إطلاق إدراك، منصة دروس عربية عالية الجودة
ان الدروس الجماعية الإلكترونية مفتوحة المصادر المعروفة اختصاراً بـ"موكس" MOOCs، هي دروس على الإنترنت تقدّم لمجموعة كبيرة من المشاركين وغالباً ما تكون مجانية. ورغم أن منصات موكس باللغة الإنكليزية مثل "إدكس" edX و"كورسيرا" Coursera و"أوداسيتي" Udacity، جذبت عدداً لا بأس به من المستخدمين حول العالم.
"إدراك" التي أطلقت قبل أسبوعين في عمّان، منصة موكس للعالم العربي، وأول مبادرة عربية لـ"مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتطوير"، تهدف إلى زيادة إمكانية الوصول إلى التعليم ذي الجودة العالية للباحثين عن فرص التعليم الإضافي والعالي.
وقد شهد العالم العربي بروز بعض المبادرات المماثلة مؤخرا مثل منصة "رواق" السعودية، و"سكيل أكاديمي" في مصر و"مينا فرسيتيي" في لبنان.
وقال نافذ الدقاق، مدير "إدراك" إن "الطلب على التعليم يتزايد بوتيرة سريعة في جميع القطاعات التعليمية. ونحن نركز الآن بشكل خاص على التعليم العالي، ولكن يمكن اعتماد المبدأ نفسه في القطاعات الأخرى". وأضاف "ولكن في الوقت ذاته، لا يمكنك أن تواكب كل شيء. ومع الرقم المرتفع من الطلاب بالتوازي مع النمو السكاني، لا يمكنك أن تؤسس ما يكفي من المدارس والجامعات وغيرها. والأمر لا يتعلق فقط بالوصول إلى التعليم بل بالوصول إلى تعليم ذي مستوى جيد".
والوصول إلى التعليم أو إلى التعليم الجيد مفهومان يعززان "إدراك" التي هي بشكل خاص شركة ناشئة في مجال الريادة الاجتماعية تحتضنها "مؤسسة الملكة رانيا".
المنصة
تتميّز المنصة بالمباشرة، حيث يمكن للمشاركين أن يسجّلوا حساباتهم على الموقع للوصول مباشرة إلى الدروس. ويتألّف مضمون الدروس على "إدراك" من نسخ معرّبة من دروس على "إيدكس"، منصة موكس التي أسستها جامعة هارفرد ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا اللذين وقعت معهما "إدراك" عقداً لعدة سنوات، بالإضافة إلى موكس فريدة يتم إنتاجها بشكل مستقل. وتضم المواضيع المطروحة مثلاً "العرب: أين وإلى أين" الذي يدرّسه محمد القسيس من الجامعة الأميركية في القاهرة، وهو مادة اقتصادية تتناول التحديات التي تواجه اقتصادات العالم العربي وكيف يمكن تجاوزها.
وبالإضافة إلى المواد الأكاديمية، تطلق "إدراك" سلسلة من الموكس غير الأكاديمية يعلّمها عرب ناجحون من مختلف الاختصاصات، مثل نادين لبكي، مخرجة الأفلام اللبنانية المعروفة.
وستقدم "إدراك" أيضاً سلسلة من الموكس باللغة الإنكليزية التي تستهدف الجمهور غير العربي. وتسمح للعرب بمشاركة قصصهم.
ويحصل الطلاب الذين يكملون موكس بعلامات مقبولة على شهادة إنهاء دراسة.
منطقة تحتاج إلى الموكس
نظراً إلى المشاكل التي غالباً ما تذكر في نظام التعليم في المنطقة، بدءاً بالصفوف المكتظة جداً مروراً بغياب الموارد وصولاً إلى الاعتماد على الحفظ ـ فإن الحاجة إلى منصة مثل "إدراك" ملحّة ولكن التوقعات يجب أن تبقى معقولة، بحسب رأي فريق العمل. ويقول الدقاق "أنت تنتقل من تعليم سيئ في المدرسة إلى نتائج نهائية غير مرضية أو منتجات سيئة في سوق العمل أو المكتب أو غير ذلك. وكل هذه الأنواع من المشاكل، سواء كانت الوصول إلى تعليم جيد (للباحثين عن عمل) أو الوصول إلى متخرجين كفؤين (للشركات)، هي أمور نحاول أن حلّها عبر إدراك. ولكن إدراك لا تقدم وصفة سحرية ولن تقوم فجأة بتغيير العالم"، بحسب الدقاق.
وصحيح أن "إدراك" لا يمكنها بمفردها حلّ المشاكل المنهجية العديدة في نظام التعليم في المنطقة، إلاّ أن دمجها التكنولوجيا والتعليم ذي الجودة العالية يجعلها مزيجا مشجّعا.
تحديات متوقعة
من المرجح أن تصبح المسائل التكنولوجية التحديات الرئيسية لـ"إدراك". وهناك مخاوف مما إذا كان سيتوفّر لدى المشاركين الانترنت المطلوب لتحميل محاضرات الموكس. وهذا القلق يتعلق بشكل خاص بأماكن مثل اليمن حيث العدد الأكبر من المتسجّلين والذي يفتقر للبنى التحتية الخاصة بالإنترنت والمتوفرة في أجزاء أخرى من المنطقة مثل الأردن والخليج. ورداً على هذه المسألة، يحاول فريق "إدراك" استهداف مراكز التكنولوجيا المجتمعية حيث قد يكون لدى المشاركين النطاق الترددي المطلوب مجاناً.
ويحاول الفريق أيضاً إقامة شراكات مع شركات الاتصالات تسمح للمستخدمين بالوصول واستخدام محتوى "إدراك" مجاناً. وهو يجري محادثات مع "زين" في الأردن أملاً بتسهيل شراكة كهذه.
وتشمل التحديات الأخرى، نشر الوعي حول موكس وكيفية استخدامها وخلق نموذج للاستدامة كيف تبقى "إدراك" قادرة على العمل.
الريادة بناء المجتمع والأمل
يبدو أن لدى "إدراك" الإمكانية لتجهيز جيل مقبل من الرياديين بالمهارات الضرورية ليكونوا أعضاء قيّمين في شركة ناشئة خصوصاً نظراً إلى خططها لتقديم دروس تتعلق بريادة الأعمال التي تقدم على منصات مثل "إيدكس" و"أوداسيتي".
وصحيح أن "إدراك" لا شك ستوسّع الفرص التعليمية للعرب في المنطقة، إلاّ أنها ستقدم أيضاً وصولاً أفضل إلى تعليم جيد. والأهم أنها ستقدم الوصول إلى التعليم!
يشرح الدقاق "نسأل الناس عادة "لماذا تسجلون اشتراككم مع إدراك؟ ويأتي هذا الشاب السوري ليجيب "حين بدأت الثورة السورية، كان عليّ أن أوقف تعليمي. جميع الأبواب أغلقت واليوم مع إدراك الأمر لا يتعلق فقط بالتعليم بل بالأمل في أني قادر على الاستمرار".