أميرة عزوز، رائدة أعمال مصرية تحارب سرقة المحتوى
في الأسبوع الماضي كانت رائدة الأعمال المصرية أميرة عزوز، مؤسسة ورئيسة تحرير موقع "فستاني كوم" للموضة وأنماط الحياة والمخصص للمرأة العربية، تقوم ببعض الأعمال الليلية لتحسين محرك البحث على الأرشيف الرقمي للموقع.
تبحث عزوز عن عدد كبير من عناوين "فستاني" على جوجل فتعثر على العناوين ذاتها على الكثير من المواقع التي تتمتع بالشعبية والاحترام إقليمياً. فتضغط على الروابط وحين تبدأ المقالات بالظهور تتأكد مخاوفها: تم نسخ محتوى "فستاني" ولصقه ونشره ـ أي تمت سرقته وانتحال آرائه ـ من قبل مواقع أخرى أكبر، من دون أية إشارة إلى "فستاني" أو الأشخاص الذين كتبوا هذه المقالات.
وليس "فستاني" وعزوز وفريقهما آخر ضحايا سرقة المحتوى، فقد أصبحت ممارسة سائدة أن يقوم موقع بسرقة جزء من المقال أو كله من موقع آخر من دون ذكر الكاتب أو الناشر الأصلي. وصحيح أن هذا يحصل في أسواق متطورة على مواقع إلكترونية في الولايات المتحدة وأوروبا، إلاّ أن غياب قوانين حماية الملكية الفكرية في العالم العربي، خصوصاً في الحالات المرتبطة بالإنترنت، تجعل الإنترنت في هذه الأسواق مكاناً مليئاً بقطاع الطرق والأفراد الذين يأخذون حقوقهم بأيديهم. فمن دون وجود قوانين رسمية أو كافية لضبط هذا الأمر، يقوم الناس بوضع قوانينهم الخاصة وتطبيقها.
وكانت ردة فعل عزوز الفورية متماشية مع هذه الخطوط للعدالة الذاتية: في اليوم التالي نشرت مقالاً حاد اللهجة شرحت فيه ما حصل بالضبط ووجهت أصابع الاتهام إلى المخطئين ونشرت صورًا تدعم اتهاماتها. فسرقة المواقع لمحتوى "فستاني" وصلت إلى مستوى استثنائي: فموقع جريدة "الدستور" المصرية إحدى الصحف المصرية السبعة الأولى في مصر، سرق بحسب عزوز 25 مقالاً و"أنا أونلاين" المصري أيضاً، سرق 23 (تتضمن اللائحة "بكرا" و"الهوانم" و"مجتمعي"). وختمت المقال بالإعلان بأنها سترفع دعوى انتهاك حقوق النشر ضد جميع المواقع المخالفة في أقرب وقت ممكن.
ولكن المأساة الحقيقية بدأت حين اتصل رئيس تحرير "الدستور" بعد أسبوع وكان عدائياً بدلاً من الاعتذار. وقالت عزوز في اتصال هاتفي مع "ومضة" إنه أخذ يصرخ ويقول أموراً مثل "كيف يمكنك أن تتهمي صحيفة كبيرة مثلنا بفعل ذلك؟". وحين قدمت له أدلة بالصور والتواريخ غيّر لهجته وقال "أعمل في هذا المجال منذ زمن بعيد وتحدث الكثير من هذه الأمور. لماذا تضخمين الموضوع؟". حتى أنه ذهب إلى حد الطلب منها إزالة مقالها عن الموقع، رافضاً الاعتذار بشكل علني. ووعد بإزالة المقالات المسروقة ولكن بعد أسبوع كانت لا تزال على موقع "الدستور".
وعلى عكس هذه التعليقات المتغطرسة، تعتبر سرقة المحتوى مسألة كبيرة. فقد كتب تيم كونيللي وهو أيضاً أحد الضحايا، حول التداعيات السلبية: "إعادة إنتاج المحتوى الذي أنشره تضر بتصنيف الموقع حسب الصفحة وتقود إلى تراجع قيمة إعلاناتي" وهو ما يمكن أن يلحق ضرراً بنتائج البحث عن الموقع على محركات البحث. وهذا بالتأكيد، يضاف إلى الاعتبارات الأخلاقية التي تحظر على الأشخاص المحترمين سرقة أفكار الآخرين.
ومن أجل معالجة هذه المشكلة، ساعد رائد الأعمال والمطور رامي السيد في إنشاء موقع "ديستيل إيت" Distil.it، الذي قال لـ"نيبليتز" إنه "أول شبكة حماية محتوى تساعد الشركات على تحديد وحجب المحتوى والبيانات المسروقة منها"، وذلك بالاعتماد بشكل خاص على برامج تلقائية. ولكن صحيح أن "ديستيل" وغيره من الخدمات يمكنه العثور على البرامج التي تتصرف بشكل مشكوك فيه على شبكات طرف معين، إلاّ أن برنامجه لا يحل مشكلة قيام محرر بشري بنسخ ولصق محتوى من موقع إلى آخر وهو ما يبدو أنه حصل في حالة عزوز و"فستاني". وإلى أن يتوصّل أحد إلى إنشاء شيء أفضل، قد تكون الطريقة الأفضل لمنع سرقة المحتوى ببساطة البحث عن المقالات على جوجل بعد 10 إلى 30 يوم من نشرها ورؤية ما إذا كانت تمت سرقتها ومن ثم اتخاذ الإجراءات بالطرق القانونية التقليدية.
في حالة "فستاني"، تخطط عزوز لرفع شكوى لدى نقابة الصحافيين المصريين والسير قدماً بالدعوى القضائية التي هددت برفعها في مقالها الأسبوع الماضي.
ثمة أمثلة على حالات انتهاك حقوق النشر على الإنترنت تم حلّها لصالح الطرف الأضعف (مثلاً حين استخدمت صحيفة لـ L’Orient Le Jour اللبنانية صورة لعبير غطاس من دون إذنها) ولكن استغرق الأمر سنوات وحصل الشخص المحقوق على تعويض ضئيل مقارنة بالوقت والجهد المبذول.
ولكن الوقت والطاقة لا يبدوان مهمين لدى عزوز الآن التي تكرس نفسها بشكل واضح لتحقيق العدالة في القضية. وتقول "الأمر لا يتعلق بالمقالات أكثر منه بتعليم المواقع الكبيرة مثل الدستور بأنه لا يمكنها ببساطة أن تسرق المقالات من المواقع الصغيرة". وفي هذا الوقت، ستواصل هي وفريقها في إنتاج المحتوى الجيد والإصرار على أن يقرأه معجبوهما على "فستاني" فقط.