أول مؤتمر بارز لريادة الأعمال في تونس
على مدى يومين، وفي مدينة الحمامات التونسية، البلدة الساحلية المعروفة تقليديا بقطاعها السياحي، يجتمع طلاب تكنولوجيا المعلومات والهندسة والمستثمرين الذين يسعون لجعل تونس الوجهة القادمة للاستثمار في المنطقة، بالإضافة إلى مطوري ومصممي البرامج الالكترونية، وممثلي شركات التكنولوجيا الدولية (بما في ذلك "أي بي أم" IBM و"إكسبنسيفاي"Expensify)، لحضور "القمة الدولية للابتكار" International Innovation Summit.
تلتقي هذه المجموعة المتنوعة لطرح سلسلة من المناقشات والمداولات بشأن أحدث تطورات التكنولوجيا وآفاق الابتكار في المستقبل. وتشمل الأحاديث مواضيع عن الحوسبة السحابية وتطوير بيئة ريادية تقنية حاضنة وغيرها.
مارك أرثير بيار لويس من آي بي أم
تونس: المركز المستقبلي للابتكار في المنطقة
في وقت كانت فيه شركات التكنولوجيا متعددة الجنسية تبحث عن أسواق ومراكز جديدة لأعمالها، برزت تونس كخيار جذاب لتمتعها بقوى عاملة ذات كفاءة تقنية عالية وتكاليف تشغيلية منخفضة. بالإضافة إلى ذلك، تقوم الكثير من المنظمات غير الحكومية، والوكالات الحكومية، والمؤسسات بتعزيز نمو قاعدتها الشعبية لمواكبة هذه التطورات، وتشجيع الابتكار التقني ودفع أصحاب المشاريع للانتقال إلى تلك القطاعات.
على الرغم من هذه التوقعات الواعدة، إلا أنه لا تزال هناك العديد من العقبات، خاصةً غياب التواصل بين المستثمرين وأصحاب الأعمال والتردد من جانب رواد الأعمال للبحث خارج تونس عن الأسواق والمرشدين والتعاملات.
هذه الفعالية تنظمها "أي.تي.غرايبس" I.T.GRAPES، الشركة الناشئة التونسية التي تعنى بتطوير شبكة الانترنت المتكاملة وأنظمة الهواتف المحمولة بالإضافة إلى دورها في تنظيم المؤتمرات التقنية في تونس (بما فيها مؤتمر "درويدكون تونيس" Droidcon Tunisia في العام 2012)، بالشراكة مع "سوسيتيه لا بيه" Societe La Paix. تسعى هذه القمة إلى لتسليط الضوء على هذه الاتجاهات والتحديات من خلال جذب جميع المعنيين ورواد الأعمال الناشئين معا في غرفة واحدة.
ركز المنظمون على الاتجاهات المحلية والوطنية والعالمية في مجال التكنولوجيا (وسلطوا الضوء على قصص النجاح). أشار طاهر مستيري، الشريك المنظم للفعالية، أنّ المؤتمر يهدف الى "تعزيز فكرة أن ريادة الاعمال والابتكار يمكن بل يجب أن ترتبط ببعضها البعض، وتأكيد اننا نحن [في تونس] يمكننا الابتكار، وأخيرا مناقشة وعرض الموارد اللازمة لتكوين مبتكر ناجح".
المقاربة النظرية والعملية لنموّ التكنولوجيا
سعى منظمو المؤتمر إلى خلق نموذج تفاعلي لا يهدف فقط إلى تحفيز الأفكار الجديدة، إنما أيضا إلى لتعزيز التواصل والشراكات.
لم تفتقر الفعالية، التي استمرت على مدى يومين، إلى الحلقات النقاشية الشيقة، التي تراوحت موضوعاتها بين البيانات الضخمة وCybersecurity، إدارة الموارد السحابة والتحديات، والتكنولوجبا الممكن ارتداؤها (على سبيل المثال)، مما أدى إلى امتداد المناقشات إلى ما بعد الانتهاء من جلسات الحوار. عوضا عن تقديم حلول للمشاكل التقنية الحالية، تحدى المتحدثين الجمهور لملء الفراغات في التكنولوجيات الحالية وأخذ زمام المبادرة في الجيل المقبل من الابتكار التقني.
المنتديات والتطبيقات الخاصة بالجمهور كانت متاحة للمشاركين وذلك لإزالة جميع العوائق التي من الممكن أن يواجهها مطورو البرامج الذين يسعون إلى تصميم وتسويق منتجاتهم.
شهد مؤتمر "القمة الدولي للابتكار"، الأول من نوعه في تونس، وجود عدد كبير من الضيوف البارزين، بما في ذلك ديفيد باريت من "إكسبنسيفاي" الذي عرض الحوسبة السحابية وقاد نقاش جانبي مع المشاركين والمسؤولين التنفيذيين في "أي بي أم" الذين قدموا أحدث برامجهم "بلوميكس" Bluemix، بالإضافة إلى أحمد درويش من معهد "إلكتريكال اند إالكترونيكس انجنيرز" (IEEE)، الذي سلط الضوء على التحديات التي تواجه خلق نظام ريادي قوي في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
شملت هذه الفعالية أكثير من مجرد عروض؛ ولتحقيق الدمج بين العملي والنظري، أتيحت للمشاركين فرصة تقديم طلبات لمنظمي الفعالبة لطرح مفاهيم أعمالهم أمام مجموعة من المستثمرين الذين قدموا أيضا تعليقات وردود في اجتماعات فردية.
قامت شركة "وينكوم" Winkom، وهي بوابة إلكترونية تونسية متخصصة بربط المستهلكين والمنتجين للحصول على تجربة تسوق أكثر تبسيطا، وشركة "ك‘آرت ستوديو" K’Art Studio، التي تعنى بخلق الواقع المعزز وغيرها من العروض التسويقية فائقة التكنولوجيا للشركات التونسية، باستغلال هذه الفعالية لانشاء منصات العرض داخل مكان انعقاد المؤتمر للتفاعل مباشرة مع المشاركين (والعملاء المحتملين).
في ختام اليوم، خرج المشاركون مسلحين بموارد جديدة، علاقات اجتماعية وتفاصيل التواصل مع العديد من الجهات التي من الممكن ان تدفع بعجلة حياتهم المهنية وتمكنهم من التعامل مع الابتكار.
اختبار لعبة الفيديو الخاصة بشركة
"كآرت ستوديو"
الشباب: أساس المؤتمر
من خلال إجراء مسح للحشد، كان من الواضح أن غالبية الجمهور من الطلاب من جميع أنحاء البلاد، العديد منهم يدرسون تطوير تقنية المعلومات أو الهندسة في جامعاتهم. بالنسبة للطلاب، تعتبر الفعالية فرصة فريدة للتواجد بين رواد الأعمال الذين يطمحون لان يصبحوا مثلهم بالإضافة إلى المستثمرين الذين يحتاجون للتواصل معهم. وفقا لسوار، طالبة تكنولوجيا المعلومات من تونس، "لاعتبار الفعالية تجربة جديدة بالنسبة لي، فقد وجدت العديد من مصادر الإلهام. أنا مهتمة أيضا في ريادة الأعمال، وبالتالي فإن الشيء الأكثر إثارة للاهتمام بالنسبة لي هو الحصول على اتصالات جديدة".
قام المتحدثون والمنظمون بتحدي الطلاب خاصةً للاستفادة من التحديات التي تواجهها تونس حاليا وتحويلها إلى فرص. كان لأحمد درويش رسالة خاصة للجيل الجديد من المبدعين التقنيين التونسيين: "إن العملة المستقبلية هي عملة الافكار. لا تبالي إذا فشلت وتأكد من أن تكون مختلف وليس فقط واحد من بين الحشد. وقبل كل شيء، لا تنسوا أبدا ابتسامتكم وهي واحدة من الإيماءات القليلة التي تفهم عالمياً".
أحمد درويش من معهد IEEE
مع تجدد التركيز على الإصلاح الاقتصادي، ومع تزايد الاهتمام العالمي حول الإصلاحات الهيكلية التي تحتاج تونس إليها، والاعتراف أن النظام السائد لم يعد يشجّع على الابتكار، ظهرت العديد من المؤتمرات والبرامج في جميع أنحاء البلاد. إن الاهتمام المتواصل من قبل الطلاب يعطي الأمل للمنظمين والمشاركين على حد سواء، وذلك لأن هؤلاء المبدعين الناشئين قد أصبحوا أكثر ارتياحا في بناء مهاراتهم، والتواصل، والتعامل مع أحدث المواضيع. في وقت تتطلع فيه تونس إلى الإصلاح وتجديد السياسات الاقتصادية، يصبح الشباب أكثر استعدادا وقدرة على أن يكونوا الجيل القادم من القادة الاقتصاديين.