AbjadCity تطبيق لتعليم اللغة العربية بطريقة مسلية
ماذا يحدث عندما تجد نفسك قاطنا في بلد أجنبي لا يتكلّم لغتك الأم وأنت تحاول جاهدا تعليم هذه اللغة لأولادك ولكن دون جدوى، فتصبح العملية بالنسبة لهم شبيهة بالعقاب الأسبوعي؟ هكذا كانت حال ريم أتاسي من أصل سوري، ومنى عبد الحميد من أصل أردني، الشريكتان المؤسستان لشركة "أبجد هوّز" للألعاب التعليمية، حين كانتا تقطنان الولايات المتحدة الأميركية وتحاولان الحفاظ على اللغة العربية كلغة أساسية في تربية أولادهما وبين أفراد عائلتيهما.
وبعد فشل محاولات عدة لابقاء أولادهما في معاهد لتعليم اللغة العربية، قررت منى وريم ابتكار ألعاب تعليمية لجعل اللغة العربية أمراً مسليا في المنزل. نجحت الخطة وتحوّلت أيام الأحد الى جلسات تسيطر عليها الألعاب لتعليم العربية ويشارك فيها ليس فقط أولاد منى وريم بل أولاد آخرون أيضا، من جنسيات مختلفة، هدفهم ليس بالضرورة تعلّم اللغة العربية بل التسلية والوقت الممتع.
بعد مرور سنوات عدة أطلقت خلالها السيدتان العنان لابداعهما واعتمدتا حوالي الـ15 لعبة تعليمية للغة العربية في المنزل، قررتا عام 2010 انشاء شركة "أبجد هوّز"، وتسجيلها في الولايات المتحدة، وتحويل احدى هذه الألعاب الى لعبة لوحية (board game) بهدف مشاركة الحل الذي ابتكرتاه، ومساعدة كل من يحاول تعليم العربية لأولاده. وبعد بناء النموذج الأول وعرضه في معرض في دبي وحصوله على ردود أفعال ايجابية كثيرة، لم تتمكنا من تحقيقه بسبب عوائق لوجستية أهمها الكلفة.
كونهما شغوفتين باللغة العربية ومتمسكتين بالمحافظة على الوجه الثقافي الذي تحمله، رفضت منى وريم الاستسلام وقررتا تحويل اللعبة الى تطبيق الكتروني "مدينة أبجد" Abjad City، أطلق أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وذلك على الرغم من وجودهما في بلدين مختلفين اذ كانت ريم فد انتقلت للعيش في الأردن مؤخراً.
صممت لعبة "مدينة أبجد" للأطفال ما فوق الأربع سنوات، وعليهم انقاذ
مدينتهم من شرير ("شرّور") يحاول تدميرها، من خلال تجميع أحرف
الأبجدية. وكلما يجد الولد حرفاً واحداً يسمع لفظه ويرى شكله واضحاً
فيتآلف معه ليكون في الوقت نفسه يلعب ويتعلّم. "نحن نستهدف السوق
العالمية وكل الأعمار والجنسيات التي تحاول تعلّم اللغة العربية
بطريقة مسلية وسريعة"، تقول منى. ومن الملحوظ أيضا ان تعليمات اللعبة
كلها باللغة الانجليزية وذلك لتسهيل الأمر أكثر على من لا يتقن قراءة
العربية بعد وفي نفس الوقت تكون اللعبة جذابة لأي طفل، حتى لو لم يكن
هدفه تعلّب العربية.
انتشار التطبيقات العربية
ومن الواضح ان اللغة العربية تحظى على الكثير من الاهتمام الرقمي
مؤخراً من خلال التطبيقات والألعاب التي تطلق بشكل متواصل بهدف دعم
هذه اللغة والحفاظ عليها. نذكر مثلا تطبيق "أولاد يحبون العربية" Kids Love Arabic، و"ساشا بوكس" Sacha Books الذين سبق وتكلمنا عنهما على "ومضة".
تعتبر منى ان السبب وراء هذا الاقبال المكثف على اللغة العربية هو ان
"المجتمعات العربية ادركت أخيرا الاهمال الذي فرضته بنفسها على
ثقافتها خلال السنوات العشرين الماضية جراء تركيزها على الاتجهات
الانجليزية العالمية ورغبتها اتاحة امكانية دخول الأسواق العالمية
للأجيال المستقبلية، وهي تحاول اليوم التعويض عن هذا الاهمال بدعم
انتشار اللغة والحضارة العربية من خلال أدوات عدة، منها التطبيقات
الالكترونية".
صحيح ان الشريكتين قرّرتا بناء اللعبة بهدف مساعدة أولاد من أصل عربي
يعيشون في الاغتراب، ولكن سريعا ما لاحظتا ان البلدان العربية نفسها
بحاجة ماسة الى ألعاب مماثلة. فبسبب سيطرة العوامل الخارجية الأجنبية
مثل الموسيقى والأفلام والكتب والمجلّات والمواقع الالكترونية ومناهج
المدارس على عوالم الأطفال في البلدان العربية، أصبحوا بحاجة الى
عوامل عربية مماثلة لاعادة السيطرة على اللغة والثقافة والحضارة
العربية مجددا.
التحدّي الأكبر: التمويل
ان السوق الرقمية العربية بحاجة ماسة الى هذا النوع من التطبيقات وهناك الكثير من رواد الأعمال الذين يحاولون خوض مجال التطبيقات التعليمية باللغة العربية، ولكن التحدي الأساسي هو تأمين التمويل، بحسب منى. وربما هذا هو العائق الأول الذي على التطبيقات التعليمية العربية تخطيه من أجل منافسة التطبيقات والألعاب على المستوى العالمي.
ويباع التطبيق حاليا على برنامج iOS أي على هواتف الـ"آي فون" ولوحات "آي باد" الالكترونية بقيمة USD $ 1.99. واختارت الشريكتان هذا النموذج اعتمادا على خبرتهما كأمهات لأولاد يلهون كثيرا على هذه الأدوات، "نعتبر أنه من الأفضل للأهل شراء التطبيق مرة واحدة فقط، عوضا عن الاضطرار لدفع مبلغا أصغر كلما الولد اجتاز مرحلة وعليه الدفع من أجل البدء بالمرحلة التالية"، تقول منى. "كما اننا لا نريد تعريض ذهون الأطفال للدعايات عندما يلعبون ويتسلون، لهذا فضّلنا جعل التطبيق مدفوعا منذ البداية ولمرة واحدة فقط"، تضيف ريم.
ان الأمر المميز والمشجّع حول هذا التطبيق هو انه صمم من قبل والدتين تنقلان تجربتهما وتحاولان حل مشكلة عانتا منها لوقت طويل وتخص أولادهما. حين يتعلّق الأمر بالأولاد، يكون الموضوع دقيق وحساس جدا، لهذا أظن ان تطبيق "مدينة أبجد" يحمل الكثير من الامكانيات التعليمية وهو اضافة قيّمة للتطبيقات التعليمية على المحمول، خاصة انه يعلّم اللغة العربية ويسلّي بالوقت نفسه.