موقع إلكتروني في قطر يعلّم الأولاد العربية عبر الألعاب
واجهت ديانا الدجاني منذ عامين مشكلة كبيرة حين كان ابنها الذي بلغ خمس سنوات من العمر آنذاك يكره فروض اللغة العربية.
تخبر الدجاني وهي مديرة سابقة لفسحة حلول معلوماتية في الدوحة، قطر، قائلةً: "كانت مهمة شاقة. كنت أساعده في فرضه المنزلي وهو يصرخ، "أكره العربية، أكره الفروض المنزلية، أعطني أيّ شيء ما عدا العربية! كان فرضه يقضي بأن يمزج صوتين معاً. وأدركت عندئذٍ أنّه لم يكن قادراً على التعرّف حتى إلى الأصوات أو الأحرف ليمزجها. فتكلمت مع المدرسة عن الأمر لاحقاً وقالوا لي إنّه ليس لديهم الوقت الكافي للتأكد من أنّ كل ولد بدأ يُتقن المهارة قبل تلقينه مهارةً جديدة".
لذا، بدلاً من إرغامه على الجلوس وإنهاء فرضه، قررت الدجاني أن تجرّب مقاربة أخرى. فكتبت الأحرف والأصوات على أوراق مربّعة صغيرة ليخلطها ابنها ويطابقها.
وتفسّر مضيفةً: "بعد عشرين دقيقةً فقط من اللعب، بات لدينا صفاً من الأصوات جنباً إلى جنب، وصرنا نحاول معرفة أيّ أصوات طبل عشوائية خلقنا هذه المرة. وهكذا فهم الأمثولة!"
نجحت اللعبة كثيراً مع ابنها إلى درجة أنّه طلب في اليوم التالي أن يلعبها مجدداً. لكنّها، بما أنّها كانت منهمكة في العمل، بحثت له بدلاً من ذلك عن لعبة قراءة مسلية بالعربية على الإنترنت يلعب بها. غير أنّه سرعان ما خاب أملها بالخيارات الضعيفة المتوفرة للأولاد، فقررت أن تستفيد من خلفيتها في هندسة الكمبيوتر.
وتقول: "لم أستطِع أن أجد شيئاً يلائم المنهج الذي كان يدرسه في المدرسة – المسألة كلها مسألة ملاءمة. لذا أعددت هذه اللعبة له. وأحبها! وعندما أخبرت أصدقائي عنها، أحبوها وأخبروني أنّهم يريدون اللعبة هم أيضاً".
وهكذا وُلدت شركتها eduTechnoz.com. ويقدم الموقع المتوفر باللغتين العربية والإنجليزية أكثر من 150 لعبةً حول اللغة العربية للأولاد بين عمر 3 و7 سنوات، سعياً "لجعلهم يعشقون اللغة العربية عبر تمكينهم من إتقان كل وجه من أوجهها". يسجّل المستخدم مجاناً ويحصل على خمسة ألعاب للمبتدئين، ثمّ يمكنه بعد ذلك الاختيار بين ثلاث باقات اشتراك مختلفة تقدّم عدداً غير محدود من الألعاب إمّا شهرياً أو سنوياً أو كل ستّة أشهر. وتقول الدجاني إنّ الموقع بات يضمّ حتى الآن حوالى ألفي مستخدم مسجّل من حول العالم.
وتضيف: "بعد تنظيم مجموعات تركيز focus groups، وجدنا أنّ كلاّ من الأهل والمعلمين والطلاب يشعرون بأنّ اللغة العربية صعبة. كما استنتجنا أنّ ذلك يعود لكون المدارس تستخدم مناهج تعليمية قديمة جدًّا والمعلمون المبدعون والمبتكرون لا يمكنهم إيجاد الموارد الملائمة التي تساعدهم على إيصال الرسالة التي يحاولون إيصالها".
وتقول إنّ eduTechnoz تحاول تخطي هذه الوصمة التي ترافق اللغة العربية عبر استخدام الألعاب طوال عملية تعليم الأولاد. فلا يتعلم المستخدم فحسب القراءة بالعربية في ألعاب الموقع التفاعلية، بل يمكنه أيضاً جمع الشارات والجوائز عندما يكمل كل لعبة وكل مستوى.
في وجه المنافسة
إنّ أقرب المنافسين إلى eduTechnoz ربما يكون الشركة الأردنية "المفكرون الصغار" Little Thinking Minds التي تقدم بضع ألعاب وأغانٍ ومقاطع فيديو يمكن تنزيلها عبر الانترنت للأولاد دون السبع سنوات. غير أنّ الألعاب المتوفرة على الموقع لا تقدم سوى تعليمات أساسية لمرحلة ما قبل المدرسة لتشجيع المستخدمين على شراء أقراص مدمجة "دي في دي" DVD والأقراص المدمجة "سي دي" CD فيما بعد للحصول على دروس أكثر تقدمًا.
وما يميّز eduTechnoz هو أنّها تقدم البرمجيات كخدمة
software as a service، ما يعني أنّ الألعاب كلها يتم لعبها من خلال
الموقع، فلا حاجة إلى تنزيلها أو طلبها عبر البريد. كما أنّ الألعاب
أكثر تقدماً بكثير، إذ تتضمن أشياء يمكن تحريكها وألوان زاهية والكثير
من الأجراس والصفارات، بما يضمن إقناع حتى أكثر الأولاد تشكيكاً بأنّ
تعلّم اللغة العربية يمكن أن يكون سهلاً ومسلياً.
ولكن، أفضل ما في منتج الدجاني هو أنّ ألعاب الموقع مصممة بالاستناد
إلى منهج اللغة العربية المعياري المستَخدم في الكثير من المدارس في
أنحاء الشرق الأوسط، ويمكن دمجها بغاية من السلاسة مع دروس الصف. كما
يمكن للأهل والمعلمين أن يتتبعوا تقدم ولدهم من خلال تقارير تصدر في
الوقت الفعلي.
فتوضح الدجاني: "تقدّم للأهل سجلاً تراكمياً عن كل الألعاب التي يلعبها الولد. ونحلله بطريقة تضمن أن يحصل المعلم أو ولي الأمر على أداة تشخيص قوية جداً تخوله من إيجاد نقاط الضعف عند الولد المعني، وهو أمر يصعب فعله في الصف".
كما يمكن لنظام المراقبة في الموقع أن يبعث رسالة إلى ولي الأمر أو المعلم كلما انخفض أداء الطالب عن المعدل؛ فيحدد التقرير المهارات اللغوية الأساسية التي تحتاج إلى مزيد من التركيز والاهتمام.
بعد الحصول على لقب أفضل رائدة أعمال للعام 2013 في مسابقة أفضل خطة عمل في المنطقة العربية لمنتدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT Enterprise Forum Arab Business Plan Competition والفوز بالمرتبة الثانية في مسابقة "الفكرة" لأفضل خطة عمل لهذا العام، وتحاول الدجاني تسريع نموّ شركتها الناشئة عبر التعاون مع داري حضانة أطفال اثنين ومدرسة دولية في الدوحة لدمج ألعاب eduTechnoz في دروسها. كما أنّ عدداً لا بأس به من الطلاب المتدربين الوافدين من أبرز جامعات الدوحة يساعدونها الآن على الخروج بألعاب جديدة وعلى جعل الموقع قابل للاستخدام على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية.
لكنّ أبرز مؤشر على نجاحها هو على الأرجح مقطع الفيديو
الذي أرتني إياه عن طلاب مدرسة يلعبون ألعابها على شاشة كبيرة في
الصفّ، يتخلّله أصوات ضحك وصرخات حماس حيث يتفاعل الأولاد مع الشاشة،
ويا لمشهد يؤكّد على نجاح المهمة التي تسعى الدجاني إلى تحقيقها.
وتقول الدجاني في هذا الإطار:"أريد أن أفيد الجميع، ليصبح بإمكان كل
من يريد تعلم العربية فعل ذلك. وأريد أن يتعرّف أولادي إلى هذه
الألعاب في مدارسهم ليكبروا وهم يحبون لغتهم ويقدّرون قيمة ثقافتهم.
إنّها جزء من هويتك. إذا خسرتها، من تكون حينئذٍ؟"