خمس شركات ناشئة مبهرة لتكنولوجيا الزراعة في مصر
بعد صدور نشرة التكنولوجيا الزراعية الأسبوع المنصرم، تمكّنا من تدوين خمسة شركاتٍ ناشئةٍ متوقَّعةٍ تسعى إلى الثورة على الطريقة التي تتّبعها مصر في الزراعة.
بدأت ثقافة ريادة الأعمال لدى المؤسس والرئيس التنفيذي وليد سرور في السعودية، من خلال فكرة استعمال تردّدات الراديو في مزارع الأبقار.
بعد أن عاد عام 2012 إلى مصر للحصول على شهادة الماجستير من جامعة النيل، تمكّن بحلول شهر شباط/ فبراير ٢٠١٣من بناء مفهوم "فارمينال"؛ نظام برمجيات يستخدم الكاميرات الحرارية لقياس حرارة أثداء الأبقار، للتنبيه المبكر عن حالات التهابها.
ويعتبر سرور أن هذه المشكلة منتشرةٌ في العالم، وهي ذات تكلفةٍ ضخمة. ففي حين يمكن أن يكلّف التهاب الثدي الواحد حوالي 100$ لكلّ حالة، يمكن أن تشهدالقطعان إصاباتٍ عدّة في الأسبوع وصولاً إلىإاصابتين أو ثلاث في النهار الواحد.
في شهر أكتوبر/تشرين الثاني من هذا العام، انتهت "فارمينال" من جولةٍ في حاضنة الأعمال "فلات6لابز" Flat6Labs. كما سبق لها أن فازت بمنحةٍ من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ITIDA، لمشاركة الأبحاث مع جامعة القاهرة ( للتحايل على مشكلةٍ كبيرة ضمن أبحاث قطاع التكنولوجيا الزراعية تمّت ملاحظتها في المؤسسات الأكاديمية). ويتوقع سرور مع شريكه الدكتور محمد رشدي، الحصول على منتجٍ تجاريٍّ جاهزٍ في وقتٍ قريبٍ من السنة المقبلة.
أما الاختبار الجدّي حاليّاً، فهو يكمن في مدى قدرة سرور على إقناع كبار منتجي الحليب والألبان في مصر، مثل "ديلافول" Delavol السويدية و"فولوود" Fullwood البريطانية والشركة المحلية "جهينة" Juhayna، بتطبيق نظامه في برمجيّاتهم الداخلية، أو إقناع كبار مزارعي الأبقار على استخدامه وإجبارهؤلاء المنتجين على اعتماده.
لاحظ الزوجان علي أبو زيد وزوجته إيمان حسن، مهندسا الميكانيك من مدينة المنصورة في الدلتا، وجود ثغرةٍ في السوق تتيح وجود آلاتٍ رخيصةٍ لصناعة الأغذية.
فيما تسوّق "سي يو بي" منتجاتها في منطقة الدلتا وأراضي مصر الجنوبية، تقول حسن إنّ "هذه الأسواق، وخاصّةً مصانع الألبان، لا تتوفّر فيها آلات التعبئة والتغليف".
بعدما كان مشروعهما الافتتاحي عبارةً عن آلةٍ لتعبئة الخلّ، بدءا منذ ذلك الحين بأعمالٍ أكبر فأكبر؛ انطلاقاً من توصيل أنابيب وخزّاناتٍ لمصنع ألبان متوسط الحجم، مروراً بمجموعةٍ كاملةٍ من المعدات الصناعية لمصنعٍ آخر، وصولاً إلى آلةٍ لتعبئة الأجبان وتغليفها بالإضافة إلى ثلاثة أنواعٍ مختلفةٍ من آلات تعبئة اللبن وتغليفه.
تتقدّم "سي يو بي" اليوم بخطى سريعة، وذلك عقب جولةٍ مع حاضنة الأعمال "إنّوفنتشرز" Innoventures إضافةً إلى استثمارٍ في شهرحزيران/يونيو من المستثمر التأسيسي المصري ومؤسِّس "سيس دي سوفت" SysDSoft، خالد إسماعيل.
بدأ الزوجان ذوو الأعوام السبعة والعشرين عاماً بالتصميم بين عامي 2009 و2010، حيث تمكّنا من إنجاز 12 صفقة أمّنت لهما أكثر من 80 ألف دولار أميركي كأرباح. أمّا حاليّاً فهما يخوضان مرحلةً من التفاوض مع أكثر من 10 آخرين.
"أجريماتيك فارمز" Agrimatic Farms
يطمح أصحاب هذه الشركة ليصبحوا الأكبر في قطاع الزراعة المائية السمكية "الأكوابونيك" aquaponics في مصر، من خلال بيع سمك البلطي العضوي والخضار الورقية الرخيصة لتجّار الجملة، وبسعرٍ أقلّ للمحال التجارية الكبيرة كمنتجاتٍ ذات علامةٍ تجارية.
ولكن في بداية الأمر، يجب على مؤسسي "أجريماتيك" الأربعة أن يختتموا خلال شهرٍ عدداً من صفقات التزويد الكبيرة التي يتوقّعها الرئيس التنفيذي مصطفى حسنين.
وبما أنّ المفهوم يتطلّب نظاماً مغلقاً كليّاً، أمضى الفريق سنةً ونصف السنة يدرسون الأسواق وتقنيات هذا العمل. إذ يتطلّب الأمرأن تتمّ العملية داخل بيتٍ زجاجيٍّ محميٍّ من العناصر الخارجية، حيث تمرّر الماء العناصر الغذائية من خزّانات الأسماك إلى أحواض الزرع. وينتج عن ذلك نوعيَن منفصلَين من المحاصيل، حيث يتمّ توفير حوالي 90٪ من المياه مقارنةً بالطرق الزراعية التقليدية، إضافةً إلى أنّه لا يوجد شيءٍ يتمّ التخلّص منه أو استخدامه لمرّةٍ واحدةٍ فقط.
إنّ شراكة "أجريماتيك" مع عائلةٍ من المزارعين، ساهمت في حلّ مشكلةٍ أساسيةٍ تتمثّل في تأمين مصادر الأراضي. ويقول حسنين الذي قام وفريقه بالبحث في أراضي الدلتا وجنوب القاهرة عن بقع الأرض المناسبة، إنّ التكلفة المبدئية لمشاريع الزراعة المائية السمكية "الأكوابونيك" تصل إلى 233 ألف دولار أميركي للهكتار الواحد. ويبدو أنّ هذا الوضع الحاليّ القائم على مشاركة الأرض والأرباح بدلاً من دفع الإيجار يعمل بشكلٍ جيّد، حيث يجري حسنين وفريقه محادثاتٍ مع أفرادٍ وشركاتٍ أخرى لرفع مستوى العلاقة.
يقول حسنين إنّ هذه الشركة الناشئة ليست مربحةً بعد، ولكن "ستبدأ بجني الأرباح قريباً إن شاء الله."
يبدو أنّ الطاقة الشمسية هي المفهوم القادم لإنتاج الطاقة في مصر، حيث يوجد مجالٌ لشركات الغاز الحيوي الناشئة لتقوم بدورٍ مؤثّر، وذلك نظراً لكون القاهرة تنتج وحدها حوالي 15 ألف طنّ من النفايات يومياً.
"بيوجاز بيبول" التي جاءت كفكرةٍ لهاني الخضري (الصورة أدناه)، هي شركة ناشئة لا تزال في مراحل التطوير الأوّلية، لكنّها تمتلك خططاً كبيرةً لاستغلال النفايات الزراعية والنفايات المدنية بهدف إنتاج الوقود. فهي ستقوم بتوفير وحداتٍ صغيرة للأحياء المدنية الفقيرة كعزبة النصر في القاهرة، إضافةً إلى معامل أكبر لمزارعي الدواجن لتصريف نفايات الدجاج.
الخضري الذي قابلته "ومضة" في مدينة فرانكفورت كان يشعر بالصقيع. ولكنّه لم يتوقّف عن مطاردة بعض الشركات الرائدة الألمانية باحثاً عن شركاتٍ تعنى ببناء وتركيب محطات الغاز العضوي، مثل "ألينسيس" Alensys و"ب3" B3 و"ألفونسو كريج" Alfonso Kriege، لدفع عجلة تطوير المعامل الكبيرة في مصر.
هذه الفكرة التي بدأت في شهر ديسمبر/كانون الثاني عام 2012، احتضنتها المنظمة الاجتماعية غير الحكومية "نهضة المحروسة" ودعمتها "كلين تك أرابيا"CleanTech Arabia. وبينما تركّز حالياً على تطبيق مفهوم الغاز العضوي في صناعة الدواجن، يقول الخضري إنّ الخطوة القادمة ستكون دراسةً للجدو الاقتصادية لهذا القطاع، ولكنّه في المقابل لم يجد إلّا شركة واحدة ترغب في اختبار هذه التكنولوجيا.
بدأ شريف حسني وشقيقه طارق مشروعهما في الزراعة المائية "هيدروبونيك" hydroponic على سطح المبنى في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2010، وأتمّا صفقة البيع الأولى في شهر شباط/ فبراير عام 2012. وحاياً لديهما 50 مزرعة يملكها أشخاصٌ في السوق التي يستهدفانها من الأحياء الفقيرة، بالإضافة إلى مجموعةٍ من الأشخاص من خارج هذه الأماكن. كما يملكان حوالي 16 من "الجدران الخضراء" green walls، التي تستهدف الأعما والشركات الكبرى.
ويقول حسني لـ"ومضة"، "نحن نسعى لبناء مشروعٍ تجاريٍّ وليس منظّمةٍ غير حكومية، لأنّنا نرغب في تحقيق نوعٍ من الاكتفاء الذاتي". كما يضيف أنّ الهدف الأساسيّ كان مساعدة الناس من ذوي الدخل المحدود على زيادة نسبة غذائهم الصحّي، أمّا "الجدران الخضراء" التي جاءت فيما بعد بشكلٍ مفاجىءٍ تؤمّن حالياً حوالي 70% من إيراداتهما.
الجدران الخضراء لدى "شاضوف"
يقول حسني إنّ إيرادات حدائق أسطح المباني لدى الزبائن ذوي الدخل المنخفض، تأتي من خلال تسديد ثمن هذه التكنولوجيا عبر الوقت، حيث يقومون بشراء المحصول وبيعه في أسواق المزارعين في محيط القاهرة.
ويتابع قائلاً، "لم نرغب في أن يتمّ الأمربحصولهم على شيءٍ مجاني، لأنّنا شعرنا بأنّهم إذا لم يقوموا بإستثمار شيءٍ في هذا المشروع فلن يهتموا به."
يشعر حسني بالتشويق حيال آفاق الزراعة المائية مستقبلاً، ويعبّر عن ذلك بقوله "هناك إمكانيّات هائلة، بسبب وضع مياهنا، إنّه لأمرٌ ممتاز.".