رحلة ريادي أعمال في المأكولات والمشروبات في عمّان
في البداية تشعر أن الودّ الذي يظهره نيكولا نيبوير في كافيه سترادا بعمّان ليس في محلّه. ومع ابتسامته العريضة ولكنته الأميركية، افترضت أنه وافد أجنبي يعمل مشرفاً على الطاولات. وعبارته المباشرة "صباح الخير سيدتي" غريبة عن ثقافة المطاعم في عمّان حيث يبرع النّدل في النظر بعيداً عن يدك التي تلوّح في الأفق طلباً للمساعدة.
ولكن نيبوير قد يكون ببساطة الشخص الأكثر جدية بين العاملين في شارع الرينبو في عمّان. فمنذ افتتح مع أردنيين اثنين الكافيه الحميم في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، أصبح نقطة التقاء الكتّاب والرياديين في شارع الرينبو. وفي كل مرة أزور المكان أرى ريادياً تكنولوجياً واحداً على الأقل يعمل على الكمبيوتر المحمول.
فهذه المساحة الأنيقة تتمتع بلمسة أكثر رقي من منافستها Turtle Green التي تعرض مجسمات فنية محلية وسبورة وحوضاً فيه سلحفاتان حقيقيتان. أما سترادا (الكلمة تعني "شارع" بالإيطالية) فلديه مساحة أكبر للعمل، والطعام الساخن الذي يقدمه بخبز البانيني المحمص والسلطات أفضل. وهو يشتري اللحوم والجبنة الايطالية من المورد نفسه الذي يقدم خدماته أيضاً لفندق "الفصول الأربعة" (Four Seasons)، و"أتايبسي" (Attibassi) وهي علامة تجارية إيطالية من القهوة. وبعد أن عمل نيبوير في مطاعم بإيطاليا وبإدارة مطاعم ايطالية في سياتل، علم موظفيه في سترادا اتقان فن تحضير اللاتيه.
ولدى نيبوير شريك في التأسيس متعصّب للشاي. ويقول مبتسماً "إنه يعرف الكثير جداً عن الشاي. وقد طبع كتيباً من مائة صفحة عن الشاي الذي نقدمه في الكافيه وأعطى نسخاً للموظفين ليأخذونه معهم إلى البيت". والنتيجة كانت أن سترادا تقدم شاي أخضر مثلج بالياسمين من أوراق شاي جينغ الصيني.
وعلى الرغم من أن مقاربته صممت للزبون العمّاني، إلاّ أن سترادا جذب حشداً يضم 60 إلى 70% من الأجانب، ويقول نيبوير إنه لم يكن يتوقع ذلك، ولربما كانت قاعدة عدم التدخين في الكافيه أحد أسبابه.
المحافظة على ولاء الموظفين
تبيّن لي أن الرجل الذي ظننت في البدء أنه صاحب الكافيه والمتواجد دائماً هناك، ملك حنّا، كان يعمل في السابق في محل لبيع الآيس كريم في أحد مولات عمّان حين اقترح عليه نيبوير العمل. ويقول الأخير "نحن معجبون حقاً بالطريقة التي يتعامل فيها مع الزبائن". وقد أقنعوا حنّا، وهو من أصل مصري، بالعمل في سترادا خلال أيام عطله. وهو اليوم يعمل بدوام كامل ويستثمر سترادا في صفوفه لتعلّم الإنكليزية.
أما الموظفون الآخرون فهم أردنيون أصغر سناً أرادوا العمل في كافيه خلال الصيف أو أثناء الدراسة. ولكن كافيه سترادا جدي لجهة الحفاظ على الموظفين. وقال نيبوير "نحن ندفع رواتب أعلى بـ60 إلى 70% من نظرائنا"، طالما أن الموظفين متحمسون على التفاصيل الدقيقة في تحضير الشاي والقهوة. ويقول نيبوير إنه "حين يدخل أحد إلى الكافيه يبتسمون فوراً ويحيونه" وهو أمر قد يتندّر البعض بأنه قليل الحدوث في الأردن.
ويحرص سترادا على تدريب الموظفين على خدمة الزبائن وإعداد المشروبات وفقاً لقواعد تدريب فنادق خمس نجوم في إعداد القهوة والشاي، وهو مصدر محتمل لزيادة إيرادات الكافيه.
دفع رسوم الحصول على موقع للمشروع
لا يزال أكبر تحد في الأردن حتى اليوم، كما يشهد الكثيرون، هو القدرة على دفع تكاليف الموقع المناسب لأي مشروع. وهنا، على أصحاب المؤسسات دفع خلو أو رسوم شقة لصاحب المساحة التجارية لإخلائها للاستعمال. ويمكن للمساحات خصوصاً في شارع الرينبو أن تبقى فارغة أشهر طويلة أو سنوات بسبب القيمة المرتفعة للخلو. فهذه القاعدة القديمة قاتلة للرياديين الشباب.
ولكن لم يكشف نيبوير قيمة الخلو الذي كان على سترادا أن تدفعه ولكن مسحاً غير رسمي حدد قيمة الخلو في شارع الرينبو بين 25 ألف دولار و100 ألف دولار وهي قيمة تقول إحدى الشائعات إنها نفس القيمة التي دفعها مطعم أميركي جديد للحصول على موقع في الشارع الرئيسي. وعلى الرغم من أنه كان بإمكان سترادا دفع قيمة أقل لو أنشئ في موقع أبعد قليلاً إلاّ أن أصحابه يعرفون أن هذا الموقع الذي أقاموا فيه الكافيه -مقابل مسرح الرينبو- مثالي.
ويقول نيبوير إن "الخلو كان شاقاً في البداية"، ولكن المالكين الثلاثة جمعوا رؤوس أموالهم وأنشأوا شركة إدارية لسترادا وأصدروا أسهماً للأهل والأصدقاء الذين تبرعوا أيضاً.
وكان الروتين الإداري محبطاً أيضاً، ولكن لحسن الحظ ساعدت زوجة نيبوير الأردنية زوجها في التنقل بين المكاتب وإنجاز الأوراق. ويقول بأدب "هذا مجال يمكن للأردن أن يتحسّن فيه حين يتعلق الأمر بالريادة. أو على الأقل يمكن إدخال بعض التنظيم كي يكون عليك فقط التوجه إلى شخص واحد للحصول على الموافقة".
(ويقول إن زوجته هي جزء داعم بشكل واضح في المعادلة. ولديهما أيضاً ابنة ولدت قبل أسبوع من افتتاح سترادا. ويضيف "أنجبت الطفلة قبل أسبوع وهذا ساعدنا في تعزيز أساس المشروع".)
التخصص
بعد أن وضع سترادا كافيه الخلو وراء ظهره، ها هو الآن يركز ببساطة على بناء تأثير عبر ترسيخ وجوده في فيسبوك وتويتر وبالتواتر.
وينصح نيبوير أصحاب المشاريع في المأكولات والمشروبات الذين يتطلعون إلى بناء شيء دائم في الأردن، بـ"البحث ثم البحث ثم البحث والتخصص". ويقول إن بعض المطاعم الأكثر جاذبية مثل Fatty Dabs Burger Shack تركز حقاً على القيام بشيء واحد بشكل جيد.
ويضيف "تعب الناس من الشيء القديم ذاته وهم أقل تسامحاً تجاه الوضع الراهن. لذلك ينبغي على الرياديين أن يعثروا على أفضل الموردين والمكونات، ويجعلوا مشروعهم محلياً وجديداً. لذلك أنصح بأن تجدوا شيئاً لم يقم به أحد من قبل وأن تقوموا به بشكل مثالي".
ناينا هي رئيسة التحرير في ومضة. يمكن التواصل معها على nina [AT] wamda.com، على تويتر @9aa، Facebook، Google+ ،LinkedIn
Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}