نظرة خاطفة إلى بديل لفايسبوك من مصر
يمكن القول في أيامنا هذه إنّ أي موقع قد يستبدل فايسبوك، لكنّ التنافس معه وجهاً لوجه يعدّ أمرًا صعبًا بحق لعملاق الإنترنت جوجل، فكيف لو كنا نتحدّث عن شركة ناشئة مصرية؟
يقول علي زويل، مؤسس موقع "جداري" ورئيسه التنفيذي: "نحن لا نتنافس مع "فايسبوك"، إنّما نقدّم خدمة مكمّلة له. جداري هي شبكة تواصل اجتماعي مصممة خصيصاً لكل من ليس راضياً عن كافة شبكات التواصل الاجتماعي غير الواضحة المعالم المتوفرة حالياً".
تحمل الشركة التي تعمل من القاهرة شعاراً هاماً في أيامنا هذه: "أفضل معاً" وتتوجه إلى جمهورها مشددةً على ثلاث ركائز وهي الخصوصية والحيادية والحياة الجماعية.
من أكبر المشاكل التي تحيط بشبكات التواصل الأخرى هي الخصوصية. لذا، قبل كل شيء، يحتفظ أعضاء فريق "جداري" بالحقوق عن كل ما ينشرونه، شرط أن يمتلكوا حقوق الملكية الفكرية في بادئ الأمر. في الواقع، تشكل حماية الخصوصية جزءاً لا يتجزأ من تجربة المستخدم على "جداري" لدرجة أنّه ما من صفحة مخصصة لإعدادات الخصوصية على حدة! بل كل شيء مصمم بذكاء ليضمن خصوصيتك منذ اللحظة التي تقوم فيها بأي خطوة كانت، من دون أن تدرك ذلك حتى ومن دون أن يبطئ ذلك من تجربتك كمستخدم. كما وأنّه يمكنك الفصل بين حياتك الخاصة والعامة على المنصة وبين حياتك الاجتماعية وحياتك المهنية. ويضيف مدير الشؤون التكنولوجية التنفيذي والمؤسس الشريك، محمد نار: "إنّ الخصوصية والأمن أمران بالغا الأهمية في الموقع إلى درجة أنّنا وظفنا خبيراً في شؤون الأمن حالما أسسنا الشركة في مارس/آذار 2012"، ويتابع مفسراً أنّ المؤسسين يستخدمون قاعدة بيانات NOSQL ويستخدمون نظام كانبان Kanban للنشر المتواصل.
ومن ناحية الإدارة، تعتمد الشركة أيضاً على مبادئ فريدة حيث أنّها تتبع مثلاً سياسة العطلة المفتوحة أي أنّه يمكن للموظفين أن يأخذوا ما يشاؤون من عدد أيام عطلة شرط أن يُتمموا عملهم على الوقت، وتُدرج أيام العطلة بطريقة شفافة أمام أعضاء الفريق.
تُنبئ هذه السياسة الداخلية بركيزة "جداري" الثانية، ألا وهي الحيادية والإنصاف. ففي حين أنّ شبكات تواصل اجتماعي كثيرة تدّعي الإنصاف، نجد أمثلة لا تعدّ ولا تحصى عن مستخدمين يزعمون تلقي معاملة غير عادلة من المشرفين أو يلاحظون وجود تحيّز. يضمن موقع "جداري" حرية التعبير للجميع على حد سواء، شرط عدم اللجوء إلى تعابير الكراهية أو التحريض أو غيرها من التعابير المسيئة.
أما الركيزة الثالثة لموقع "جداري"، فهي إحداث أثر إيجابي في الجماعات التي تستخدم هذه المنصة. فخلافاً للمنصات الأخرى، تم تصميم "جداري" ليحفز التفاعلات الفعلية الإيجابية بين أعضائه، بدلاً من أن يكون كأي تجربة افتراضية أخرى تقتصر على التحدث مع الحاسوب.
نعم، لم تصمم هذه الشبكة الاجتماعية لتكون منافساً مباشراً للشبكات الاجتماعية الأخرى؛ فبإمكان المستخدمين أن ينشروا أخبارهم على "تويتر" وقريباً على "فايسبوك" أيضاً.
فريق عمل قويّ
إنّ إعداد شبكة تواصل اجتماعي مهمة كبيرة. بدأ المؤسسان يعملان بدوام جزئي في البدء مستخدمين مالهما الخاص في مرحلة التخطيط والتطوير وجمع الأموال. ثم أتى الاستثمار التأسيسي الذي تلقاه المؤسسين من "تمكين كابيتال" ليساهم في دفعهما إلى الأمام ليتمكنا من تكريس كامل وقتهما للشركة. ولم يتوقفا عن جمع المال منذ ذلك الحين؛ فقد جمعا حتى اليوم أكثر من خمسة ملايين جنيه مصري (750 ألف دولار) كاستثمار تأسيسي من أكثر من عشرة مستثمرين تأسيسيين. (ملاحظة: عند كتابة المقال الانجليزي، كانت شركة "تمكين كابيتال" تستعين بالكاتب كمستشار مستقل ليساعد شركاتها الناشئة التي تعمل من مقرها).
يتألف الفريق الآن من 15 فرداً يعملون من مقر الشركة في المعادي. يتمتع المنتج الآن بكافة وظائف شبكات التواصل الاجتماعي المعتادة مع بعض اللمسات الخاصة، كما أنّ مظهر الموقع العام مشابه لـ "فايسبوك" و "جوجل بلاس". ما زال الموقع بنسخته التجريبية لذا أنه لا يخلو من بعض الشوائب بالتأكيد، لكنّ الخصائص الفريدة التي تميّز "جداري" عن سائر المواقع، مثل "مجتمعات جداري"، بدأت تتوفر للعلن، بالإضافة إلى خصائص كثيرة أخرى يتم التخطيط لإطلاقها. ويفسر زويل: "نترقب أن يصل عدد مشتركي الموقع إلى ما بين 10 و 200 مليون عضو".
لقد صمم الفريق عدداً من التقنيات الجديدة وهو يتطلع إلى حمايتها ببراءة اختراع. على كل من يقرأ هذا المقال أن يعلم أنّه إذا تم إيجاد أيّ سجل عام بكيفية عمل التقنية خلال فترة طلب براءة الاختراع، يفشل هذا الطلب. حتى وإن كان هذا السجل العام من إعداد الشخص أو المنظمة التي تتقدم بالطلب للحصول على براءة الاختراع! لذا، حرصت على ألاّ أدخل في تفاصيل أيّ من وظائف "جداري" الفريدة. وبما أنّ "جداري" بات في مرحلته التجريبية الآن فربما قد فات الأوان لطلب براءة الاختراع عن بعض أوجه المنصة الحالية، ولكن، حتى مع ذلك، لم أرد المخاطرة بأن أكون سبب فشل الشركة في الحصول على أي براءة اختراع.
بديل فعلي
ما زالت الطريق أمام "جداري" طويلة، لكنّ الجمهور المتعطش لشبكة تواصل اجتماعي تركز على الخصوصية وتروّج للقيم الإيجابية موجود، وبخاصة في الأسواق الناشئة. ومع وعد "جداري" بأن يتحكم المستخدم بتجربته وليس بالعكس، لا بد أيضاً أن يستحوذ الموقع على اهتمامٍ في أوساط المجتمعات المعارضة للفكرة التي تضمّ أسواقاً ناضجة. وفي الواقع، يستهدف تسويق "جداري" الحالي مصر وبعض الجماعات في الولايات المتحدة لهذين السببين على التوالي.
إنّ وظائف "جداري" ليست سوى ثمرة قيمه. استناداً إلى ذلك، هل يمكن لـ "جداري" أن يصبح الفايسبوك الجديد؟ أظنّ أنه يستطيع أن يكون أفضل، لأنّه مصمم لعقلية ما بعد الاستهلاك، أي للناس الذين يرغبون في استخدام خدمات ومنتجات الشركة من دون الشعور بأنّهم باتوا هم بأنفسهم ملكاً للشركة.