موقع عربيّ للتعارف يحصد استثمارًا بقيمة 150 ألف دولار
بفضل شهادة حاز عليها من مدرسة أعمال فرنسية هامة ووظيفة في وكالة استشارات دولية كبرى، من الواضح أنّ سيدريك معلوف، يخطو خطى أي لبناني طموح وناجح. إلا أن حياته انقلبت رأسًا على عقب منذ ثلاث سنوات، حين انفطر قلبه.
قرّر عندها العثور على الشريك المناسب، وبدأ يستخدم مواقع تعارف إلا أنه أدرك بعدها أنّ تلك المتوفرة في العالم العربي ليس موثوقًا بها، ويستخدمها الناس للمحادثة فقط من دون ذكر أسمائهم، وثمة أيضًا شبكات اجتماعية مثل "العالم الجديد" في المغرب مخصصة لجمع أولئك الذين يتشاركون الاهتمامات نفسها مع بعضهم البعض.
أدرك الريادي اللبناني كيف أن المجتمع يضغط على الأشخاص للعثور على الشريك المناسب بعد عمر معيّن، وكيف أن يصعب أحيانًا العوثر على هذا الشريك في بعض المناطق. ثمّ أشار إلى وكالات الزواج في السعودية التي تزداد كثيرًا وقال إنه ثمة طلب إقليمي عليها.
قرّر عندها اغتنام الفرصة وعاد إلى لبنان ليؤسّس بالشراكة مع ركان نمر، موقعًا مشابهًا لمواقع المواعدة الموجودة في الغرب، مثل "إي هارموني" eHarmony، مع تعديله ليناسب الثقافة العربية، وأطلق عليه اسم "إتعرّف" Et3arraf خلال عيد العشاق عام 2013.
لكن يشرح معلم أنّ الموقع "ليس موقع مواعدة لأن المواعدة غير موجودة في الدول العربية. نحن نعتبر أنفسنا وكالة زواج على الإنترنت".
موقع مبني على آراء مستخدميه
تريد "اتعرّف" السماح للعرب في العقد الثالث من العمر المهتمين بالتقاليد والجديين في رغبتهم بالزواج، والذين يسكنون في العالم العربي أو خارجه، بأن يلتقوا ويتعرّفوا، ومن هنا جاء اسم "اتعرّف". ويشرح معلوف قائلاً "وضعنا بعد القيود للتأكّد من أن مستخدمينا جديون"، ومن هذه القيدو ثمة أسئلة نفسية كثيرة على الشخص الإجابة عليها، وقد شاركت في إعدادها طبيبة لبنانية متخصصة بالعلاقات الزوجية، كما وأن المستخدمين لن يستطيعوا الاطلاع على كافة المستخدمين الموجودين على الموقع ولن يستطيعوا رؤية كل المعلومات عن الآخرين منذ البداية.
ما يستطيعون فعله أولاً هو الدخول إلى ملفات مجهولة من دون أسماء حقيقة أو صور وبعث الرسائل. وفي الوقت المناسب، يمكن للمستخدم إرسال طلب لرؤية صور الشخص الآخر. وحين يصبح الطرفان مرتاحين أكثر بإمكانهما أن يتبادلا أرقام الهواتف ويلتقيا شخصياً.
من الواضح إذًا أن "إتعرّف" تقوم بعكس ما تقوم به خدمات مثل "تيندر" Tinder الأميركية التي لا تظهر إلا صور المستخدمين على فايسبوك والأصدقاء المشتركين والاهتمامات likes. وهذه الخدمات تنال شعبية في أميركا الشمالية وأوروبا إذ أنها تركّز على شكل الأفراد أكثر من اهتماماتهم المشتركة.
يقدّم فريق عمل "إتعرّف" نصائح حول كيفية تنظيم عملية التعارف في بيئة تقليدية، وإطلاع العائلة على ما يجرى وتنظيم أول لقاء شخصي.
بين السعودية ولبنان
في البداية، أمل معلوف تقديم حل للعازبين اللبنانيين وأدرك بعد ذلك أن السوق اللبنانية صغيرة جداً وأن الطلب الحقيقي هو في مصر والسعودية، ما دفعه إلى تطوير خدمته لتناسب حاجات دول أكثر تقليدية.
واليوم يبلغ مستخدمو "اتعرّف" 40 ألف، و40% منهم يعيشون في السعودية و40% في مصر والأردن والمغرب.
وبما أنّ معلوف يركّز على خِدمة المستخدمين بشكل أفضل، أخذ بآرائهم بعين الاعتبار وعدّل موقعه ليلائم حاجاتهم. ومع الوقت، ازدادت الفترة التي يمضيها المستخدمون على الموقع من سبع دقائق إلى 24 دقيقة، وذلك بعد أن أدرج الموقع لائحة بأفضل عشرة مستخدمين، أيضًا بناء على آراء زبائنه.
والموقع الذي لا يعتمد سوى على تسويق الناس له يولي أهمية كبرى لطريقة تفاعله مع متابعيه على الإنترنت. حتى أنه أرسل هدية زفاف لأول ثنائي تزوج بعد أن تعارف على الموقع.
مستثمرون من المعيار الثقيل
وضع الفريق هذا العام خطة تسويق بعد تلقيه استثمارًا بقيمة 150 ألف دولار.
بدأ معلوف عام 2012 بالبحث عن استثمار لتحويل فكرته إلى واقع. وبعد أن رفضت المنظمات دعمه لأنها اعتبرت أن موقعه لا يقدّم منتجًا قابلاً للاستمرار، توجّه إلى مسرّعة النمو "سيكوينس" Seeqnce. وهو لم يستفد كثيرًا إلا أنه جمع أول 76 ألف دولار له (50% كانت خدمات) وتعرّف على بعض المرشدين الماهرين.
هذا العام، أعلنت "إتعرّف" عن تلقيها مبالغ كبيرة بعد أن حصلت على 150 ألف دولار من مستثمرين تأسيسيين لبنانيين وأردنيين، بينهم أسماء معروفة مثل هلا فاضل مؤسسة مسابقة أفضل خطة عمل عربية من معهد ماساشوستس للتقنية، و"أويسس500" وأيضاً من وزير الاتصالات اللبناني نقولا صحناوي.
يقوم الفريق الذي يضم أربعة موظفين ويجني المال من الاشتراكات ومن المنتجات الافتراضية، بتوسيع قاعدته لتبلغ نصف مليون مع حلول نهاية العام الجاري.