تائهٌ في المدينة؟ هذا التطبيق المصري سيجدك
"لوك نايم" LocName شركة ناشئة مصرية، إلّا أنّها لم تنبثق من شوارع القاهرة المزدحمة بل من مدينة برشلونة الإسبانية.
قبل عامين، وعندما كان رائد الأعمال الشاب المصري مراد العشري يقضي إجازته مع اثنَين من أصدقائه في مدينة برشلونة، اعتمد على خرائط "جوجل" Google Maps من أجل العثور على المقاصد السياحية. وجد الشاب نفسه في الوجهة الخاطئة مرّاتٍ عدّة، كحين انتهى به الأمر أمام كشك يحمل إسم "بارك جيل" Park Guell بدلًا من بوابات الحديقة الشهيرة.
في ذلك الحين، كانت تلك المرة الأولى التي طرأت فيها إلى ذهنه فكرة "لوك نايم"، التي يجمع اسمها ما بين "لوكايشن" (أي المواقع) و "نايم" (أي اسم). فقد رأى أنّه من خلال تحديد اسمٍ خاصٍّ بكلّ موقع عبر "لوك نايم"، مثلما يُحدّد الرمز البريدي للموقع، سيتمّ وضع حدٍّ لأيّ لغطٍ ناتجٍ عن تعدّد نتائج البحث وتكرار العناوين.
"أدركنا أنّ الحاجة إلى نظامٍ كهذا أكبر بعد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يمكن أن يطلق المقيمون أسماء معيّنة على الشوارع تختلف تماماً عن تلك المذكورة على الخرائط،" كما يقزل العشري، مضيفاً أنّ "كثيرين هم من لا عنوان لهم حتّى، وغالباً ما تكون التوجيهات الشفهية غير دقيقة."
فريق "لوك نايم" يقف أمام مكتب "جريك كامبس" GrEEK campus. من اليسار إلى اليمين: منى الهماهمي، مطورة تطبيقات محمول؛ مراد العشري، المؤسِّس والمدير التنفيذي؛ عبدالصادق النادي، مطوّر مواقع إلكترونية وتطبيقات محمول؛ عمر فرماوي، مطوّر مواقع إلكترونية وتطبيقات محمول. (الصورة لمحمد شعبان)
بدأ الأمر عام 2014 بخريطة إلكترونية تتيح للأفراد إنشاء "لوك نايم" [اسم موقع] خاصٍّ بهم يعطيهم عنواناً وإحداثيات، والأهمّ من ذلك أنّه يمكّنهم من اختيار اسم فريد يكون بمثابة رمز بريدي. وسرعان ما أدرك العشري وشريكاه المؤسِّسان الحاجة إلى تطبيقٍ للهواتف المحمولة بما أنّ الناس يضلّون عادةً الطريق في الشارع وليس في المنزل، فتمّ إطلاق التطبيق في شهر شباط/فبراير. وحتّى الآن، تمّ إنشاء 3400 اسم موقعٍ.
ويقول العشري إنّ "أكثر من 70% من المستخدِمين هم من مصر، و20% منهم من المملكة العربية السعودية، أمّا الآخرون فيتوزّعون في كافة أنحاء العالم."
هل يحلّ مشكلة العناوين للتجارة الإلكترونية؟
خلال إجراء الأبحاث ومحاولة حلّ مشاكل تتعلّق بالخريطة والعناوين، عثر الفريق على حاجةٍ جديدةٍ تتعلّق هذه المرة بالتجارة الإلكترونية. فالخرائط ليسَت غير دقيقةٍ وغير محدّثةٍ وحسب، إنّما غير مكتملةٍ أيضاً. وهذا ما يشكّل عائقاً كبيراً أمام التجارة الإلكترونية وشركات التسليم التي تخسر أموالاً في كلّ مرّةٍ لا تستطيع فيها الوصول إلى العملاء بسهولة.
"نحن نعمل على إنشاء مكوّنٍ إضافيٍّ أو إيجاد حلٍّ لشركات التسليم تتمكّن من خلاله إيجاد عنوان العميل بدقة، بما أنّنا نكون قد تحققنا من العنوان بأنفسنا، ما يضمن أن تكون النتيجة النهائية صحيحةً،" يقول العشري.
وهذه الدقة يضمنها "لوك نايم" من خلال ما يسمّيه العشري "المشاركة الجماعية غير المباشرة" 'indirect crowdsourcing'. فعندما يصل العميل إلى مرحلة الدفع في متجرٍ إلكتروني، يتحقّق "لوك نايم" من تفاصيل عنوانه باستخدام إحداثيات النظام العالمي لتحديد المواقع GPS وخوارزمياته.
التمدّد العمراني السريع في القاهرة يعني أنّ بعض العناوين تغيّرَت أو لم تعد موجودةً على الإطلاق. (الصورة من "لوك نايم")
أين تكمن مصلحة التجارة الإلكترونية؟
عمل "لوك نايم" مع عملاقَي التجارة الإلكترونية الإقليمييَن "جومية" Jumia و"سوق دوت كوم" Souq.com، من أجل تطوير هذا المكوّن الإضافيّ الجديد.
وتحدّت عمر الصاحي، المدير العام لمنصّة "سوق دوت كوم"، عن التواصل مع "لوك نايم" وعن إمكانية اعتماد المنصّة لنظام "لوك نايم" في حال وفّر هذا الأخير قيمةً إضافيةً غير متاحةٍ حالياً على الموقع. وقال لـ"ومضة": "طوّرَت منصّة ‘سوق.كوم‘ حلّاً متكاملاً خاصّاً بها لتحديد مواقع عملائها. فلدى قيام العميل بإجراءات الدفع، يُدخل تفاصيل عنوانه فتظهر على الخريطة."
وأفاد الصاحي أنّ مصر تبلي بلاءً حسناً من حيث دقة الخرائط والعناوين، لا سيما بالمقارنة مع المملكة العربية السعودية. إلّا أّنه يدعم فكرة "لوك نايم" التي تقدّم حلّاً مقبول التكلفة، وتنشئ نظاماً لتحديد مواقع العملاء أكثر تطوّراً أو قابليةً للتوسّع. وأضاف أنّه "في منصّة ‘سوق.كوم‘ قلّما نواجه تأخيراتٍ ناتجةً عن عناوين غير مكتملةٍ أو عناوين ساء تقديرها، وعلى الرغم من ذلك عندما نواجه أمراً مماثلاً فذلك يزعزع ثقة العميل، ما ينعكس سلباً على أعمالنا."
ماذا عن التكلفة؟
تفكّر شركة "لوك نايم" حالياً في ثلاث وسائل رئيسة لجني العائدات، وهي الإعلان المرتكز إلى الموقع الجغرافيّ من خلال إعلاناتٍ تظهر على خرائط المستخدمين، ورسوم إضافية على المكوِّن الإضافي، والتحقّق من العناوين.
وفيما يُتوقّع أن يكون المكوّن الإضافي الميزة الأكثر ربحية، إذ ستدفع كلّ منصةٍ ترغب في استخدام "لوك نايم" للبحث عن عنوان أحد عملائها رسوماً تتراوح بين سنتًا وسنتَين عن كلّ عنوان، يقول العشري: "إنّه مبلغٌ صغيرٌ من المال، إلّا أّننا نعتمد على جمع عددٍ هائلٍ من المستخدِمين."
أمّا بالنسبة إلى المؤسَّسات التي تطلب من مستخدِميها التحقّق من عناوينها كالمصارف والهيئات الحكومية مثلاً، فستفرض لـ"لوك نايم" رسماً صغيراً مقابل خدمة التحقّق من العناوين.
الرؤيا الاجتماعية
لم تقف رؤيا العشري عند هذا الحدّ، بل تعدّته لتصل إلى الأفراد الذين لا عنوان لهم. "ما يلفت الانتباه هو أنّ الفقراء الذين يعيشون في المناطق النائية في مصر ليسوا وحدهم من دون عناوين، فالمقيمون في مجمّعاتٍ سكنيةٍ حديثة البناء عند أطراف المدينة يعانون أيضاً من المشكلة عينها،" بحسب العشري الذي يكمل أنّه "إذا حاولتَ العثور على منزل صديقٍ لك يسكن في مدينة ‘السادس من أكتوبر‘ أو في ‘تجمّع‘، سيكون الأمر جحيمًا بالنسبة إليك ولن يكون أمامك من تسأله عن الاتّجاهات للوصول."
وفي هذا الإطار، يهدف "لوك نايم" إلى إنشاء دفتر عناوين متكامل للمواطنين كافّةً يكون مستنداً إلى المستخدِمين، وذلك من دون الاعتماد على مساعدة الحكومة. وقد تواصل العشري حتّى مع "مصر الخير"، وهي واحدةٌ من المنظّمات غير الحكومية الأكثر شهرةً في مصر، لمناقشة إمكانية رسم خرائط لمواقع المواطنين المهمّشين.
"إنّ امتلاك عنوان هو تماماً كامتلاك هوية، فهو يؤكّد تواجدك كمواطنٍ فعليّ ويسهّل الاستجابة إلى طلبك للمساعدة في الحالات الطارئة،" يقول العشري.