ما هي حسنات وسيئات أن تكون مؤسِّساً أجنبياً في مصر؟
إيميلي رينّي مواطنة بريطانية ومحلّلة مالية سابقة عاشت
سابقاً في مصر لعامَين، أصبحت الآن شريكةً مؤسِّسةً
لمنصّة التمويل الجماعيّ التي تدمج تقنيات الألعاب في مجال العمل،
"تينرا" Tennra. وكونها شريكةً
مؤسِّسةً في مصر، فإنّ ذلك أعطى شركتها الناشئة مزايا معينةً، بحسب ما
تقول، من دون أن تغفل عن المشاكل القانونية التي قد تواجهها.
تقول رينّي إنّ إحدى أبرز المنافع كانت قدرتها على تسجيل "تنرا" بكلّ
سهولةٍ كشركةٍ في المملكة المتّحدة، باستخدام عنوانها هناك. فالتسجيل
في بريطانيا لا يكلّف سوى 15 جنيهاً استرلينيّاً و15 دقيقةً من الوقت،
مقارنةً بما يتطلّبه الأمر في ديلاوير في الولايات المتّحدة حيث تسجّل
الكثير من الشركات الناشئة المصرية. فالرسوم التي تبدأ هناك من 250
دولاراً أميركياً، يمكن أن تصل حتى 400 دولارٍ إذا أراد المؤسِّسون أن
تُرسَل الوثائق المصدَّقة خارج الولايات المتّحدة، أضف إلى أنّه
يتوجّب عليك دفع ضريبة امتيازٍ سنوية تبلغ 300 دولار.
وفي المقابل، فإنّ السيئات في مصر التي تتضمّن التغييرات
التي طرأت العام الماضي على قانون العقوبات، هي مسألةٌ تعيها رينّي
تماماً. إذ إنّ التعديلات تحظّر تلقّي المال مقابل أيّ نشاطاتٍ تُعتبر
مؤذيةً لمصالح مصر الوطنية، وتدرج عقوباتٍ أكثر قساوة. ولقد خلقت
الصيغة الغامضة للنصّ القانونيّ بالفعل،
مخاوفَ بشأن إمكانية استهداف مجموعات حقوق الإنسان المحلّية والصحفيين
الذين يتقاضون المال من مصادر أجنبية.
ومع أنّه من غير المرجّح أن يتمّ القبض على روّاد أعمالٍ أمثال رينّي
في الإطار القانوني الموسّع، إلاّ أنّ من الأجانب الذين يعملون في
شركاتٍ ناشئةٍ مصريةٍ أخبروا "ومضة" أنّهم يتخوّفون من هذا الأمر.
وفي حديثٍ لـ"ومضة"، تقول رينّي، "أنا قلقةٌ قليلاً بشأن الطريقة التي سيتمّ النظر فيها إلينا. ولكنّني أدرك جيّداً المخاطر والسلبيات المحتملة بشكلٍ عام. وبالرغم من أنّني ألقى استقبالاً جيّداً خلال سكني في مصر، لكنّ ثمّة ما يكفي من خطابٍ معادٍ للأجانب في الإعلام لدرجة أنّه أصبح أمراً أعيه وأفكّر فيه."
وتضيف هذه الرائدة البريطانية، "حتّى الآن، لم نواجه أيّة مشاكل متعلّقةً بالنظرة إلى الأجانب. وأعتقد شخصياً أنّ الأهمّ هو مهارات الأفراد المعنيين في المؤسَّسة وليس جنسيتهم."
من جهةٍ ثانية، تبقى اللغة من إحدى المسائل التي تثير إحباط ريني، وبخاصّةٍ حين تشعر بأنّها لا تشارك بقدر ما ترغب في الاجتماعات التي يتكلّم فيها الحاضرون بالعربية. ومع ذلك، فإنّ من أبرز المنافع لـ"تينرا"، أنّها تضمّ شخصاً يتكلّم الإنجليزية كلغته الأمّ.
وتقول عن هذا الأمر، "أتكلّم العربية بشكلٍ جيّدٍ يكفي لأُجري اجتماعاتٍ بالعربية، كما أنّني أستخدم هذه اللغة كثيراً،" وذلك بفضل شهادتها في العربية والدراسات الإضافية التي أجرتها في مصر. كما أنّ تواجد شخصٍ يتكلّم الإنجليزية كلغته الأمّ، يعود على الشركة بمنافع مالية أيضاً، حيث تمكّنت رينّي من صياغة شروط وأحكام الموقع الإلكتروني بنفسها عبر انتقاء صفحاتٍ من مواقع مشابهة، ما وفّر عليها أتعاب المحامي.
وتضيف قائلةً، "من أهمّ المنافع التي يمكن أن تعود على الفريق الذي يضمّ شخصاً أجنبياً، وتحديداً شخصاً لغته الأمّ هي الإنجليزية، هي التمكّن من صياغة المقترحات وطلبات المشاركة في المسابقات وخطط العمل." إذ أنّ القدرة على إيصال فكرة المؤسَّسة يضاهي على أهمّيته، التمتّعَ بنموذج عملٍ يمكن البدء به.
وفي وقتٍ ينبغي على أيّ شركةٍ ناشئةٍ مصريةٍ لها مؤسِّسٌ أجنبيٌّ أن تتصدّى لبعض القيود العملية، يقول المحامي أمير مرغاني الذي يتولّى شؤون "تينرا" إنّ الحلّ يكمن في بناء الهيكل الصحيح للمؤسّسة، كي لا يشكل وجود مؤسِّسٍ أجنبيٍّ مشكلةً لها.
وفي رسالةٍ إلكترونيةٍ عامّة، يحكي الأرمنيّ هايك هاكوبيان، أحد الشركاء الثلاثة المؤسِّسين لتطبيق تقاسم المواصلات الاجتماعي "كار تاج" KarTag، عن الضروريات اللوجستية التي تُفرَض على شخصٍ أجنبيٍّ يملك شركةً ناشئةً مصرية.
وممّا جاء في هذه الرسالة، "انطلاقاً من تجربتي في تسجيل شركةٍ ناشئةٍ أسّسها أشخاصٌ مصريون وأجانب (أنا) في مصر، يمكنك تسجيل الشركة بملكيةٍ مختلطة حيث لا يشكّل ذلك فرقاً كبيراً من حيث الوقت والموارد." أمّا الفرق الحقيقيّ الوحيد في إنشاء الشركة، يتجلّى في اضطرار المديرين الجدد لتوكيل محاميهم لتسجيل الشركة، كما يجب أن يكون من بينهم على الأقلّ مديرٌ واحدٌ مصريّ الجنسية.
وبعد ذلك، يتوجّب على المحامي أن يعمل للحصول على تصريحٍ أمنيٍّ للمؤسِّس الأجنبيّ. إذ ينبغي على بعض الأشخاص الأجانب كالذين يحملون الجنسيات الصينية أو أيّة جنسيةٍ من الجمهوريات السوفيتية السابقة، أن يحصلوا على مثل هذا التصريح قبل دخول البلد.
ويضيف هاكوبيان، "لسوء الحظ، على حد علمي على الأقلّ، إذا كنتَ شريكاً في شركةٍ محدودة المسؤولية، فذلك لا يعطيك الحقّ بالحصول على تأشيرة."
لقد شكّلت مسألة التأشيرة إحدى أكبر المشاكل اللوجستية التي واجهتها رينّي حتّى الآن، فمن الصعب جدّاً الحصول على تأشيرةٍ لأكثر من ثلاثة أشهر. وعليه، فإنّ اختيار الوقت الأنسب لزيارة الكاتب العدل لصياغة الوكالة في الوقت المتبقّي على التأشيرة، هو عملٌ شاقٌّ وصعب.