شركة العصير الفلسطينية 'أرضي' تدخل في منافسة مع رائد محليّ
في قطاع الريادة الفلسطيني الذي يكتسب شهرة بفضل شركاته الناشئة التي تعتمد نهجًا تقنيًّا عالميًّا، تظهر "أرضي" وهي شركة مشروبات محلية، لتقدّم منتجًا ناجحًا له طابع محليّ بامتياز.
فقد أطلق الزوجان وليد وسهى قطب "أرضي" قبل سنة ونصف، بهدف إدخال إلى السوق الفلسطينية شركة مشروبات تنتج وتعبئ العصير من فاكهة فلسطينية وعلى أرض فلسطينية.
سوق العصير الفلسطيني
تسيطر على سوق العصير الفلسطيني شركتان كبيرتان: "تابوزينا" Tapuzina وهي شركة إسرائيلية و"كابي" Cappy وهي علامة تجارية من كوكا كولا. وجميع أنواع عصير "تابوزينا" يتم إنتاجها في إسرائيل.
أما "كابي" فتقوم بتعبئة منتجاتها في فلسطين ولكن الوصفات والمكونات تستورد من الخارج، ويشير وليد إلى أن المياه والسكر فقط يضافان خلال عملية التعبئة. وبالإضافة إلى "تابوزينا" و"كابي"، هناك فقط منتج مشروبات فلسطيني صغير أو اثنان، وعدد قليل من العلامات التجارية الآتية من دول عربية.
وفي هذه السوق غير المكتظة، وجد وليد وسهى فرصة لخلق ركن لهما من خلال صنع منتج محلي من شأنه أيضاً أن يساعد في تعزيز الاقتصاد الفلسطيني. وتقول سهى "فكرتنا هي الإنتاج من مكوّنات وفاكهة تأتي مباشرة من المزارعين".
صنع في فلسطين
قرية عين عريك قرب رام الله هي مصدر الليمون في العصير الذي تنتجه "أرضي"، فهي تنتج بشكل منتظم فائضاً من هذه الفاكهة لأنه لا يوجد عدد كاف من الشارين. أما العنب فيأتي من الخليل والبرتقال والليمون الهندي (جريب فروت) من أريحا.
يقع معمل "أرضي" في الطابق الأرضي من منزل الزوجين في البيرة. والشركة هي عمل عائلي تشارك في عملية الإنتاج فيه عدة أجيال. وحتى العلامة المطبوعة على المنتج الخاص بـ"أرضي" مصنوعة في فلسطين، إذ قام وليد بطباعتها في بيت لحم.
العقبات
على الرغم من أن الثنائي يريد أن يكون العصير الذي ينتجه فلسطيناً 100%، إلاّ أنه ثمة معدات أساسية تستخدم في إنتاج العصير يكاد يكون مستحيلاً الحصول عليها من الأراضي الفلسطينية. غير أن وليد وسهى، طوّرا حلولاً مبتكرة لمشكلة النقص. في ما يتعلّق بآلة التعقيم التي يبلغ ثمنها جديدة من الصين أو أوروبا أو إسرائيل 100 ألف دولار، قام الزوجان بزيارة معمل إسرائيلي حيث نسخ وليد تصميم آلة التعقيم وأخذ التصميم إلى صديقه المهندس وقاما معاً ببناء آلة تعقيم يقول إنها تعمل بشكل بشكل ممتاز.
وبدلاً من شراء آلة تعبئة جديدة باهظة ثمن أيضاً مثل آلة التعقيم، وجد وليد واحدة مستعملة قليلاً للبيع في نابلس كانت تحتاج إلى بعض التصليحات البسيطة ويقول أيضاً إنها تعمل كآلة جديدة.
التحدي الأكبر لوليد وسهى أتى من التزوّد بزجاجات للعصير لأن الزجاج هو المفضل لدى المستهلك الفلسطيني، كما تقول سهى. إلاّ أنه لم يكن هناك شركة فلسطينية تصنع قناني زجاج. والزجاجات متوفرة في إسرائيل ولكنها باهظة الثمن ومتفاوتة الشكل إذ ان أفضل الزجاجات تُترك للمستهلكين الإسرائيليين. وحين وجه وليد وسهى نظريهما إلى مصر وجدا أن حزماً فقط من مليوني زجاجة متوفرة للبيع وغالية الثمن على شركة ناشئة جديدة. ولكن وليد وسهى شرحا مأزقهما في شراء زجاجات مصنوعة في إسرائيل ورغبتهما في تحدي العصير الإسرائيلي في السوق الفلسطينية، عندها قررت الشركة المصرية شحن الزجاجات إليهما بكميات أقل.
وحتى عندها، استغرقت أول شحنة زجاجات من مصر شهرين لتصل بسبب التأخيرات مع الجمارك الإسرائيلية. ولكن الشحنات اللاحقة تصل في أوقات مناسبة أكثر.
ما هي الخطوة التالية؟
رغم التحديات، تتوقّع "أرضي" أن تنتج ما بين 600 و800 ألف زجاجة عصير في سنتها الأولى. وقد حققت بعض التقدم في هذا الهدف حيث أنتجت في الأشهر الستة الأولى أكثر من 200 ألف زجاجة عصير.
في الوقت الحاضر، تنتج "أرضي" ثمانية أنواع عصير مختلفة، في زجاجات فردية. والنوع الأكثر مبيعاً هو الليمون والنعناع. والأنواع الأخرى تتضمن عصائر أساسية مثل البرتقال والعنب بالإضافة إلى نكهات خارجة عن المألوف مثل اللوز والتمر الهندي.
أما أبرز الجهات التي تشتري من "أرضي" حتى الآن فهي الجامعات وشركات فلسطينية كبرى مثل "جوال"، وبدأت متاجر كبرى ومطاعم تشتري من "أرضي" بشكل متزايد. وبما أن أسعار "أرضي" هي بشكل عام أدنى بقليل من أسعار "تابوزينا"، يأمل وليد وسهى في السيطرة على جزء من حصة الشركة الإسرائيلية في السوق.
وتشدّد سهى على أنهما يريدان "أخذ جزء من هذه الحصة لمساعدة بعض المزارعين وعائلتنا وعملنا. هذه ليست حرباً، بل منافسة".
وتركّز "أرضي" على صنع منتجات عالية الجودة من مكوّنات محلية وبوصفاتها الخاصة. ويضيف وليد "هذه نقطة قوتنا". ويقول ردا على سؤال عن إمكانية التصدير إلى الأردن أو دول عربية أخرى "ربما بعد سنتين أو ثلاثة يمكننا أن نتوسّع أكثر. ولكن ما يهمّ هي الجذور".