، يمكنك متابعته عبر "تويتر" على @NicolaSehnaoui.