40 مليون دولار لتمويل الطاقة المتجددة في المنطقة
تسيطر الشركات العالمية على قطاع الطاقة المتجددة بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك في حين أن العديد ممّن يريدون المشاركة لم يُقدِموا على ذلك بعد. وفيما يبدو أن المنطق الاقتصادي للاستثمار في الموارد البديلة غير سليم، فإن التحديات المرافقة لانتشار رأس المال الاستثماري في جميع أنحاء المنطقة هي تحديات جوهرية. أما بالنسبة للمستثمرين العالميين الكبار في مصادر الطاقة الجديدة، فتُقاس قابلية الاستمرار على أسس إقليمية. ومن وجهة نظرٍ تنظيمية، تُقسّم سوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أجزاء معروفة نظراً لكل إمكانات النمو فيها. كل هذه العوامل تساهم في خلق بيئة مهيئة لاستيعاب المشغّلين المهرة والتقنيات الجديدة، بالإضافة إلى صندوق تمويلٍ من 40.5 ملايين دولار أميركي للمساهمة في تنميتهم.
منطق الطاقة المتجددة
تتحكّم العديد من الأهداف الاقتصادية والتنموية بإنتاج الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الغنية بالوقود الأحفوري. أوّلها يعود للأرباح التي يمكن لحكومات المنطقة أن تجنيها من بيع الوقود، حيث أن تصدير النفط والغاز أفضل لها من استهلاكه محلياً. بعبارة أخرى، فإن كل ليتر من البنزين المدعوم الذي يستهلكه سائقٌ سعودي، يُحسب ضدّ المنفعة الاقتصادية في حال بيع هذا الليتر المدعوم بسعر السوق في الصين.
إن إنشاء مرافق ذات جودة عالية للطاقة المتجددة، يساهم بدوره في تنمية قطاعات التكنولوجيا واقتصاد المعرفة. عندها يصبح من الضروري تدريب ونشر المهندسين والتقنيين والباحثين وغيرهم، في سبيل بناء وتحسين التقنيات الحالية. وبالتالي، من خلال سعيها للاستثمار في صناعة الطاقة المتجددة، تستطيع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن توفّر نموّاً اقتصادياً حقيقياً وفرص عمل للأجيال القادمة.
يتزايد الطلب عالمياً على مصادر الطاقة المتجددة الموثوقة أخيراً، بسبب الجهود الرامية لاحتواء التغيّر المناخي. وفي حين أن إمكانية تصدير الطاقة المتجددة محدودة حالياً، لكن الابتكارات التقنية ربما تكون قادرة على المساهمة في تحويل الطاقة الشمسية ونقلها من دول المنطقة إلى أوروبا. أما رائدو الانتاج والابتكار إقليمياً، فهم في وضعٍ أفضل يسمح لهم بتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الفرصة.
تساعد هذه الأسباب جميعها في تفسير المسارعة إلى تطوير وتنمية أسواق الطاقة المتجددة، من قبل كلٍّ من السعودية والمغرب والإمارات العربية المتحدة والأردن (الذي يستورد 96% من الطاقة التي يحتاجها). وفي وقتٍ تقف القدرة الحالية في المنطقة على إنتاج 1.5 جيجاوات من الطاقة المتجددة، فإنها مرشّحة للارتفاع خلال العام القادم لتصل إلى 3.9 جيجاوات. وتبدو هذه المحصلة صغيرة مقارنةً بما تسعى له السعودية، بحلول العام 2032، من إنتاجها منفردةً نحو 54 جيجاوات من خلال الطاقة الشمسية ومزارع الهواء.
عالم الفرص
ساعد مجال الفرص الواسع مؤسسةً واحدةً على الأقل لتبدأ العمل، فجاءت "ديزيرتك" للمبادرة الصناعية Desertec Industrial Initiative (Dii) التي تتكون من شركات مختلفة من 15 بلداً مختلفاً. ولقد أعلنت هذه الشركة عن خططٍ لإطلاق صندوق يستهدف "مرحلة الخطر من عملية تطوير المرحلة المبكرة في قطاع الطاقة المتجددة،" في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في السياق، سيقوم كلّ من "رينيوبل إنيرجي ديفيلوبمنت" The Renewable Energy Development و"إنفستمنت فيهيكل" Investment Vehicle بالتشارك في استثمار من 1 إلى 4 ملايين يورو في مشاريع يقودها روّاد الأعمال في المنطقة.
خلال إعلان المبادرة، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة "ديزيرتك"، بول فان سون، أن "شمال إفريقيا والشرق الأوسط هما في بداية التحوّل نحو الطاقة المثيرة للإعجاب والتي تعتمد على الرياح والشمس." وأضاف يشرح عن الحاجة إلى صندوق تمويلي في المرحلة المبكرة، قائلاً "إن البداية تكون مع مشروع محضّر جيداً وعدّته جاهزة، لننتقل فيما بعد إلى تحضير الأسس لاستقبال العدد الأكبر من استثمارات القطاع الخاص الضرورية لبناء مصنعٍ للطاقة المتجددة."
ومع ذلك، يبقى من غير الواضح متى يكون الصندوق مستعداً للاستثمار، في وقتٍ تعمل "ديزيرتك" حالياً مع شركة استشارية ألمانية لاستكمال دراسة الجدوى الاقتصادية حول أنشطة الصندوق.