ما هي حسنات وسيئات المنصات مفتوحة المصدر؟
خلال السنوات الماضية، نجحَت "أندرويد" Android ومنصّات المصادر المفتوحة open source في فرض نفسها على الشركات العملاقة والصغيرة، كعاملٍ أساسي لتقدّم التكنولوجيا في مختلف المجالات والقطاعات.
ولا شكّ أن أبرز ما يميّز تكنولوجيا المصادر المفتوحة، يكمن في أنّها لا تضع قيوداً في درب المطوّرين لابتكار أفضل الخدمات أو المنتَجات أو البرامج أو التطبيقات؛ وبالتالي، لكي يبدع المطوّرون، لا ينقصهم سوى المهارات أو المعرفة.
خلال حضورنا فعالية "درويدكون دبي 2015" DroidCon Dubai، تسنّت لنا فرصة لقاء باقةٍ من اللاعبين البارزين في هذا المجال أو الاستماع إليهم. ففي هذه الفعالية، تحدّثوا عن الأوجه الإيجابية والسلبية لـ"أندرويد" والمصادر المفتوحة، مؤكّدين جميعاً على أنّ هذه التكنولوجيا غيّرت السوق رأساً على عقب.
وفي هذا السياق، ورد في كلمات المتحدّثين إشارةً إلى الكثير من ميزات تكنولوجيا المصدر المفتوح وسيّئاته، والتي تبرز لكم "ومضة" أهمّها:
السيطرة المطلقة. شدّد مؤسّس "درويدكون"، بوريس جيبسين Boris Jebsen، على أنّ المصادر المفتوحة تمنح السيطرة المطلقة على البيانات والبرامج. وأشار إلى ما حصل العام الماضي حيث ظهر الكثير من المشاكل في ما يتعلّق بفشل أمن الشبكات الخاصّة والحكومية. ويشرح أن إحدى المشاكل في اعتماد أو شراء برامج معلوماتية software تكمن في أنك لا تعرف ما يجري داخلها، "فقد تملك واجهة برمجة التطبيقات APIs أو البوابات ports التي تصلك بالبرامج أو الأجهزة، إلّا أنّك لا تعرف أين تذهب البيانات، وفي النهاية لا تملك السيطرة عليها. أما مع منصّة ‘أندرويد‘، يمكنك تطوير البّوابات والتأكّد من كلّ ما يقوم ولا يقوم به البرنامج."
سرعة أكبر وابداع أوسع. شدّد مؤسّس "بيكسل باغ" Pixelbug، داني عيد، على أنّ المصدر المفتوح فتح المجال للقيام بالكثير من الأشياء بسرعةٍ أكبر. وتحوّلت هذه التكنولوجيا إلى محطة رئيسية في عالم الابتكار والبرمجة، لاسيّما أنّ عّدة لشركات اضطرّت إلى صعود القافلة على غرار "مايكروسوفت" التي كانت تخسر حصصاً في السوق واضطرّت إلى الانفتاح على هذه التقنية في السنوات الأخيرة.
تراخيص منخفضة الكلفة. أكّد جيبسين على أنّ رسوم التراخيص تعتبر تحدّياً كبيراً، لاسيّما في الأسواق الناشئة كإفريقيا وبعض الدول الآسيوية. وبالتالي، يشكّل اعتماد المصادر المفتوحة حلاً لهذه المشكلة، لاسيما للمشاريع الخيرية أو مشاريع أخرى مثل "أمبيزا" M-Peza في كينيا التي توفّر حلولاً رخيصة الثمن لجذب أكبر عدد من المستخدمين.
تغيير مسار القطاعات. اعتبر مهندس تكنولوجيا المعلومات الاداري في شركة "أي بي أم" IBM، حميد الخفاجي، أننا نشهد تغييراً جذرياً في كلّ القطاعات والمجالات. فبعض الشركات تجد نفسها مهددة كما حصل مع "نوكيا" Nokia ويحصل مع "بلاك بيري" Black berry، ما دفع الكثيرين إلى تعديل خطّة الأعمال واعتماد تكنولوجيا الحوسبة السحابية والمصادر المفتوحة والأجهزة المحولة.
ورأى أنّ أفضل مثال عن هذا التغيير هو "أمازون" التي بدأت ببيع الكتب على الإنترنت، ثمّ تحوّلت إلى متجر يهدد أكبر المتاجر العملاقة في الولايات المتحدة. كما أشار إلى "أي بي أم" التي عمدت الى تطوير أدوات تعتمد على المصدر المفتوح، لكنّها "تحمل قيمة مضافة، ما يجعل المنافسة صحية ويبقى المستخدم الفائز الأكبر."
تطوّر "إنترنت الأشياء" IoT. اعتبر مدير التسويق التقني في "كوالكوم" Qualcomm الإمارات العربية المتحدة، جيل فياض، أنّ إنترنت الأشياء تحوّل الى "إنترنت كلّ الأشياء" بفضل أجهزة المحمول الذكية التي باتت تحتاج الى التكنولوجيا ذاتها. وأشار الى أنّ 25 مليار شخصاً سيتّصلون بالإنترنت على الدوام بحلول 2020، مشدداً على أنّ الأمر يصل إلى الأماكن (المنزل/المكتب) والمدن.
وأضاف أنّ "إنترنت كلّ شيء" يشكّل الطريق لمدن ذكية، تشمل بنى تحتية ذكية ووسائل نقل ذكية وأجهز قابلة للارتداء ذكية. من جهته شدّد عيد على ارتباط إنترنت الأشياء بتكنولوجيا "بيكون" beacon technology التي تسمح بالاستفادة أكثر من الرموز ومهارات المطورين ومعارفهم لتطوير أدوات مبتكرة قابلة للتعديل، ذاكراً الرحلات الافتراضية "ذي أتلانتس" The Atlantis و"ذي لوست شامبرز" The Lost Chambers.
"إعادة استخدام" التكنولوجيا، ما يساهم في دعم تكنولوجيا المعلومات الخضراء على حدّ قول د. كريشناداس نانات Dr.Krishnadas Nanath من جامعة "ميدلسيكس" Middlesex university دبي. فالمصادر المفتوحة تساعد الشركات على اعتماد "تشفيرة" طوّرها أحدهم عوضاً عن استخدام الخوادم servers أو الحواسيب أو الطاقة لتطوير تشفيرة خاصة. وبالتالي، توفّر الشركة الطاقة والموارد وتساهم في الحفاظ على البيئة." وأضاف أنّ "التشفير الأخضر" green coding الذي يستخدم أقل طاقة وموارد" يضطلع بدور مهم في الحفاظ على البيئة.
في المقابل، ما زالت المصادر المفتوحة تُعاني من بعض "السيئات" أو الظروف التي تحدّ من تطوّرها.
تتطلب المزيد من العمل والجهود. قال جيبسين إنّ المصادر المفتوحة تحتمّ أن تقوم بكلّ شيء من الألف إلى الياء بنفسك، إلّا أنّ النتيجة تستحقّ ذلك." وذلك لأنّ الوكالات المتخصّصة بالمصادر المفتوحة التي تستطيع العمل نيابة عنك نادرة جداً، لاسيما تلك التي توفّر حلولاً للشركات المهنية.
غياب الاتّساق consistency. تسمح المصادر المفتوحة للمطوّرين بالنفاذ الى مجموعة متنوّعة من الأجهزة ولكن مع بعض السلبيات، بحسب عيد. فالمطوّرون "يواجهون مع منصّات المصادر المفتوحة عدّة مشاكل، ما يصعّب مهّمة اتّساق التطبيق بين الأجهزة، فنضطر إلى تعديل قياسات الشاشات مثلاً لتناسب الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية المختلفة، خلافاً لما يحدث مع ‘آبل‘ التي تعتمد نظاماً موحداً ومغلقاً أكثر." وأشار عيد إلى أنّ معظم المستخدمين في المنطقة الذين ينفقون الأموال على التطبيقات، هم من مستخدمي أجهزة "آبل" المختلفة.
التعرّض للبرمجيات الخبيثة والفيروسات. أجهزة "أندرويد" أكثر عرضةً للبرمجيات الخبثة malwares والفيروسات، وفقاً لعيد. فهناك "تستطيع نشر تطبيقاتك بسرعة أكبر (24 ساعة مقابل 3 أسابع على ‘آبل‘)، لكنّ ذلك قد يكلّفك التعرّض للبرمجيات الخبيثة."
تأخّر اعتمادها في الشركات. غالباً ما تأخذ الشركات بعين الاعتبار أمن البيانات والمعلومات. ولذلك، فإنّ تأمين تطبيقٍ لشركةٍ يختلف تماماً عن مجرّد بناء أيّ تطبيق، بحسب مدير حلول الشركات في شركة "بلاك بيري الشرق الأوسط"، كريم السيّد. باختصار، من المهمّ وجود "منصّة متنقلة آمنة للشركات" secure enterprise mobility platform.
وتظهر هذه المشكلة خصوصاً مع نزعة الشركات إلى اعتماد مفهوم BYOD أي "اجلب جهازك الخاص" واستخدمه لأهداف مهنية (36.2% مقارنة بـ13.6% من توفير الأجهزة للموظفين عام 2014). وتحدّث السيّد عن بعض البرامج التي طوّرت اعتماداً على تكنولوجيا المصادر المفتوحة، مثل "كنوكس" Knox من "سامسونغ" Samsung الذي يتطلّب أن يمتلك كلّ الموظفين جهاز "سامسونغ"؛ أو حتى "أندرويد فور ورك" Android for Work الذي أعلِن عنه في كانون الثاني/ يناير 2014 ويقدّم برامج تؤمّن وتحمي البيانات والتطبيقات ويمكن إدارتها عن بعد...الا أن السيّد اعتبر أن أنظمة أندرويد المختلفة ("كيت كات" Kit Kat، "لولي بوب" Lollypop...) مقارنة بـ"آبل" تجعل مهمة اعتماد المنصات من قبل الشركات صعبة حتى الآن.
لا شكّ أن أيّ تكنولوجيا تحمل معها الكثير من الحسنات أو السيئات، أو حتّى التساؤلات. وفي حين قد يفضّل البعض "أندرويد" أو "أي أو أس" iOS ويدافع عنه، يعتبر كثيرون أنّ الفكرة وتنفيذها هو الأهمّ. وذلك لأنّ المنصّات ستواصل تطوّرها أيّاً كان النظام الذي تعتمده، وستبقى الفكرة والإبداع هو ما يميّزها.