شركة تونسية تكافح التصحّر وتنشئ مساحة للنساء
تقول سارة تومي وهي رائدة أعمال اجتماعية تونسية في ربيعها الخامس والعشرين: "عندما كنت شابة، كان الأبطال يثيرون دهشتي. فهم لا يتمتعون بقوى خارقة فحسب، بل لديهم أيضاً أخلاق عالية... وحس بالمسؤولية والحماس".
عاشت تومي في فرنسا حتى سنّ التاسعة حين قررت أسرتها أن تعود إلى مسقط رأسها في بير صلاح وهي قرية تونسية صغيرة في محافظة صفاقس. هناك اكتشفت واقعاً مغايراً حيث النساء الريفيات مهمشات وفرص حصول قريباتها وصديقاتها على العلم محدودة وأدوارهنّ محدودة خارج إطار المنزل.
منذ سنّ مبكرة، انضمت إلى والدها في نشاطات خيرية عدة، وجلبنا أكثر من 35 ألف كتاب و300 آلة كمبيوتر إلى مناطق ريفية عدة. في السنوات الأخيرة، أسست مؤسسة خيرية سمتها "منظمة عجمي" تيمناً بوالدها الذي توفّي منذ عامين.
التحقت بعد ذلك ببرنامج دولي لريادة أعمال الاجتماعية يدعى برنامج "أشوكا للمبدعين الشباب"Ashoka Youth Venture Program لتطوير مشروع جديد يُدعى "أكاسياس فور أول" (أي شجر أكاسيا للجميع) Acacias for All. يعمل المشروع على مكافحة التصحر الذي يصيب 80% من الأراضي التونسية وعلى تمكين النساء التونسيات في الوقت نفسه. ينشئ مشروع "أكاسياس" مشاتل لأشجار أكاسيا (أو شجرة السنط) في تونس ويوزّع هذه الأشجار بعدئذٍ على النساء الريفيات لخلق حزام أخضر من شأنه أن يحول دون الزحف الصحراوي ويساعد في تخصيب التربة القاحلة ويمكن النساء من بيع الصمغ العربي (أو العلكة العربية) ومنتجات أخرى تنتجها هذه الأشجار.
وبفضل إرشاد خبراء "أشوكا"، تمكنت من وضع الصيغة النهائية لخطة عملها وعرضتها على ممثلين عن البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، وفازت في العام 2009 بجائزة صانعي التغيير من "أشوكا للشباب".
خطط للاستدامة
سيُطلق فريق "أكاسياس" البرنامج بزرع بذور في مشاتله برعاية مؤسسات صديقة للبيئة، تقدّم هذه الرعاية لتعادل انبعاثات الكاربون التي تنجم عن نشاطاتها.
بعد عامٍ، سيقوم الفريق بغرس الشتول في قرى تونسية عدة وتدريب النساء في تلك القرى على رعاية هذه الشتول.
بعد ثلاثة أعوام، ستتمكن هؤلاء النساء المدربات حديثاً أن يبدأن، بمساعدة نساء أخريات من قراهنّ، بحصاد الثمار التي تبدأ الأشجار بإنتاجها مثل الصمغ العربي والألوة فيرا وأوراق شجرة المورينجا والرمان، حسب أصناف الأكاسيا المزروعة. وستنضم النساء إلى جمعية تعاونية ليبعن منتوجاتهنّ باتباع نموذج تجارة عادلة لتحسين أوضاعهنّ المالية. وتفسّر تومي في هذا الصدد: "نحن لا نسعى لتحقيق ربح مالي لكنّنا بحاجة لضمان استمرارية المشروع وخلق فرص عمل".
في الوقت الحالي، يعمل ستّة أشخاص على الشؤون اللوجستية والتنسيق وتأمين التمويل للبرنامج. حتى الآن، لم يركّز البرنامج سوى على قرية بير صلاح حيث تم غرس ألف شجرة وتدريب 20 امرأةً وتخويل 80 امرأة أخرى من العمل معهنّ. وستتمكن هؤلاء النساء من بيع منتجاتهنّ بدءاً من العام 2015.
في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2013، سيتوسع المشروع ليشمل قرى جديدة حيث سيتم غرس خمس آلاف شتلة وتدريب ثمانين امرأةً إضافية.
خلق فسحة لتخويل النساء من النجاح
تعمل منظمة "عجمي" أيضاً على "تعزيز البرامج التربوية والريادية للنساء والشباب" وفقاً لتومي. ففي العام 2009، أطلقت الجمعية "نادي النساء" Women’s Club وهو فسحة حيث يمكن للنساء التلاقي والتعلّم. يضمّ النادي قاعة فيها آلات كمبيوتر وقد استضاف عدة دورات تدريبية حول حرف يدوية وورشات عمل صحية واستشارات طبية.
وتشدد تومي قائلةً: "يطغى عادةً الرجال على الأماكن العامة في المناطق الريفية. فللنساء فسحات محدودة حيث يمكنهنّ تحقيق النجاحات. لذا، نحن نقدم لهنّ فسحة من الحرية".
وتدير المنظمة أيضاً نادٍ لرواد الأعمال الناشئين يوفر التدريب المختص للشباب العاطلين عن العمل كما ولذوي الاحتياجات الخاصة من سكان المنطقة. وقد حصل المشروع على التمويل بشكلٍ رئيسي من منح دولية ومنها منحة بقيمة خمسة آلاف يورو من "مؤسسة أورانج" Orange Foundation ومنظمات دولية غير حكومية أخرى كما من حملة تمويل جماعي.