مغتربة هولندية أصبحت رائدة أعمال في بيروت، إليك كيف
هذا المقال جزء من سلسلة جديدة عن رواد الأعمال المغتربين.
اجتمعت، الأسبوع الماضي في بيروت، مجموعة من البيروتيين والأجانب في مقهى "ميزانين" Mezzanine cafe الذي تم افتتاحه مؤخراً في مساحة العمل المشترك المميزة، "آلتسيتي"Alt City للتعرّف على Living Lebanon ، دليل سياحي وموقع على الانترنت عن لبنان سيتم اطلاقه قريباً.
ولا شك أن إعداد دليل سياحي عن لبنان يعتبر خطوة محفوفة بالمخاطر، ترفض الكثير من دور الكتب السياحية، بما فيها "لونلي بلانت" Lonely Planet، القيام بها. وهذا أمر مفهوم بسبب الوضع السياسي غير المستقر الذي يلقي بظلاله على السياحة مما يجعل جني الأرباح من هذا الاستثمار شبه مستحيل.
الا أن الحاجة الى هكذا كتب ضرورية لا سيما وأن الكتب السياحية المتوفرة للمسافرين والمغتربين والمحليين باتت قديمة وتتضمّن خرائط مضللة مع معلومات سفر خاطئة أو غير مكتملة، خاصة وأن الكتّاب فشلوا في فهم الطرق اللبنانية.
وبالتالي، من سيكون مجنونًا بما فيه الكفاية لقضاء عام بأكمله يتنقّل في البلاد وينتقد الفنادق ويمضي أسابيع في رسم الخرائط عن أصعب تقاطعات الطرق، وأشهُر في جمع معلومات دقيقة عن مسارات الحافلات؟
التخلّي عن حياة مريحة في أمستردام
ساسكيا نوت هي هذا الشخص. لم تتخيّل نوت، وهي من أمستردام، أنها ستؤسس يوماً شركة ناشئة في الشرق الأوسط. قبل عامَين، كانت مديرة مشروع في مختبر علم الأورام، تتولى الأبحاث السريرية. كانت تعيش حياة مريحة في أمستردام، تملك سيارة وشقة ودراجة هوائية. وعلى الرغم من ذلك، أشعرتها حياتها العادية بالضجر وبالتعاسة.
ولذلك، قررت أن تغادر البلاد. سافرت الى جنوب إفريقيا حيث اعتنت بالأسود والى بيروت حيث تعلّمت اللغة العربية والى كامينو دي سانتيغو حيث أعادت النظر في حياتها ( اقرأواقصتها على مدوّنتها) وقررت التخلّي عن كل شيء في هولندا والانتقال الى بيروت للقيام بأمر آخر- دليل سياحي عرفت أن الناس بحاجة اليه وأنها تستطيع إعداده من دون الكثير من الاستثمار.
جمعت نوت مدخّراتها واكتشفت أنها تستطيع العيش طوال عام ونصف إذا خفّضت النفقات غير الضرورية. واعتبرت أن الأمر كافٍ لاعداد الكتب وأنها تستطيع تدبّر الأمور الأخرى لاحقاً.
كيف تصبح رائد أعمال على غفلة؟
لم تخجل نوت يوماً من كتابها مما سهّل جمع الكثير من ردود الأفعال ولقاء أشخاص مهتمين بالمشاركة في المشروع.
وتقول "كل من تحدثت اليهم كانوا متحمّسين. نجحت في ترتيب أمور مجاناً وقدّم الجميع يد العون. "في البداية، اقترح صديق أن يصمم الخرائط، ثم اقترح صديق لوالدتها كان يعمل كمحرر بتحرير الكتاب مجاناً. وأخيراً، عرض صديق آخر خدماته لتصميم الغلاف".
حينها، أدركت نوت أن كل ما تبقى هو تصميم الكتاب. وبالتالي، تعلّمت بنفسها كيفية استعمال InDesign وطلبت مجدداً مساعدة الأصدقاء في بعض القضايا وأنهت الكتاب.
وقد أفادتها كثيرًا المساهمة الجماعية. بعد أن نجح التنظيم تلقائياً، بدت الفوائد الكثيرة جليّة: السيطرة على منتجها وتوفير الكثير من المال. بحلول ذلك الوقت، عرفت نوت أن عليها تقليص التكاليف وتجنّب العمل مع الناشرين والمكتبات بقدر الإماكان إن أرادت جني الأرباح في سوق صغيرة.
ولذلك، قررت أن تنشر الكتاب بنفسها. وجدت مطبعة ودفعت لطابعة مجموعة أولى من الكتب وتحدثت مع عدد من أصحاب المقاهي الشهيرة الذين يعرفون مشروعها وأقنعتهم ببيع كتابها مقابل نسبة على الأرباح أقل من تلك التي تطلبها المكتبات. وكان هذا الاقتراح مربحاً للطرفين لأنه يجلب أيضاً الزبائن الجدد.
قد تنتهي القصة هنا. الا أن أحدهم اتّصل بنوت للمشاركة في انشاء موقع على الإنترنت يرتكز على كتاب Living Lebanon وسيُطلق في الأشهر المقبلة. كما تعرّفت الى شخص مهتم بالترويج لكتابها كخطوة في الترويج لمشروعه الخاص أيضاً. وتقول " هذا ما أحبّه في لبنان: وكأن الجميع روّاد أعمال يريدون الترويج لمطعم أو مشروع ما."
في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ستشارك "ستوديوبيروت"، منصة تخلق الوعي الاجتماعي وتضم مساحات اجتماعية في لبنان، في تنظيم حفل الاطلاق الرسمي لـ Living Lebanon . تأمل في منح "لمحة عن لبنان": لمحة متكاملة عن لبنان في 14 ألف متر مكعّب من مصنع قديم أعيد تأهيله، تسدل الستار عن بعض من صانعي أشهى الأطباق والمشروبات اللبنانية لابراز أفضل أطباقهم وفنانين لعرض أعمالهم وموسيقيين لتحويل هذه الليلة الى سهرة بيروتية نموذجية.
حالياً، يبلغ ثمن الكتاب ٢٠ دولاراً ويباع في "ألت سيتي" وكافيهيونس الشعبي و"داربيستروأندبوكس" ومكتبة البرج المستقلة ومكتباتأنطوان و"صيفيأوربينجاردنز"وهو مساحة تجمع بين فندق ومدرسة مبتكرة لتعليم العربية ومقهى على السطح ومطعم شعبي تقليدي.
وتضع نوت اللماست الأخيرة على صفقات جديدة للبيع بالتجزأة وتستعدّ لبيع كتابها الالكتروني على موقعها الذي سيطلق قريباً.