كيف تبني مؤسسة قائمة على أساس التعاون
نُشر هذا المقال أساسًا باللغة الإنجليزية على "وي شير" Ouishare.
بناء منظمة تعاونية ليس بالأمر السهل. التعاون ليس قاعدة يمكن أن تحددها، بل هو ثقافة تنظيمة يجب اتباعها. ولكن من أين تبدأ؟ ما هو المهم؟ ثمة أربعة أمور هامة يجب أن تُأخذ في الاعتبار.
1) اجعل مؤسستك منصة للإبداع
من أجل تحقيق النجاح في عالم التعاون، ﻻ يمكنك التفكير في مؤسستك كأداة عرض تقوم فقط بتقديم المحتوى او المنتج او الخدمة وانما عليك النظر على انها منصة للابداع يستطيع من خلالها الآخرون تنظيم انفسهم وابتكار افكار جديدة لا تقل أهمية، سواء بالنسبة لك أوبالنسبة لهم، أو ربما للعالم.
في عصر شبكات التواصل يمكن للمنظمات الآن أن تُطوّر أدائها بسهولة حيث يمكنها ان تخلق منصة للابتكار قادرة على التواصل بأكبر عدد من المساهمين وأكثر تنوعاً و قدرة من اي مؤسسة اخرى في اي وقت مضى. ومن خلال هذه الشبكات الاجتماعية المفتوحة يمكن المساهمة في تمكين تشكيل المجتمعات حول مشاكل مشتركة.
"إذا كان الناس سيستخدمون المنتجات الخاصة بك على أي حال، فمن الأفضل إذًا أن الاستفادة من هذا الامر في تطوير عملك الخاص بدلاً من مقاضاتك لهم".
اجعل المنتجات الخاصة بك، منتجات قابلة لاعادة التشكيل والتعديل . بحيث يمكن للمساهمين أن يضيفوا قيمة إلى المنتج الخاص بك وجعلها أسهل للمشاركة والدمج مع أفكار اخرى. مما يجعلك قادر دائمًا على الاعتماد على هذه الديناميكة الإيكولوجية الخصبة في النمو والابداع.
وأخيراً، لا تتوقع ان يكون هذا الأمر رحلة مجانية فالمساهمون يتوقعون المشاركة في ملكية وأرباح الأمور التي ساهموا في بنائها وكلما جعلت الامر اكثر ربحيةً للمساهمين كلما زادت فرص المشاركة اكثر.
2) أعد التفكير بالمشاع الابداعي
على جميع المؤسسات التخلي عن فكرة اعتبار المؤسسة القلعة الخاصة بهم التي يجب حمايتها، بل يجب عليهم جعلها مفتوحة المصدر وذلك ليس فقط من خلال نشر المعلومات ذات الصلة للأشخاص المعنيين، ولكن ايضا بالمشاركة في بعض الممتلكات الخاصة بالشركة. بالطبع تحتاج الشركات لحماية حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها ولكن لا يمكن للمؤسسات التعاون والتشارك بفعاليّة في حال كانت كامل الملكية الفكرية لديها مغلقة. لذلك من أجل أن تبني شركة على أساس التعاون، عليك التفكير بنشاطات العمل التي ستحقق لك منفعة اكبر عبر جعلها مفتوحة المصدر. قد يبدو الامر بالنسبة للكثير من الاشخاص تهديداً محتملاً للمؤسسات ولكن في الواقع هو فرصة للمنظمات لاكتشاف مجالات جديدة للإبداع، سواءً داخل أو خارج حدود المنظمة.
ثمة الكثير من الطرق التي يمكن للمنظمات اتباعها لـ"اطلاق العنان للمؤسسات": حيث يمكن إعطاء موظفيك مزيد من الحرية والمرونة للابتكار والمشاركة مع زملاءهم ويمكن الاستفادة من الموردين والشركاء للحصول على أفكار والتعاون على نحو وثيق في تصميم المنتجات وصناعتها. ويمكن مشاركة بعض من الأصول الخاصة بك مع الجمهور لتوسيع التعاون والمساعدة على جذب شبكة أكبر من المساهمين. يمكن ايضا السماح للمجتمع الذي يتصف بالولاء وحب منتجك بالمساعدة على نمو العلامة التجارية الخاصة بك.
عند اتخاذ قرار الاستعانة بالمصادر الخارجية، ينبغي على المنظمات النظر الى الجوانب الاستراتيجية بالإضافة إلى التكلفة: ابدأ بالسؤال التالي: هل هذا النوع من العمل يقدّم لمؤسستك فائدة تنفاسية؟
إذا كان الأمر كذلك، فحافظ على هذا العمل في داخل مؤسستك وتأكد من أن المسؤولين عن هذا العمل غير مشغولين بمهام أقل قيمة يمكن للآخرين انجازها. ولكن إذا قررت الاستعانة بمصادر خارجية للقيام بهذا العمل، عليك التفكير في الفائدة المرجوة من ذلك بالنسبة للمنظمة. إذا كان هناك مصلحة مرجوة في ذلك فعندها قم بالاستعانة بمصادر خارجية لهذا العمل واجعله مفتوح المصدر. ولكن لذلك تحدياته الخاصة، لأنه يعني سيطرة أقل ويتطلب التعلم والالتزام بقواعد المجتمعات العلمية والإبداعية، ويعني أيضًا الاستثمار في البنى التحتية للتعاون والنظر في كيفية توزيع المكافآت والأرباح داخل المجتمع بعناية.
لجعل العمل تشاركي سوف تحتاج إلى البقاء على تواصل
مع المجتمع حتى تتمكن من الاستفادة من المساهمات الجديدة، وأنت ايضا
بحاجة إلى تكريس الموارد اللازمة لاختيار وتجميع المساهمات التي تلائم
طبيعة عملك.
3) انشئ ثقافة للتعاون في مؤسستك
التحدي الأصعب بالنسبة لمن يريد تحويل مؤسسته الى عصر
الشبكات هو تعميق وتوسيع ثقافة التعاون. لجعل هذا العمل ممكناً
بالنسبة لك، عليك أن تكون منفتحاً بصدق على الأفكار الجديدة. مكان
العمل الخاص بك هو المكان الأول الذي يجب ان تبدأ به. من خلال
المحاولة بالخروج بمجموعة حوافز للأداء الجماعي بدلاً من الأداء
الفردي. عليك ان تكون قدوة من خلال السلوك الخاص بك في طريقك بالتعاون
وتبادل المعلومات، وتوجيه المنظمة نحو هدف مشترك.
لتحويل المؤسسة الخاصة بك إلى مكان عمل تعاوني، يجب على قادة المؤسسة الاعتراف بأن التعاون أمر ضروري للوصول إلى أهدافهم. لذلك سوف تحتاج إلى تكريس الكثير من الموارد الخاصة بك لتحقيق التعاون الكامل. يجب أن يكون العمل بشكل متواصل لتعزيز التعاون، والحفاظ على هذا الزخم.
4) عزز نخبة المساهمين
"ﻻ يمكن للمجتمعات التعاونية ان تتطور من دون وجود مجموعة اساسية من القادة الذين يحددون القيم و الرؤيا في هذا المجتمع ويساعدون في ادارة التفاعلات فيها وجذب عدد اكبر من الاشخاص للمشاركة في هذه البيئة الحاضنة".
توفر هذه المجموعة الصغيرة رأس المال الاجتماعي والبنية التحتية التقنية التي تمكّن الآخرين من المشاركين. يمكن ايضا لهذا الفريق أن يكون له تأثير عميق على نوع و طبيعة المجتمع الذي يتطور، وخاصة من القادمين الجدد الذين جذبهم سلوكهم و الاعمال التي قاموا بها. ان المجتمعات التشاركية تطور قواعدها الخاصة التي تحكم قضايها مثل التواصل، والاعتمادات، وشكل المساهمة وطرقها.
توفير الحوافز لهذه النخبة سوف يساعد على تحفيزها بالشكل الجيد لتكون أكثر فعالية. السماح لهم في التوسّع تدريجيا ومعالجة بعض الامور باعتباره عمل حقيقي لهم ليس مجرد إلهاء.
وعلاوة على ذلك، تمكين المجموعة من خلال الذكاء الجماعي عن طريق اتباع المبادئ التي تحدّث عنها كتاب "حكمة الحشود"، وهي التنوع في الرأي، والاستقلال، واللامركزية، والتجميع.
تمكين فئة المحترفين والهواة يساعدك على بناء "رأس المال الاجتماعي": وهو شبكة من العلاقات التي تسمح للناس التعاون وتبادل الأفكار وتحمل المخاطر معاً. يمكن لرأس المال الاجتماعي المساعدة في تعزيز ودمج المجتمع مع بعضه، وتسمح للناس بأن تثق ببعضها البعض، وبالتالي تشجيعهم على تغيير تعاوني وتقاسم المخاطر. بالاضافة إلى الانتقال من التسلسل الهرمي التقليدي وتفضيل التعاون داخل المؤسسات، هي تجبرها على إعادة التفكير في كيفية توظيف أصحاب المهارات، ومكافئتهم، وتطويرهم، والإشراف عليهم.
لسوء الحظ، فإن معظم المنظمات والمؤسسات تقوم بعمل ضعيف في إشراك الشباب. الشركات الذكية تدرك أن أدوات ومنصات مثل الـ "فايسبوك" ووسائل التواصل الاجتماعية الأخرى أصبحت نظام التشغيل الجديد لأعمالهم التجارية. وهذه الأدوات هي أمور أساسية بالنسبة للجيل الجديد، تمامًا الهواء الذي نتنفسه.
قد نشرت نسخة أطول من هذه المادة مسبقا على مدونة أحمد سفيان بيرم.