6 مستثمرين يتفقون: لدعم البيئة الحاضنة عليك بزيادة الأرباح
هذه المقالة الثانية من سلسلة مقابلاتٍ مع أبرز المستثمرين في المنطقة العربية، في محاولةٍ لتسليط الضوء على فرص التمويل وعلى الموارد المتاحة لروّاد الأعمال. إقرأ الجزء الأوّل هنا.
في الأسواق الناضجة مثل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، غالباً ما يعمل المستثمرون أصحاب رأس المال المخاطر من وجهة نظرٍ ربحيةٍ بحتة. ولكن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث يُعتبر خلق فرص العمل حاجةً ماسّة، هل يرى أصحاب رأس المال المخاطر لأنفسهم دوراً في هذا، أم أنّهم مستثمرون وحسب؟
كشفت دراسةٌ أجراها مؤخّراً مختبر ومضة للأبحاث تحت عنوان تعزيز طرق الوصول إلى التمويل: تقييم مشهد التمويل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أنّ نحو 28% من روّاد الأعمال شعروا أنّ المستثمرين لا يؤمّنون قيمةً كافيةً من خلال المال. وفي المقابل، شعر 59% من المستثمرين أنّ روّاد الأعمال في المنطقة يفتقرون بالإجمال إلى التخطيط الاستراتيجي وإلى مهارات اتّخاذ القرارات. بالإضافة إلى ذلك، أشار 46% من المستثمرين أيضاً إلى أنّ روّاد الأعمال لا يملكون معرفةً ماليةً كافية.
ما هو الدّور الأفضل الذي يمكن لصاحب رأس المال المخاطر أن يلعبه في بناء البيئة الحاضنة للأعمال، من خلال الشركات التي يستثمر فيها حالياً أو يريد ذلك في المستقبل؟ يحدّثنا عن هذا الأمر ستةٌ من أبرز المموّلين في المنطقة:
فيليب بوانيه، نائب الرئيس لشؤون الاستثمار، في سلطة واحة دبي للسيليكون (DSOA)
يقول نائب الرئيس إنّ رأس المال المخاطر يقوم بالاستثمار فقط عندما تحرّكه الربحيّة. ولذلك فنحن نستثمر بهدف الربح فقط، بغضّ النظر عن التأثير المحتمل في خلق فرص العمل. أمّا وقد قلتُ ذلك، فلأننا نعلم بأنّ الاستثمار (الذي يبتغي الربح وحسب) سيقود إلى خلق فرص العمل كما يظهر في العديد من الأمثلة والدراسات.
ويُعتبر "مكتوب"/جبّار Maktoob و"سوق دوت كوم" Souq.com (الذي يوظّف الآن ما يزيد على 1000 شخص)، من الأمثلة الأبرز في المنطقة. وعلى حدّ علمي، فلقد تمّ العمل بالاستثمارَين الاثنَين على أساس الربح وليس فرص العمل.
عيسى أغابي، رئيس الاستثمارات في "توفور54" twofour54
يعتمد هذا على نوع رأس المال المخاطر. فأصحاب رأس المال المخاطر التقليديون في أيّ مكان في العالم تقودهم الربحيّة بشكلٍ بحت، وهم محقّون في ذلك. ولشركائهم المحدودين حقوقٌ عليهم، فيحتاجون بالتالي للعمل على هذا النحو. أمّا في حالاتٍ أخرى، حيث لا يخضع رأس المال المخاطر للشريك العام (GP) أو الشريك المحدود(LP)، فيستطيع أصحابه عندها أن يضطلعوا بأدوارٍ أخرى كبناء الصناعات وتنمية البيئة الحاضنة.
لا يجب أن يقفز أصحاب رأس المال المخاطر نحو خلق فرص العمل، اتركوا هذه المهمّة للحكومات! فالتركيز على الأسواق الناشئة التي تحمل إمكانات نموّ، يجعل من خلق فرص العمل أمراً القائياً.
داني فرحة، الرئيس التنفيذي لـ"بيكو كابيتال" BECO Capital في دبي.
لشركات المبتكرة التي يمكن أن تصبح احتكارية، تجني أرباحاً هائلة. ويعني هذا أجوراً عالية ونموّاً مرتفعاً، واستمراراً في خلق فرص العمل. هذه هي الطريقة المثلى التي يمكن للمستثمر أن يساهم من خلالها في بناء البيئة الحاضنة. وذلك عبر الاستثمار في روّاد الأعمال، الذين يستطيعون من خلال التقنيات والابتكارات، أن يوجدوا ناتجاً محلّياً إجمالياً جديداً. وبالتالي لا يكونون حجر عثرة في طريق اللاعبين الحاليين، بل يشكّلون قيمةً تراكمية في الاقتصاد.
وعلى سبيل المثال، فإن العمل لدى "جوجل" Google أفضل من البدء بشركةٍ ستعاني من منافسةٍ كبيرة. وبالتالي لن تتمكّن من الإتيان حتّى بقيمة الاقتراح لأصحاب المصلحة بالقدر الكافي.
زياد مختار، شريكٌ في صندوق رأس المال المصري "أيديافيلوبيرز" Ideavelopers
إنّ عدم الاندفاع نحو الربحيّة كمقياسٍ للنجاح سيكون الخطأ الأكبر، وسيكون أيضاً الفعل الأكثر ضرراً بالبيئة الحاضنة للأعمال. أضف إلى ذلك أنّ روّاد الأعمال ليسوا بالخبرة الكافية التي يتمتّع بها نظراؤهم في الأسواق الناضجة. وهذا ما يحتّم علينا التزاماتٍ للاستثمار في الوقت، بهدف تعزيز الوعي وتقديم النصح والإرشاد لروّاد الأعمال_ أحياناً قد يدوم الأمر لفترة طويلة قبل القيام بأيّة صفقة.
وليد حنّا، الشريك الإداري في مؤسّسة شركاء المبادرات في الشرق الأوسط Middle East Venture Partners fund MEVP، وهي من أكبر صناديق التمويل اللبنانية
تُعتر
صناعة رأس المال الخاطر حديثة العهد في المنطقة، ولذلك يترتّب علينا
كرائدين في هذا المجال أن نجعلها مستدامة. وهذه الاستدامة تتطلّب
توليد الأرباح من أجل شركائنا المحدودين LPs، الذين سوف يعيدون
الاستثمار ويشجّعون سواهم من الشركاء المحدودين لإعادة الاستثمار
أيضاً. إذاً فالمخرجات المربحة لها الأولويّة.
والآن، فإن أيّ شركةٍ موجَّهةٍ نحو النموّ سوف تتمكّن أخيراً من جمع
المال، وسوف تقوم بالتالي بخلق فرص عمل قيّمةٍ ومستدامة على مدار
مسيرتها. نحن لا نستثمر في أيّ شركةٍ على أساس الوعد بخلق فرص
العمل، لكنّ صندوق التمويل الأوّل لدينا بقيمة 10 ملايين دولار
أميركي، تمكّن من خلق 200 وظيفة! ولقد تمكّنا كمستثمرين من
إضافة قيمةٍ حقيقيةٍ للشركات التي نستثمر فيها بطرقٍ مختلفة، بحيث
يُترجَم هذا الأمر على صعيد نقل المعرفة والتنمية الاقتصادية
وخلق فرص العمل.
خالد تلحوني، مسؤول الاستثمار في "ومضة كابيتال" Wamda Capital
من وجهة نظر شخصية، أعتقد أن طريقة العمل الأنسب لأصحاب رأس المال المخاطر والمستثمرين إضافةً لروّاد الأعمال، هي التصرّف في الغالب على أساس زيادة الربح. فهذا ما سيزيد من مكتسبات الكفاءة التي ستجعل البيئة الحاضنة للأعمال مستدامة، وتقود في نهاية الأمر نحو النموّ وخلق فرص العمل.
أعتقد شخصياً أنّه عندما يبتعد أصحاب رأس المال المخاطر وبعض أصحاب المصلحة في البيئة الحاضنة عن العمل على زيادة الأرباح وعن المنطق التجاري، وإن يكن ذلك لدوافع من أجل الغير، فالنتيجة على العموم لن تكون إيجابية. أمّا إذا عمل أصحاب رأس المال المخاطر والمستثمرون والشركات على التركيز في زيادة العائدات، فأعقد جازماً بأنّ ذلك سيكون له الأثر الإيجابي الأكبر على البيئة الحاضنة للأعمال وعلى خلق فرص العمل، كما على المنطقة بأكملها.