لمَ يجب أن يعمل الخرّيجون الجدد لدى شركاتٍ ناشئة؟
يبدأ معظمُ خرّيجي المنطقة الجامعيّين مسيرتَهم المهنية بالبحث عن وظائف في شركاتٍ كبرى، لأنّهم يعتقدون أنّ ذلك سيسمح لهم بتكوين سيرةٍ ذاتيةٍ ملفتة ويعود عليهم بفرص عملٍ أفضل في المستقبل.
ولكن من جهةٍ أخرى، يواجه الكثير من روّاد الأعمال صعوبةً في توظيف الأفراد المناسبين الذين يحتاجون إليهم للتوسّع. إذ لا يملك في العادة مؤسِّسو الشركات الناشئة ما يكفي من الموارد لتوظيف أفراد ذوي خبرة، كما يعتقدون أنّه لا يمكن الاعتماد على خرّيجين لا خبرة لديهم.
وبالنسبة لمسيرتي المهنية الشخصية، فإنّني أدّيتُ الدورَين حتّى الآن: كنتُ خرّيجاً جديداً يعمل في شركةٍ ناشئةٍ، ومن ثمّ أصبحتُ مؤسِّساً لشركةٍ ناشئةٍ لم يكن لديّ فيها خيارٌ سوى توظيف خرّيجين جدد.
نشهد في السنوات الأخيرة زيادةً في النقاش حول بطالة الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تُعدّ الأعلى في العالم بمعدّل 27% في الشرق الأوسط و29% في شمال أفريقيا، كما وحول إمكانيات ريادة الأعمال الضخمة في حلّ هذه المشكلة. وفيما يجري العمل حالياً على أنشطة مناصرة لنشر ثقافة ريادة الأعمال في المنطقة، لا يزال ذلك غير كافٍ لتسليط الضوء على قيمة أن تكون موظّفاً في شركةٍ ناشئة والمشاكل التي يمكن للعمل في شركةٍ ناشئةٍ حلّها.
أُجري في هذا المقال مقارنةً بسيطةً بين العمل لدى الشركات الكبرى والشركات الناشئة، من وجهة نظر الموظّف والمؤسِّس، ولأبيّن كيف يستفيد هذا الأخير من توظيف خرّيجين جدد لديه.
من وجهة نظر خرّيجٍ جديدٍ، يُعدّ العمل في شركةٍ ناشئةٍ أفضل من العمل في شركةٍ كبرى للأسباب التالية:
- فسحةٌ أكبر للابتكار:
تحتاج الشركات الناشئة إلى العقول الجديدة لتخرج بحلولٍ مبتكرةٍ
لمواجهة التحديات. وبسبب طبيعة الشركات الناشئة المتطوّرة باستمرار،
يُعدّ روّاد الأعمال من أفضل الأشخاص الذين يمكن للخرّيجين الجدد
التعلّم منهم. ممّا يساهم أيضاً في تعزيز ثقافة ريادة الأعمال في
الشركة وبين أعضاء فريق العمل.
- لا يتعلّق الأمر
بالمسمّى الوظيفيّ: عندما تكون جزءاً في فريق عمل شركةٍ ناشئة، تتسنّى
لك على الأرجح فرصة المشاركة في أعمال الشركة على جميع الأصعدة.
فيساعدك على التعرّف إلى مجالات العمل التي تهمّك خارج إطار خبرتك
الأكاديمية، بالإضافة إلى كل الأمور التي يمكنك تعلّمها واختبارها
بوتيرةٍ أسرع.
- مرونةٌ أكبر: بعيداً
عن البيروقراطية الصارمة التي تسود الشركات الكبرى، يتسنّى لك في
الشركة الناشئة مزيداً من المرونة على مستوياتٍ كثيرة (كساعات العمل
واللباس وغيرها). فهذه التفاصيل الصغيرة ستُشعرك براحةٍ أكبر،
وبالتالي ستزيد من إنتاجيتك.
- نموّ أسرع: إنّ العمل
في فريقٍ صغير والقيام بأنشطةٍ أكثر من تلك التي تمّ توظيفك للقيام
بها، سيُعطيك الخبرة والفرص التي تحتاج إليها لتتمّ ترقيتك بشكلٍ
أسرع.
- لا وجود للبيروقراطية: العمل في فريقٍ صغيرٍ يعني احتمالاً أكبر في كسب صداقة المؤسِّسين وسائر الموظفين، وبالتالي إتمام الأمور بوتيرةٍ أسرع.
يبدو كلّ ذلك عظيماً، أليس كذلك؟ ولكن بالطبع توجد سيّئاتٌ للعمل في شركاتٍ جديدة، بما فيها احتمال عدم الاستقرار الوظيفيّ بما أنّ الشركة لا تزال بحكم تعريفها مجرّد تجربةٍ قد تفشل أو تنجح. أضِف إلى ذلك عدم الاستقرار الماليّ بحكم محدودية موارد الشركات الناشئة، وغياب أيّ بنيةٍ واضحةٍ ما يمكن أن يؤدي إلى استغلال الموظّف.
عندما أصبحتُ رائد أعمال، كان توظيفُ خرّيجين جدد الخيارَ الوحيد المتاح أمامي لكي أنطلق بمؤسَّستي إلى الأمام، نظراً إلى مواردي المحدودة جداً. وفيما يلي، أقدّم إليك بعضاً من حسنات توظيف خرّيجين جدد الذي لا يتطلّب ماليةٍ كبيرةٍ أيضاً.
- التعطّش للمعرفة: يتوق الخرّيجون الجدد دائماً
إلى تعلّم أمورٍ جديدة. وبالتالي على روّاد الأعمال أن يستفيدوا من
هذا الأمر ويعطوا موظّفيهم هذه المساحة للتعلّم، لأنّ هؤلاء الموظفين
هم الذين سيساعدون الشركة على النموّ.
- سهولة القولبة: من أبرز منافع توظيف خرّيجين جدد
هو أنّه يسهل قولبة خبرتهم بما يتلائم مع متطلّبات الشركة. معظم
الخرّيجين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا يلتزمون باختصاصهم
الأكاديمي عندما يبحثون عن وظيفة، وهذا يعود إلى نقص فرص العمل بشكلٍ
أساسيّ. وبالتالي، يمكن لروّاد الأعمال الاستفادة من ذلك عبر مساعدتهم
على بناء مسارٍ مهنيٍّ لا يتماشى بالضرورة مع شهادتهم.
- الحماسة تجاه ثقافة الشركة: لم يختبر الخرّيجون الجدد بعد ثقافة الشركة عن كثب، ولذلك فإنّ توظيف مواهب شابّة وجديدة يدعم جهودك في بناء ثقافة شركةٍ رياديّةٍ تستمرّ في التحسّن مع نموّ الشركة. وهذا ما يسهّل أيضاً نموّ ثقافة روح المبادرة وريادة الأعمال بين الموظفين، الذين قد يصبحون يوماً ما روّاد أعمالٍ بأنفسهم.
في كلتا الحالتين، سواء كنتُ الموظّف أو المؤسِّس، كانت الاستفادة من خبرة المرشدين الطريقةَ الفضلى لأكتسب المعرفة والمشورة اللازمة لسدّ الثغرات الناجمة عن نقص المواهب.