لماذا أدوات العمل ضرورية للإبتكار والتعليم؟
كيف يمكنك أن تدخل علبة مكعّبة الشكل
في ثقب أسطواني باستخدام أكياس بلاستكية للحجارة القمرية وورق مقوّى
وخراطيم مياه وشرائط لاصقة؟
أطرح هذا السؤال لأنك إذا كنت
عالقاً في الفضاء (وهذا يمكن أن يحدث فعلاً!) وليس لديك سوى بعض
المواد الكيميائية القليلة لإزالة ثاني أوكسيد الكربون من حجرتك، من
الأفضل لك أن ترتجل حلاً بما متوفر لديك!
هذا بالضبط ما حصل في العام 1970
حين اضطر فريق التشغيل في رحلة أبولو 13 لـ"إدخال مسمار مربّع في
ثقب دائري" باستخدام الأدوات والمواد المتوفرة لدى الفريق في حجرة
القيادة ـ وأوصلوا التعليمات إلى رواد الفضاء الذين قاموا عندها ببناء
الجهاز الذي أنقذ حياتهم.
قال ستيف جوبز مرة إن "الإبداع هو
فقط ربط الأشياء بعضها ببعض" وهذه "الأشياء" يمكن العثور عليها في ما
يسمّيه المبتكرون "مجموعة أدوات العمل" وبعبارة أخرى، أن مجموعة
الأدوات هي عبارة عن لوحة من المكونات الخام التي لا حدود
لاستخداماتها، والتي يتم توفيرها للإنسان العادي الذي يجمع المكونات
معاً لخلق منتج من علامة تجارية جديدة ومشخصنة.
ان قابلية المنتج على التكيّف مع
التغيير جذابة بشكل خاص للمتحمسين للتكنولوجيا من بينهم غوتنبرغ. فحين
اخترع الطباعة لم يبتدع تكنولوجيا جديدة من الصفر. بل ما فعله في
الواقع كان الجمع بين أجزاء موجودة قبل ذلك من تكنولوجيات تبدو غير
مترابطة مثل الحبر والورق وقوالب الحروف المتحركة وآلة ضغط العنب
ومنحها وظائف جديدة. وبكلمات ستيف جوبز "لقد أخد آلة تستعمل لجعل
الناس سكارى وحوّلها إلى محرّك للتواصل العام".
وربما أكثر الأمثلة الأخيرة
المثيرة للإعجاب على هذا النوع من التلاقح هو محرك جهاز "وي" للتحكم عن بعد الذي ابتكره جوني
لي حيث حوّل الأخير جهاز التحكم بالألعاب الزهيد الثمن إلى أداة
تعليمية متطورة ولوحة متعددة الاستخدامات تعمل على اللمس ونظارة
ثلاثية الأبعاد. والمكونات؟ صمامات إلكترونية وقلم وبطارية وجهاز تحكم
"وي" وبعض التشفير.
وقد اعتمدت العديد من الشركات
مقاربة "الزبائن في دور المبتكرين"، من خلال خلق عدة أدوات سهلة
الاستخدام تسمح للزبائن بتصميم وبناء نماذجهم الأولية الخاصة للتجريب.
وتقوم الفكرة على أن تتجنب مجموعات الأدوات التكرار البطيء والمكلف من
خلال وضع العميل في مقدمة عملية التكرار.
إذاً كيف يمكن لشركة ناشئة عادية
أن تستفيد من هذه المقاربة؟ أولاً ضع قبعة الأنتروبولوجيا وراقب كيف
يتعامل الناس مع المشكلة التي تحاول شركتك حلّها. لا تسأل، فقط راقب.
ابحث عن النضالات والثغثرات الحقيقية وهي ستعطيك الكثير من المعلومات
أكثر من المسح أو المقابلة. وقال هنري فورد "لو سألت زبائني عما
يريدونه، لكانوا قالوا لي حصان أسرع".
ثانياً، وبناء على الأفكار التي
اكتسبتها، قم بتطوير مجموعة من الأدوات سهلة الاستخدام تمكّن العملاء
من التصميم والاختبار بلغة يفهمونها بالفعل. وتأكد من أن العناصر في
مجموعة الأدوات مرنة بما فيه الكفاية للسماح التفكير التباعدي. وهذا
سوف يساعد العملاء في استكشاف مجموعة كاملة من المنتجات الخاصة بك
وربما يخرجون بتطبيقات جديدة.
وأخيراً، شجّع الزبائن على
الاختبار عبر مجموعة الأدوات الخاصة بك في ساحة الإبداع. ففي عام
2010، أطلق جوجل "مكاناً يمكن للناس المبدعين والخبراء في التكنولوجيا
إنشاء ملفات الفيديو لمساعدة بقية العالم على فهم كل التكنولوجيا
الأحدث والأعظم". وتم تقديم العشرات من الفيديوهات الإبداعية شاهدها
الملايين من المشاهدين وصوتوا. وكان "ديمو سلام" ناجحاً.
فالمسابقة المدروسة جيداً هي مثل جلسة للتفكير الجماعي، وأداة فعالة
للحصول على ردود فعل وحملة إعلانية ذكية وكل ذلك في حزمة
واحدة.
هناك الكثير لتعلمه من مقاربة
الزبائن ـ المبتكرين. ومعظم أنظمة التعليم في العالم العربي تركّز على
تعلّم "كيف نكون" بدلاً من اكتساب المعرفة. فماذا إذا دخل أستاذ
الفيزياء إلى الصف وبدلاً من عرض مشكلة فيزيائية على اللوح، قدم
مجموعة أدوات ـ كما فعل إيد سمايلي مع فريق المهندسين في "ناسا" حين
أعلن "علينا أن نستخرج معادلة لهذا الرقّاص المتأرجح عبر استخدام
كاميرا ومسطرة".
فالمشاكل التي يواجهها التلاميذ في
الصف، مهما كانت ذات صلة، سوف تُنسى إذا كانت لا تزال نظرية ومن الصعب
فهمها. لذلك فإن الطلاب بحاجة للعمل بأيديهم. وهذا لن يسمح فقط بفهم
أفضل للمشكلة التي بين أيديهم، بل سيعزز أيضا معارفهم الجديدة. لا
يمكن منافسة الأطر المعرفية إلاّ في وضعيات من العالم الحقيقي تتطلب
حلولاً فورية.
فالأشغال اليدوية يجب أن يستمر إلى
ما بعد مرحلة الحضانة ويحتاج الطلاب أن يبدأو العمل بمجموعة أدوات من
العالم الواقعي التي تسمح لهم بإجراء اختبارات تقوم على المحاولة
والخطأ والاقتراب من الممكن. عندها فقط يمكننا إنتاج جيل من المفكرين
المبدعين والناقدين القادرين على إيجاد حلول مستدامة لمشاكل
حقيقية.