من الأكثر تضرراً من حجب موقع يوتيوب في مصر
في ذكرى تنحّي مبارك قبل عامين، تواجه مصر حجباً لمدة ثلاثين يوماً لموقع يوتيوب، بأمر من محكمة "القضاء الإداري" بمجلس الدولة في مصر كـ"عقاب مؤقت" “temporary punishment” على عدم إزالة فيلم مسيء للإسلام صدر العام الماضي.
والفيلم الذي يحمل إسم "براءة المسلمين" أثار اضطرابات عنيفة في أنحاء الشرق الأوسط العام الماضي بسبب إساءته للنبي محمد، ووصفه المستشار حسونة توفيق بأنه "معاد للإسلام".
ولكن الحجب الذي قد يتم نقضه، والذي قد يطال أيضا فايسبوك وتويتر، لم يصبح حتى الآن نافذاً. والسبت الماضي أفادت متحدثة باسم جوجل بأن شركة يوتيوب الأم "لم تتلق أي شيء من القاضي أو الحكومة بخصوص هذه المسألة".
لذلك قد يكون تطبيق الحكم صعباً، حيث أن قرار حجب مماثلاً للمواقع الإباحية صدر في آذار/مارس العام الماضي بعد حجب سابق عام 2009، لم ينفذ حتى الآن ربما بسبب الكلفة المرتفعة للتنفيذ.
وفي الوقت الراهن، يشاهد حوالي 44% من 30 مليون مستخدم للإنترنت في مصر (35% من السكان) يوتيوب يومياً، بحسب جوجل.
الأثر على مجتمع الشركات الناشئة المصري
من شأن الحجب إذا طبّق أن يسبب خراباً في مجتمع الشركات الناشئة المصرية التي تعتمد بشكل كبير على الفيديو لتسويق لمنتجاتها ونقل المحتوى.
فمجلة الفيديو "دي سلطة" (Disalata) مثلاً حققت الشهرة هذا العام بعد إصدار نسخة مصرية من أغنية "جانجام ستايل" Gagnam Style على يوتيوب. أما "كرادوسواي" (Crowdsway)، المتخرجة من مسرّعة النمو فلات6لابز، تعمل على ربط المخرجين المستقلين بوظائف وقنوات توزيع لأعمالهم التي يمكن رؤيتها على يوتيوب.
أما "خرابيش" أكبر شبكة متعددة القنوات في العالم العربي، التي تسجّل حوالي 21 مليون مشاهدة على يوتيوب في الشهر، فاشتهرت خلال الربيع العربي لأسباب بينها "Mubarak is High". واليوم لدى الشبكة مكتب في مصر وتوزّع البرامج الكوميدية والقنوات الموسيقية والبرامج الحوارية والرسوم التوضيحية ومحتويات ورش العمل لتثقيف الرياديين الإعلاميين.
وعلق المؤسس الشريك للشركة، وائل عتيلي، مؤخراً على قانون الرقابة في الأردن، بالقول إن "شركات الإنترنت الكبرى تشعر بالقلق من القانون ولا يمكن تجاهل حقيقة أن هذه الشركات هي أساس ثقافة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدينا".
وينطبق المنطق نفسه على مصر حيث يقول أحمد ألفي رئيس فلات6لابز وشركة رأسمال المخاطر "سواري فنتشرز"، إن حجب يوتيوب "من شأنه أن يجرد الجمهور من فرص التعلّم والشركات الناشئة من إيصال رسائلها إلى الجمهور ومن المستثمرين المحتملين ويقلّص الموارد المتوفرة للشركات الناشئة لتتعلم وتحل مشاكلها ويجرّد الإعلام من قدرته على إصدار منتج".
يوافق سامر الصحن، المدير التنفيذي لمسرّعة النمو "تحرير سكويرد" ومقرها الإسكندرية، بأن أثر الحجب يمكن أن يصل إلى أبعد من قطع الزوار عن القنوات الإعلامية الرقمية حين يتعلق الأمر بخنق زخم الشركة الناشئة. ويقول إن "العديد من الشركات الناشئة تستخدم يوتيوب كقناة تسويق. وصحيح أن هناك بدائل إلاّ أن يوتيوب يبقى الملك"، مضيفاً أن "الحجب من شأنه أن يؤثر على كيف ينظر المستثمرون إلى المنطقة".
وبشكل عام، اعتبر ناشطو حقوق الإنسان الحكم انعكاساً لافتقار المحاكم لفهم كيفية عمل الإنترنت. ولكن على الرغم من الأدوات التي لا تعد ولا تحصى للتحايل على الحجب، إلا أن القنوات الشعبية على يوتيوب ستواجه على الأرجح تراجعاً في المستخدمين العاديين الذين لا يتخذون خطوات لتجاوز الحجب.
من هم الخاسرون
إليكم نظرة إلى أسرع خمس قنوات على يوتيوب نمواً في مصر بحسب سوشل بيكرز.
1 ـ البرنامج (65795871 مشاهدة)
برنامج باسم يوسف الساخر الذي بدأ كسلسلة محلية بعد الثورة مستوحى من البرنامج الأميركي (The Daily Show) وبلغ ملايين المشاهدة على يوتيوب في نهاية الموسوم الأول.
2 ـ عمرو دياب (66386320 مشاهدة)
قناة الفيديو الموسيقية لأكثر فنان عربي شعبياً في جميع الأزمان المعروف بـ"الأب الروحي لموسيقى البحر الأبيض الأوسط".
3 ـ تامر حسني (104722245
مشاهدة)
قناة الفيديو الموسيقية لملك البوب في مصر الذي أقام حفلة مثيرة للجدل في ميدان التحرير بعد الاحتجاجات.
4 ـ خرابيش كرتون (58157157 مشاهدة)
قناة كرتون تعرف بمحتواه الساخر الكوميدي العربي.
5 ـ عمرو خالد (38271111
مشاهدة)
داعية وناشط مسلم اشتهر برسالته "الإيمانية القائمة على التطور" ويدين التطرف ويشجّع التواضع.
ومع مزيج من السخرية والأخبار والرسائل الموجّهة إلى المجتمع والترفيه، التي تقود الاستهلاك المصري ليوتيوب، يبدو أن الإعلام التقليدي هو من سيفوز ولو لشهر واحد من حجب يوتيوب.
إن سارت وزارتا الاتصالات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قدماً في تنفيذ الحجب، حارفة الاستثمارات عن الشركات الصغيرة وهو ما كان من شأنه أن يساعد في خلق وظائف ووضع الاقتصاد على قدميه، فإن ذلك سيجلب نتائج عكسية. ومنذ متى قاد فرض القيود في مصر في الآونة الأخيرة إلى الصمت والقبول؟
وفي النهاية يقول عتيلي، "حين تفرض حجباً وتضع شخصاً في السجن (لانتهاكه) تجعله بطلا".