‘هيفوس‘ و‘مشروع قلم‘ يقلبان قطاع النشر الإلكتروني في الأردن
ردّاً على التغيير الّذي طرأ على قطاع النشر في العالم أجمع خلال الأعوام الأخيرة، عقد برنامج "ميديست كرييتفز"Mideast Creatives المدعوم من قبل مؤسَّسة "هيفوس" Hivos بالتعاون مع الشركة الناشئة "مشروع قلم" ProjectPen، فعاليّة "دسربت! كتب!"Disrupt! Books! في عمّان، من الخامس إلى السابع من الشهر الجاري.
وهدفت الفعالية الّتي عُقدت في مبنى "زينك" ZINC في مجمّع الملك حسين للأعمال، إلى دمج أفكارٍ ريادية متمحورة حول النشر والفنّ القصصي مع التكنولوجيا. وبينما قد يعتقد البعض أنّ الإبداع والتكنولوجيا قطبان متنافران، تؤكّد مسؤولة برنامج غرب آسيا لـ"هيفوس"، مونيك دوبرت، أنّ "التكنولوجيا والإبداع مكمّلان لبعضَهما البعض، فالتكنولوجيا تساهم في خلق أفكارٍ مبدعة، ليس فقط من خلال الأدوات التي تتطرحها ولكن أيضاً لأنّ باستطاعتك مشاركة أفكارك مع المهتمّين... فالإنترنت يقدّم روحاً تعاونية." وبدورها، تعتبر الشريك المؤسِّس لـ"مشروع قلم"، ميساء الخضير، أنّ "قوّة ‘مشروع قلم‘ تكمن في الإنترنت. فمن خلال الإنترنت نتواصل مع كتّاب عرب من مختلف البلاد ونستقبل كتاباتهم."
وتضمّنت الفعاليّة ورش عملٍ تمحورت حول الصناعة الإبداعية في الشرق الأوسط والفنّ القصصي، كما واستضافت متكلّمين ليشاركوا خبراتهم في الكتابة والفنون. وقد ساهمت هذه الجلسات في بلورة أفكار المشاركين الذين بلغ عددهم حوالي الثلاثين، وهيّئتهم لعرضها أمام لجنة حكّامٍ قامَت باختيار أفضل ثلاث أفكار في اليوم الأخير.
وتنوّعت أفكار المشاركين من ناحية المحور والقناة المستخدَمة، فكان هناك من اقترح تطبيقاً يعيد إحياء الكاريكاتير العربي، ومن أراد بدء منصّةٍ إلكترونية لتبادل الكتب العربية، ومنصّةٍ إلكترونية للكتب الصوتيّة.
الفائزات (من اليسار) هبة العليوات، ديانا اسحاقات، روان بيبرس وفاطمة و النهى شرو
أمّا الذين فازوا في الفعالية، فكان من بينهم هبة عليوات التي حازت على المركز الأوّل عن موقعها الإلكترونيّ الّذي تنوي أن تنشئه لتوجيه الكتّاب العرب على كيفية نشر كتبهم بطريقةٍ مبسّطة. وكمكافأةٍ لها، تلقّت عليوات 2000 ديناراً بالإضافة إلى عقد نشر مع "مشروع قلم". أمّا المركز الثاني، فحازت عليه فكرتان اثنتان؛ الفكرة الأولى لصاحبتها روان بيبرس، التي تنوي أن تستخدم التصوير كأداةٍ لتعبير المتوحدّين عن أنفسهم؛ والفكرة الثانية قدّمتها كلٌّ من قِبل فاطمة والنهى شرّو، وهي إعادة صياغةٍ للقصص العربيّة الشعبيّة من خلال كاريكاتير "المانجا". وقد حازت الفائزات على عقد نشر مع "مشروع قلم". وأخيراً، حازت ديانا إسحاقات على المركز الثالث، عن فكرة موقعها الإلكترونيّ الّذي سيقوم بتقديم خدمات تحرير للكتّاب كالتدقيق اللغوي والتحرير ورسم الغلاف. وتلّقت إسحاقات إشتراكاً مع "زينك".
وفعالية "دسربت! كتب!" تأتي ضمن سلسلة "دسربت" المُقدّمة في مختلف أنحاء الوطن العربيّ لتشجع المحتوى الإبداعي العربي، التي سبق وعقدَت في تونس فعالية "دسربت!ميديا!" Disrupt! Media! بالتعاون مع مساحة العمل المشتركة "كوجيت" Cogite، وفي مصر "دسربت!غرافيكس" Disrupt! Graphics! و"دسربت! ديساين!" Disrupt Design بالتعاون مع "انوفنتشرز" Innoventures. كما ستستمرّ الفعاليّات في الشهر المقبل، في بيروت ولاحقاً في تونس مرّة أخرى.
وبالنسبة للإسم الذي اختارته الفعالية لنفسها، "دسربت" disrupt، تقول دوبرت إنّه "إذا أردتَ أن تكون مبدعاً، لا بدّ أن تنقلب على الوضع الراهن. فلا بدّ أن تغيّر شيئاً!"
مكانة الفعالية من قطاع النشر
يعتبر مؤسِّس "مشروع قلم"، جون ليليوايت، أنّ "دسربت! كتب!" كانت فكرةً ممتازة، "لأنّ النشر الورقي يتضائل، وهناك جيلٌ صاعدٌ يستهلك مواقع التواصل الاجتماعي بالدرجة الأولى، ويتواجد إلكترونياً باللغتَين العربية والإنجليزية ليختبر المحتوى الإلكترونيّ بطرق جديدة... وساهمت هذه الفعاليّة في إيجاد حلولٍ جديدةٍ تتناسب مع هذا التغيير."
الفائزات مع ميساء وجون
وبالفعل، إنّ القطاع يتغيّر. فلقد ظهر خلال الأعوام الأخيرة انحدارٌ ملحوظٌ في مبيعات الكتب الورقية لصالح الإلكترونية منها. لقد ارتفعت أرباح الكتب الإلكترونيّة في المملكة المتحدة بنسبة 366% خلال عام 2011، كما تتوقّع شركة "برايس واتر كوبرز" pwc أنّ عام 2018 سيشهد تفوّقاً لمبيعات الكتب الإلكترونية على المبيعات الورقية في المملكة المتحدة. هذا ومن المفترض أن تزيد أرباح سوق الكتب الإلكترونية الغير أكاديمية ثلاثة أضعافٍ خلال 2014- 2018، من 380 مليون جنيهاً استرلينياً إلى مليار جنيهٍ استرليني. وذلك بينما ستنخفض أرباح الكتب الورقية إلى الثلث، حيث يتوقّع أن يمتلك 50% من الشعب البريطاني ألواح قراءة إلكترونية.
وحتّى على الصعيد العربيّ، بدأت الكتب الإلكترونيّة بإثبات وجودها. ففي معرض بيروت العربي والدوليّ للكتاب بنسخته الـسابعة والخمسين، قالت لينا قصّار من دار الشروق للطباعة والنشر لموقع الشرفة، إنّ الإقبال على شراء كتب المطالعة تراجع بنسبة 55%، مقارنةً مع الأعوام الماضية. ويعتقد الكثيرون أنّ السبب الأساسيّ وراء هذا التراجع هو الانحياز إلى الكتب الإلكترونية كبديل.
بدأت مساحة القرّاء والكتّاب العرب تتزايد على الإنترنت بفضل شركاتٍ ومنصّاتٍ ساهمت في نموّ القطاع ومواكبة العصر، كمكتبة النيل والفرات وتطبيقها "آي كتاب" Ikitab، وجملون ودار الكتب، المتجران الإلكترونيّان الّلذان يوّفران خدمة التوصيل، وتطبيق ياقوت الذّي يقدّم مكتبةً إلكترونيةً مجانيّةً، بالإضافة إلى تطبيقات كتب، سيبويه ومكتبة نون الإلكترونية و"إي كتاب" e-kitab. ولا ننسى أخيراً أن نذكر رفّي، موقع التواصل الاجتماعي الذّي يتيح للقرّاء المشاركين تحميل الكتب العربيّة ومراجعتها مع أعضاء الموقع.