التلفزيون ينتقل إلى الشبكات الاجتماعية في المنطقة: ثلاثة اتجاهات
مع تنامي شعبية الشبكات الاجتماعية، أصبح التلفزيون وسيلة تواصل اجتماعية أكثر فأكثر. حيث نجد الناس يتواصلون ويتفاعلون بشكل مكثف الآن حول المحتوى التلفزيوني على الشبكات الاجتماعية، خصوصاً عبر "تويتر" و"فايسبوك".
وحتى "نيلسن" Nielsen، شركة التقييم والتحليل الإعلامي الأميركية، أطلقت التصنيف التلفزيوني عبر تويتر Twitter TV Rating في كانون الأول/ ديسمبر، إقراراً منها بأن تويتر هو أداتها الوحيدة لقياس شعبية البرامج التلفزيونية. وأظهرت دراسة أجرتها الشركة في آذار/ مارس، بأن التغريدات الكثيفة حول برنامج ما، تعكس مدى شعبيته، فلدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 سنة، إنّ زيادة بنسبة 8.5% في التغريدات توازي ارتفاعاً بنسبة 1% في تصنيف البرنامج على التلفزيون خلال الحلقات الأولى بينما زيادة بنسبة 4.2% في التغريدات توازي الزيادة ذاتها في تصنيف الحلقات في منتصف الموسم.
ووجدت "نيلسن" أن استخدام الشبكات الاجتماعية لا يرتبط فقط بالتصنيفات، بل يؤثر بشكل مباشر على ما يتابعه المشاهدون. وقد وجدت دراسة سابقة جرت في أيلول/ سبتمبر عام 2012، أنه من بين كل الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، لـ "فايسبوك" أكبر تأثير على المشاهدين، إذ يحثّهم على متابعة برنامج جديد. وقال 46% من المشاركين في استطلاع الرأي إنهم اختاروا برنامجاً جديداً بفضل "فايسبوك" مقارنة بـ14% لـ "تويتر" و9% لمواقع برامج تلفزيونية على الإنترنت و8% لمواقع النقاش والمنتديات.
ويستفيد "فايسبوك" اليوم من نفوذه من خلال إطلاق خاصية TV check-in التي تسمح للمستخدمين بـ "وسم" Tag برنامج تلفزيوني عند تحديث الحالة الشخصية status على "فايسبوك". ولا يقتصر الأمر على الشبكات الاجتماعية البارزة في وادي السيليكون التي تدمج الإعلام التقليدي بالشبكات الاجتماعية، فالشركات الناشئة في الشرق الأوسط تسلك الآن ثلاثة اتجاهات رئيسية:
1 ـ تلفزيون اجتماعي
"جيرولابس" Gyrolabs المصرية هي أول شركة ناشئة عربية تصدر خدمة التلفزيون الاجتماعي المصممة خصوصاً للمنطقة العربية. وهذه الخدمة تحمل اسم "ريموتك" Remotak وهي دليل تلفزيوني إلكتروني اجتماعي، يستعين به مستخدمو أجهزة آندرويد والويب ليعرفوا أي برامج يشاهده أصدقاؤهم ويتفاعلوا مع بعضهم البعض، ويشاهدوا بعض القنوات التلفزيونية مباشرة على جهازهم، ويحصلوا على تذكير ببرامجهم المفضلة. وسيحصل المستخدمون أيضاً على توصيات بناء على ما يفضله أصدقاؤهم ومستخدمون آخرون. وبإمكان المستخدمين أن يذكروا بحرية تعليقاتهم على البرامج التلفزيونية التي يشاهدونها.
و"جيرولايز"، التي تخرّجت من مسرعة النمو "فلات6لابس" Flat6Labs والتي تتخذ من القاهرة مقراً لها، تلقت استثماراً لمتابعة عملياتها من "فودافون فنتشرز" Vodafone Ventures في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ويقول المؤسس والرئيس التنفيذي أحمد فتح الله إن قاعدتها الاجتماعية تتضاعف تقريباً كل أسبوع. وستعتمد قدرتها في مواصلة التوسع على مدى رغبة الناس في اكتشاف برامج جديدة والحصول على توصيات اجتماعية، كما ستعتمد بشكل كبير على مدى رغبة الناس في مشاركة ما يشاهدونه.
2 ـ فيديو عند الطلب
الفيديو عند الطلب (VOD) هي تقنية تسمح للمستخدمين باختيار ومشاهدة الفيديوهات حسب برنامج وقتهم الخاص، سواء كانت على تلفزيوناتهم (IP TV VOD) أو أجهزة الكومبيوتر (Over The Top (OTT))، وذلك من خلال تنزيل البرامج أو بثها.
وبما أنه يجب تأمين حقوق البث في كل بلد، تواجه منصات مثل "هولو" Hulu الأميركية صعوبة في التوسّع عالمياً. وفي الشرق الأوسط، انطلقت الكثير من المنصات من أجل سد الفجوة والاستجابة للطلب على المحتوى العربي المحلي.
ومن بين هذه المنصات أيضاً "شهيد" Shahid التي أطلقتها "أم بي سي"، تقدم مسلسلات وبرامج ورسوم متحركة وأفلام وثائقية تعرض على "أم بي سي" وقنوات عربية أخرى.
وثمة منصة أخرى هي "استكانة" Istikana الشبيهة بـ "هولو". ولكن لن تجد أياً من البرامج التلفزيونية الرئيسية على هذه المنصة التي تتخذ من الأردن مقراً لها، حيث تقدم 3000 ساعة من البرامج التلفزيونية العربية الكلاسيكية أو الأفلام التي لم تعرض يوماً على التلفزيون، أو ليست متوفرة على أقراص مدمجة أو غيرها من خدمات الفيديو عند الطلب (بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأفلام من راديو وتلفزيون العرب).
وتركز المنصة، التي انطلقت في آذار/ مارس 2011، أيضاً بشكل كثيف على أن تكون متعددة النماذج واجتماعية، حيث يمكن للمستخدمين استعمالها عبر أجهزة الـ "آيفون" والـ "آيباد" والـ "آندرويد"، وتلفزيون "جوجل" Google TV، وبإمكانهم أن يشاهدوا الفيديوهات على "فايسبوك" بفضل دمج "استكانة" مع خاصية "أوبن جراف" Open Graph.
أما "سينيموز" Cinemoz فهي منصة فيديو عند الطلب في لبنان، تقدم أفلاماً ومسلسلات عربية شعبية، بالإضافة إلى أفلام وثائقية مستقلة وأفلام قصيرة. "سينيموز"، التي انطلقت بعد أشهر من "استكانة" في كانون الأول/ ديسمبر 2011، قد تميزت عن غيرها من خلال إنتاج أفلامها الخاصة وتقديم قناة توزيع خاصة بالأفلام المستقلة في المنطقة العربية.
ستواجه كل خدمات الفيديو عند الطلب هذه، مشكلة كبرى واحدة وهي الحاجة إلى إنترنت جيد وهو أمر غائب لدى الكثيرين في المنطقة العربية. ما يدفعنا إلى طرح السؤال عمّا إذا كان الآن الوقت المناسب للفوز بولاء صانعي الاتجاهات الجديدة أو أن الأمر مبكر جداً للسوق؟
3 ـ التلفزيون الذكي
بغض النظر عما إذا كان الإنترنت سيتحسّن أم لا، يبدي المستخدمون استعداداً لإنفاق مالهم على التلفزيونات الذكية، وهي تلفزيونات تدمج خدمتها مع الإنترنت لتقدّم تجربة أكثر تفالية للمستخدم، حيث تقدم خاصية تصفح الإنترنت وخدمة فيديو عند الطلب وإمكانية استخدام الشبكات الاجتماعية والراديو والتطبيقات والألعاب وأكثر من ذلك.
وبحسب شركة الإنتاج الصينية "تشانغ هونغ" Changhong، ستبلغ نسبة انتشار التلفزيون الذكي في سوق التلفزيون في الشرق الأوسط 40% مع حلول عام 2015. وبإمكان الزبائن إمّا شراء تلفزيون ذكي أو استخدام أقراص Blu ray أو أجهزة مثل "تلفزيون آبل" Apple TV و"تلفزيون جوجل" Google TV.
تنضم الكثير من منصات المحتوى على الإنترنت في الشرق الأوسط إلى هذا القطاع، إحداها شركة "استكانة" التي وقعت صفقة مع "سامسونج" للإلكترونيات في الخليج لتقديم 30 ألف ساعة من الفيديو على تلفزيونات "سامسونج" الذكية، ويقول مؤسس استكانة سامر عابدين إن "التلفزيونات الذكية هي مستقبل خدمة الفيديو عند الطلب".
وثمة منصة أخرى خاصة بالتلفزيونات الذكية هي "فتوش" Fatoosh التي انطلقت في أواخر العام الماضي في الأردن، وهي تطبيق للتلفزيون الذكي يسمح للمستخدمين بتحفيظ فيديوهات يوتيوب المفضلة لديهم أو مشاهدتها أو مشاركتها من هواتفهم الذكية وأجهزتهم اللوحية، أو الكومبيوتر أو التلفزيونات الذكية. ويخطط الفريق لإضافة المزيد من مصادر الفيديوهات، ثمّ بناء قناة "فتوش" التلفزيونية التي تعتمد على الاشتراكات. وستعمل هذه القناة على نموذج مشابه لـ"نتفليكس" Netflix حيث تسوّق لصفقات مع منتجين تلفزيونيين لإنتاج محتوى حصري مدفوع.
ومن أجل خدمة كلّ من السوق السعودية والمصرية، تقدم "فتوش" بشكل أساسي محتوى عربي معدّل ليعكس القيم المحلية. ولدى الخدمة، التي أطلقت أيضاً قناة للأطفال، أكثر من 100 ألف مستخدم مسجّل.
صحيح أن شراء تلفزيون ذكي يمكن أن يكون مكلفاً جداً (أكثر من ألف دولار)، إلاّ أنه لحسن الحظ استطاع الريادي الذي يعيش في دبي، أحمد زهران جعله في متناول الجميع.
فجهازه المبتكر "بوكيت تي في" Pocket TV أو (تلفزيون الجيب)، يحول أي جهاز تلفزيون إلى تلفزيون ذكي مقابل 159 دولار، وذلك عبر إدخال الجهاز في التلفزيون. ويستطيع المستخدمون تصفّح الإنترنت ومشاهدة الفيديوهات والاستماع إلى مقاطع قاموا بتحفيظها على الجهاز الذي يتسع لجيغا بايت واحد، واستخدام في الوقت نفسه أي تطبيق في متجر "جوجل بلاي" Google Play للتطبيقات. ويعمل هذا الجهاز المتميز على Android 4.0 Ice Cream Sandwich..
تتمثل العقبة الوحيدة في المنطقة العربية في أن هذه الشركات الناشئة تبدو سابقة لسوقها، فـ"إنفينتيك" Infintech الآن يباع أكثر خارج المنطقة ويباع فقط في متاجر "فيرجين" Virgin.
هل تتابعون مستخدم تلفزيون ذكي؟ أي فئة مما سبق تستخدمون أكثر؟