إن لم تجد الموظّف المثالي، فاصنعه!
كم من الوقت سيواصل موظفوكم العمل إن لم تكونوا قادرين على دفع رواتبهم؟
برأي ياسين الكشاني، الإجابة هي ثمانية أشهر على الأقل! فبانتظار الحصول على منحة، وجدت "لا كارت بليز" LaCartePlz.ma، Doofry.com اليوم، وهي خدمة تسليم وجبات في المغرب، نفسها من دون مال. وخلال ثمانية أشهر، واصل أربعة موظفين، يرافقهم متدربان لا يتقاضيان أجراً، المجيء إلى العمل كل يوم، مجبرين على أكل الأرز في كل وجبة وتحدي الضغوط العائلية. واضطر موظف واحد على الاستقالة.
فكيف نؤسس فريقاً متماسكاً ومتفانياً في بيئة حاضنة شابة إلى هذا الحد؟
يواجه جميع رواد الأعمال في العالم العربي صعوبات كبيرة في العثور على موظفين يحتاجون إليهم. ولكن في المغرب، يعتبر التوظيف أصعب لكون البيئة الحاضنة لا تزال شابة. فالمغرب لا يفتقر إلى المتخصصين الماهرين، كما يشرح لي ياسين، ولكن هؤلاء يبحثون بشكل عام عن مركز ثابت في شركة كبيرة.
خلال فعاليتنا "للتواصل والإرشاد" في الدار البيضاء، شرح لنا رائدا أعمال معروفان ومحترمان، استراتيجيتهما لبناء فريق عمل قوي: إن لم يكن هناك ما يكفي من المرشحين المناسبين، يجب أن نصنعهم.
إن لم تجد الموظّف المثالي، فاصنعه!
البحث عن متدربين: يعرف يوسف الحمّال جيداً مشاكل التوظيف، وفي نيسان/ أبريل 2012، أسس موقع "ستاجيير" stagiaire.ma، وهي منصة تصِل الطالب بصاحب العمل. وعبثًا حاول البحث عن مرشحين يتمتعون بالخبرة الجيدة ليساعدوه في مشروعه. ولكنه، يشرح بأن هؤلاء ليس لديهم خبرة في الشركات الناشئة والكثير منهم لديهم عقلية "الزي الرسمي وربطة العنق" والتي لا تتناسب مع روح الشركات الناشئة. والقلائل الذين يقتنعون بالفرص في الشركة الناشئة، يميلون إلى التساؤل: "إن كان الأمر مثيراً للاهتمام إلى هذا الحد، لما لا أعمل لحسابي الخاصّ؟".
بعد بضع محاولات خائبة، قرر يوسف التوجه إلى طلاب في السنة الدراسية الأخيرة. فهؤلاء، نظراً لأنهم لم يسبق أن عملوا في شركات كبيرة، لديهم ذهن منفتح وهو أكثر إبداعاً وأكثر جهوزية للمخاطرة. ولكن يوسف يعترف بأن هؤلاء يحتاجون إلى الكثير من التدريب. فعليهم أن يتعلموا المهنة وكيف يصبحوا متخصصين ولكنهم مندفعون جداً ويرغبون في التعلّم، وكلما علموا بأنه سيكون لديهم المزيد من المسؤوليات، تعلموا أكثر لدى Stagiaires.ma وأصبح لديهم إمكانية أسرع للترقية مما هو الأمر في مؤسسة تقليدية أكثر.
والمتدرّبون أو الموظفون الشباب أقل تطلّباً في ما يتعلق بالراتب، وخصوصاً في المغرب حيث يعيشون مع أهلهم. ولكن في LaCartePlz، بعض أعضاء الفريق لم يمرّوا بالضرورة في مرحلة التدريب ولكن لجميعهم بعض الخبرة المهنية.
إقناعهم بذهنية الشركة الناشئة: كلما ازداد عدد المرشحين، زادت فرص العثور على شخص خلاّق يفكر بطريقة خارجة عن المألوف، كما يشرح ياسين، الذي قرر أن يسوّق لمشروعه من خلال إجراء حملة إعلانية قبل الإطلاق. ويستثمر ياسين في "فيديو تقديمي" من أجل عرض المنتج وجذب المرشحين إلى "لا كارت بليز" LaCartePlz عبر تسليط الضوء على صفات المرح والإبداع والبراعة التي تتسم بها الشركة. وسرعان ما وصل هذا الفيديو إلى الكثير من أعضاء المجتمع ما سمح لهم بالعثور على الكثير من المرشحين المحتملين.
يعرف ياسين أنه سيواجه صعوبة في العثور على أشخاص شغوفين بهذا القطاع أو لديهم خبرة فيه. لذلك قرر أن يبحث عن أشخاص من دون خبرة في الشركات الناشئة لكن مرنون ومبدعون ومنفتحون. ويتوجب عليه لاحقاً إقناعهم بذهنية الشركات الناشئة وذلك من خلال إجبارهم لمدة أسبوعين على قراءة مكثفة للمدونات التكنولوجية الأميركية التي لا يسعهم سوى الإدمان عليها.
أخذ الوقت الكافي: قبل استثمار كل هذا الوقت في تدريب الموظفين وتأهيلهم، الأفضل التأكّد من أنهم يتمتّعون بالصفات المطلوبة. وبالنسبة ليوسف الحمّال، الأفضل أخذ الوقت اللازم لتوظيف شخص جيد على أن تأخذ وقتاً في العثور على بديل عنه بعد بضعة أشهر. وأجبر يوسف نفسه على الانتظار شهرين قبل اتخاذ قرار، فقد أجرى حوالي أربعين مقابلة للتمكن من العثور بشكل أوضح على الشخص المطلوب.
كسب ولاء الموظفين الماهرين: يجب على رواد الأعمال العثور لاحقًا على طرق لتحفيز موظفيهم وإثارة الرغبة لديهم في البقاء، حتى لو مرت الشركة الناشئة في فترة صعبة أو حاولت شركات كبرى توظيفهم، رغم أن الرواتب في الشركة الناشئة أقل منها لدى الشركات الكبرى. لذلك يعتمد رائدا الأعمال، يوسف وياسين، على الجانب العاطفي.
إعطاء معنى لعملهم: بالنسبة لـ ياسين، يجب أن يؤمن فريقه بالمشروع وبإمكانياته وأن يدرك كل موظف ما هو دوره. وثمة رضا معيّن في العمل لمصلحة شركة ناشئة، من خلال رؤية الأثر المباشر لعملك وكيف تكون جزءاً من فريق ومشروع لديه الإمكانية ليكون مشروعاً كبيراً.
وهنا تلعب كاريزما رائد الأعمال دورها. ويشرح ياسين قائلاً "يجب تحفيز الفريق يومياً، والتحدث إليهم بشكل منتظم من أجل ضمان أن يكون كامل الفريق على الموجة نفسها وإقناعهم بأننا سنصل معاً إلى هدفنا".
إعطاؤهم سببًا ليشعروا بالفخر: بحسب يوسف الحمّال، إن قام المتدربون أو الموظفون بعملهم على أكمل وجه، فهو لن يتردد في تهنئتهم والتأكيد على دورهم في إنجاح الخدمة. حتى أنهم اعتلوا المسرح حين تم اختيار "ستاجيير" Stagiaires.ma الشركة الناشئة للعام في جوائز الويب المغربي لعام 2013.
أن تكون الشركة أسرتهم الثانية: أكد لي يوسف، "نحن نشكل عائلة واحدة". فالموظفون لا يؤمنون سوى بالمشروع وبالفريق. والحالة نفسها تنطبق على "لا كارت بليز" LaCartePlz، حيث يستذكر ياسين بانفعال الفترة التي لم يكن قادراً فيها على دفع رواتب أحد من الموظفين: "كنا دائماً معاً، كنا نعمل سوية ولم يكن لدينا حياة اجتماعية ولكن لا بأس فنحن لم يكن لدينا المال لذلك". وقد سمح لهم هذا التضامن بتجاوز هذه الفترة. ويشدد ياسين على أن "أحداً لا يهجر عائلته حتى في الأوقات الصعبة".
السماح لهم بالازدهار: الموظف المزدهر هو الموظف الفعّال. ويوسف يعرف ذلك، لذلك يحرص على أن يشعر الموظفون بأنهم مزدهرون مهنياً وشخصياً. وغالباً ما يناقش معهم خطتهم المستقبلية إن كان في Stagiaire.ma أو خارجها. كما يعطيهم الوقت للعمل على مشاريعهم الخاصة ويقدم لهم النصائح. ويضمن يوسف أيضاً أن يكونوا سعداء في حياتهم الشخصية. ويحرص على القيام بكل ما بإمكانه من أجل مساعدة موظفيه على تحقيق أمر ما.
هل لديهم سبب للبقاء؟
لم يستسلم فريق "لا كارت بليز" LaCartePlz لا بل يبدو أنه رأى الأمور بالشكل الصحيح. فباستثناء الموظف الذي اضطر للمغادرة لأسباب مالية، بقي جميع الموظفين. ومنذ كانون الثاني/ يناير، قاموا بتعديلات وغيروا "لا كارت بليز" LaCartePlz إلى "دورفي" Doorfy.
وفي Stagiaires.ma، بدا المتدربون مقتنعون أيضاً. فمن أصل ثلاثة متدربين أساسيين، تم توظيف اثنين بينما ركّز الثالث بمساعدة يوسف على إنشاء مؤسسته الخاصة مع الاستمرار في تزويد خدماته إلى stagiaires.ma. ويوظف يوسف أيضاً متدربين اثنين، فهل يصبحان أيضاً موظفين بدوام كامل؟