رائدة أعمال سعودية تؤسس شركة لإنتاج القهوة العربية
يُعد تحضير القهوة السعودية عملية صعبة ودقيقة، اذ تحمّص حبات القهوة أولا، ثم تطحن، فتخمر، قبل ان تغلى في "دلة" (أو قدر) وتقدّم في فناجين. وفي محاولة لتسهيل هذه العملية في عصر السرعة هذا، وتمكين أي شخص من إعداد القهوة العربية، أسست رائدة الأعمال السعودية لطيفة الوعلان شركة "يتوق" Yatook لانتاج وبيع عبوات من القهوة العربية سريعة التحضير، في مطلع شهر تموز/يوليو عام 2011. وقد إستوحت الوعلان إسم شركتها الناشئة من "التوق" أي الشوق، فالنفس تتوق للقهوة أي تشتهيها.
ليست هذه التجربة الريادية الأولى للوعلان، التي كانت قد قادت الفريق الفائز بالمركز الأول في فعالية "ستارتب ويك إند" Start-up Weekend في الرياض، عن تطبيق يقدم حل لعملية مشاركة قوائم الشراء بين الأفراد، ويحمل إسم "مقاضينا"، تحت إشراف "حاضنة بادر"، وهي أيضا عضو مؤسس لشبكة "صلة" للتواصل المهني بين السيدات في السعودية، مبادرة غير ربحية تسعى لتفعيل مجتمع السيدات المهنيات حول المملكة العربية السعودية.
ونظرا لشغفها بالقهوة العربية وصعوبة تحضيرها، أرادت الوعلان، وهي أيضا مبرمجة تطبيقات للحاسوب، أن تستخدم التكنولوجيا للإستثمار في مجال إنتاج القهوة. وتقول الوعلان، "أعشق القهوة العربية الشقراء المطعمة بالبهارات ولكن تحضيرها معقّد ويستلزم الوقت والأدوات، ويحتاج إتقانها إلى مهارة، لذلك اطلقنا "يتوق" المتخصصة في تقديم حلول القهوة العربية الفاخرة".
وتمتلك "يتوق" مكتب ومختبر ومعمل في العاصمة السعودية، الرياض، حيث يتم تحميص البن وإنتاج القهوة محليا، وتعتمد الشركة على موردين محليين لتزويدها بكافة المواد الأولية اللازمة، أما الآلات فيتم تطويرها واختبارها في الرياض. وتستعين "يتوق" بمكاتب تصميم هندسية عالمية، وكفاءت محلية، في برمجة الآلات، كذلك إستثمرت الشركة في إنشاء خط لإنتاج آلات إعداد القهوة في الشرق الأقصى.
ويعمل اليوم في "يتوق" خمس أفراد بتفرغ وثلاث أشخاص بدوام جزئي. تتنوع مهامهم بين التسويق والمبيعات، الإنتاج والمخازن، التطوير والإختبارات، الحسابات والعمليات المالية.
وبهدف جعل القهوة العربية السعودية بمتناول يد كل الشباب السعودي، بدأت "يتوق" بطرح خلطات القهوة الجاهزة التي تحتوي على جميع المكونات لتحصل على فنجان قهوة موزون، وهي حاليا تسعى الى تسخير التقنية لجعل تحضير القهوة أكثر يسراً عن طريق تطوير "دلة يتوق الأتوماتيكية" Automatic Coffee Pot (وتسمى أيضا "قدر" أو "ركوة")، التي بدأ العمل على تصنيعها في منتصف عام 2011 وستطلق أول نسخة منه في أيار/مايو 2013. وتأمل الوعلان أن تكون هذه نواة لإستخدام التقنية في تحضير القهوة العربية.
ويبقى التساؤل حول اذا ما كان تعلْق المجتمع السعودي بالتراث، في تحضير القهوة العربية منزليا، قد يمثل عائقا أمام "يتوق". ولكن الوعلان تبدو متفائلة، "ربما، ستبدي لنا الأيام ما كنا نجهل. إلا أنني أراهن على العكس".
وكانت قد حصلت الشركة على تمويل في البداية من عدد من المستثمرين الأفراد، وتأمل حاليا أن تحقق الإستدامة عبر بيع منتجاتها. وتتوافر منتجات "يتوق" للبيع مباشرة عبر المتجر الإلكتروني الخاص به، وايضا عبر الهاتف، أو عن طريق الوكلاء والموزعين للبيع من خلال منافذ البيع بالتجزئة، لدى 9 منافذ مختلفة للبيع بالتجزئة، ولكن الشركة، التي لا تزال ناشئة، تواجه صعوبات في طرح منتجاتها للبيع لدى منافذ البيع الكبيرة، والتي تلزم الشركات بدفع رسوم مرتفعة للتواجد على رفوفها.
تحديات رائدات الأعمال السعوديات
وتقول الوعلان، التي لم تتجاوز الثلاثين من عمرها، متحدثة عن بعض الصعوبات التي واجهتها كامرأة في تأسيس شركتها الخاصة في السعودية، انه من بين العقبات التي واجهتها كان "إلزام وزارة التجارة أي سيدة تقوم بفتح مؤسسة تجارية بتحديد مدير ذكر لإدارة المؤسسة كشرط أساسي. لم يكن لدي موظفين آن ذاك، وهو الشرط الذي تم تغييره لاحقا". اضطرت الوعلان الى الإعتماد على معقب - شخص وظيفته متابعة المعاملات في الدوائر الحكومية في السعودية - تعرفه العائلة للتغلب على الأمر.
وتعتقد الوعلان أن وجود المرأة في أماكن العمل في السعودية لا يزال يطرح علامات استفهام، خاصة في المجالات التي يقل وجود النساء فيها، مثل المبيعات، كما أن الدوائر الحكومية لا تزال محكومة ببيئات تفزض وجود رجل، حتى وإن وجدت الأقسام النسائية. وتحكي الوعلان عن إحدى تجاربها مع المعاملات الحكومية قائلة، "إحدى الجهات الحكومية التي طرقت بابها، رفضت دخولي للقسم المختص بطلبي، وأصر الموظف أن ارسل "أخي أو أبي" لشرح مشروعي ومناقشته". ولكنها تميل الى الإعتقاد بأن الأمور تتجه الى الأفضل منذ أن تم سن قانون تنظيم عمل المرأة السعودية في القطاع الخاص عام ٢٠٠٥.
ولكن الوعلان لا ترى في هذه الصعوبات معوقات حقيقة أمامها، "إذا أردت الصراحه، في الغالب كوني أنثى فتح لي أبواب كثيرة. أو على الأقل هذا تقديري! المعوق الأكبر لأي إنسان سواء كان ذكر أو أنثى هو نفسه". كما وساهم دعم عائلة الوعلان في الإحتفاظ بهذه النظرة المتفائلة، كما حصلت على دعم من شبكة الأصدقاء والأقارب المشجعين لها، وتصف دورهم بأنه "مفصلي" في اجتياز ما مرت به.