كيف تسير السيدات الرائدات مشاريعهن في الشرق الأوسط
ريما بنت بندر آل سعود أميرة سعودية
ذات حس ريادي. باعتبارها رئيسة ومديرة تنفيذية ل"ألفا إنترناشيونال"
ALFA International و"الحامة إل إل سي" AL HAMA LCC، المؤسستان
الرائدتان في بيع السلع الفاخرة بالتجزئة في بلدها الأصلي المملكة
العربية السعودية، ومؤسسة مشاركة ل"يبرين" Yibreen، وهو منتجع صحي
في الرياض، فإنها متحمسة لتحدي النظرة الخاطئة الملتصقة بالمرأة
السعودية على أنها مستهلكة ساذجة، تشتري أي منتج أمامها. إن المرأة
السعودية ليست فقط على دراية جيدة بمقتنياتها، لكنها تبحث أيضا عن فرص
الأعمال التجارية لتلبية حاجيات نساء أخريات، كما تعتقد.
كما لو أنها تريد برهنة هذه النقطة،
تمتلك "ألفا إنترناشيونال" رخصة تسويق منتجات "هارفي نيكولز الرياض"
Harvey Nichols Riyadh، الفرع الأول للمحل التجاري، الذي يوجد مقره
في المملكة المتحدة والمختص في المنتجات الفاخرة، والذي يشغل النساء
السعوديات كمديرات مشتريات. لم تقتصر خدمات "يبرين" على الصحة
والجمال، بل تعدت إلى منح المرأة مكانا لتكوين علاقات اجتماعية منذ
افتتاحه عام 1999. استقبل منتجع النبع مؤخرا عرضا للأزياء حيث أطلقت
مصممات الأزياء السعوديات أنواعا جديدة من الملابس. تقول آل سعود:"إنه
اعتقاد خاطئ أن المرأة السعودية متأخرة عن أخواتها في العالم. لسنا
متخلفات في مجالات الصحة والعمل مقارنة بأي مجتمع آخر."
انتقالها من القصر إلى السوق هو
مجاز لتغيير أكبر: في كل الشرق الأوسط، ما تفتأ النساء يكسرن الحواجز،
بحيث ينتقلن من تسيير أسرهن إلى امتلاك مقاولات صغرى إلى العمل
كمديرات تنفيذيات. ففي الوقت الذي تمثل فيه سيدات المشاريع أقلية في
معظم دول العالم، فإن تواجدهن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
(MENA) أقل مقارنة ليس فقط مع المناطق ذات الدخل المتوسط، بل مع
البلدان حيث الغالبية من السكان مسلمة مثل إندونيسيا وماليزيا. مع
الارتفاع المنتظم لكلفة الحياة في المنطقة، وتزايد الحاجة لخلق فرص
عمل للأيدي العاملة المتنامية، فإن السيدات الرائدات يلعبن دورا في
خلق فرص عمل جديدة.
إن نساء مثل السيدة بسمة العمير،
المديرة التنفيذية ل"مركز السيدة خديجة بنت خويلد"، قد وجدن حليفا لهن
يعود تاريخه إلى 1500 سنة خلت للدفع بالإصلاحات في المملكة تعزيزا
للريادة النسائية. بعد تسميته باسم الزوجة الأولى للنبي محمد صلى الله
عليه وسلم، وهي تاجرة دولية قوية كان لها دور كبير في انتشار الإسلام،
عمل المركز بالتعاون مع الملك عبد الله ومع الوزارات السعودية. يتبنى
المركز التابع للغرفة التجارية لمدينة جدة مبادرات تهدف إلى تغيير
القوانين حتى تتمكن المرأة من العمل في بيئات مختلطة وتقلد مناصب
مديرة تنفيذية رئاسة مجالس الإدارة. كما يضع المركز نصب عينيه إزالة
الحواجز التي منعت المرأة من الحصول على الرخص التجارية
الضرورية.
تجاوز الحواجز
الثقافية
بالرغم من الخطوات الكبيرة التي
تقوم بها النساء كسيدات رائدات، فإن التحديات الثقافية ما تزال قائمة
في هذه المنطقة. تقول آل سعود في هذا الصدد:"لا يزال الاختلاط أمراً
صعباً حتى في نطاق العمل. إذا كانت عائلتان تناقشان التجارة في حفلة
غداء، مثلا، فإنه من المرجح ألا تشارك امرأة في هذا
الحديث."
تعتقد لمياء بوطالب، المؤسسة
المشاركة ل"كابيتال تراست" Capital Trust، وهو بنك استثماري مقره في
الدار البيضاء، أنه يمكن تجاوز هذه العوائق. تقول:"في مجال الصيرفة
الاستثمارية، تعتبر المعلومات كل شيء." في الوقت الذي يمكن ألا يكون
مقبولا ثقافيا بالنسبة للرجال والنساء الجلوس معا في ملتقيات
اجتماعية، فإنهم يمكنهم الحصول على فرص للتواصل. تحدد بوطالب مواعيد
مع نظرائها الرجال في الميدان خلال ساعات العمل، وتوصلت إلى أن هذه
الطريقة فعالة.
أسست سيدة الأعمال المصرية شيرين
علام مقاولتها الثانية، "إيكوتيك" EcoTek، وهي شركة لتدوير خراطيش
الآلات الطابعة، قبل 10 سنوات. وهي تشغل كذلك منصب رئيسة جمعية تطوير
وتقدم المرأة Association of Women's Total Advancement and
Development لقيادة وتوجيه النساء لتحقيق النجاح في منطقة الشرق
الأوسط وشمال أفريقيا. تقول:"ما دامت المرأة متعلمة، فلا يمكن
تهميشها." تحكي العلام قصة عن امرأة التقتها مؤخرا والتي حضرت دورة
تجارية دولية. ترتدي المرأة النقاب-وهو غطاء كلي للوجه-وتقوم بتصنيع
البضائع في المنزل. "لقد وظفت الكثير من النساء وتمتلك شركة تصدير
رائعة." في الوقت الذي يمكن أن تكون هذه الطريقة للقيام بأعمال تجارية
ليست حرة بشكل كامل في نظر الأوروبيين والأميركيين، تقول علام، فإنه
من الممكن القيام بأعمال تجارية على هذا النحو.
أكثر من 95 في المائة من المقاولات
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسيرها عائلات، ويعتبر الأمر
مقبولا اجتماعيا بالنسبة للمرأة أن تسير شركات ورثتها. في الوقت الذي
تدار فيه الكثير من المقاولات العائلية من قبل نساء، تلاحظ علام أن
هذا لا يجعل الأمر سهلا بالنسبة للمرأة لتتغلب على هذه العوائق. تتذكر
لقاء امرأة ورثت 13 مركزا طبيا من والدها. خلال اجتماعات مجلس
الإدارة، قام كل الرجال بإدارة الكراسي التي يجلسون عليها بعيدا عنها
لأنهم لا يريدون قبول إمرأة كمديرة. لكنها رفضت أن تخضع لسلوكهم هذا.
فقد قالت لهم:"أنا آسفة، ليس لكم إلا أن تقبلوا بي مديرة وليس أحدا
غيري."
تشير آل سعود إلى أنه من خلال
تجربتها، يقوم الناس، بدلاً من إدارة ظهورهم، في بعض الأحيان بعدم
الكشف عن المعلومات. عند القيام بأعمال لصالح شركات عائلية تترأسها،
تقول الأميرة أنها لا تعايش شخصيا نفس السلوك لأن كل واحد يعلم أن
أبناء أعمامها وأعمامها يساندونها.
العوائق
القانونية
في الوقت الذي تعترف فيه علام بأن
إطلاق مشروع في مصر أسهل مما كان عليه الأمر قبل 20 سنة، فإن سيدات
الأعمال ما زلن يقعن، بشكل غير مقصود، في شراك مخالفة القانون. على
سبيل المثال، أثناء عملها مع محام ومحاسب لإطلاق مشروع تصنيع ملابس،
تعلمت أنها تقوم بخرق القانون من خلال علامة "صنع في مصر" المكتوبة
بالإنجليزية بدلاً من العربية. تقول في هذا الإطار:" حتى اليوم، لا
نعلم أي قانون قد نخرقه خطأ، لندخل في مطبة دعوى قضائية فجأة وبدون
إنذار. هذا من بين العوائق الرئيسة بالنسبة لكل شخص يريد ولوج عالم
الأعمال. إنه أمر مروع."
فيما تبقى المشاكل الأخرى التي
تواجه أصحاب المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي
التمويل، والتعلم لتدبير أفضل لتدفقات النقود والحصول على المعلومات.
تقول علام أن عمان والإمارات العربية المتحدة تعتبران نموذجا جيدا
للحكومات التي تساعد في خلق محلات الخدمات الشاملة حتى يحصل أصحاب
المشاريع على البيانات التي يحتاجونها.
في قطر، ساعدت كل من عائشة المضحكي
ونساء أخريات في تطوير مركز الروضة Roudha Center في شراكة مع
الجامعات والمنظمات. تقول:"أدركنا أن هناك حاجة كبيرة لدعم النساء
اللواتي يرغبن في إطلاق مشاريع." ويأمل المركز في إرشاد النساء من
خلال عملية تطوير خطط تجارية وتسويقية، وكذلك الحصول على التمويل. على
الرغم من أن سمو الشيخة موزة، حرم أمير قطر، تشجع النساء على تجاوز
الحواجز، فإن سيدة الأعمال منى فاضل، التي ساعدت في جلب علامات الموضة
العالمية إلى المنطقة، تقول أن الكثير من الناس لا يريدون أن يصبحوا
أصحاب مشاريع، ويفضلون العمل الذي يعتبرونه آمنا. تقول في هذا
الإطار:"يفضلون العمل لصالح القطاع الحكومي وعدم التعامل مع تحديات
الريادة."
مع تزايد المنافسة على الوظائف
الحكومية وصعوبة الحصول عليها، تدفع حكومات الشرق الأوسط مواطنيها إلى
الدخول إلى عالم الأعمال. تشير فاضل إلى أنها يمكن أن توفر دعما أكبر
لأصحاب المشاريع حتى يتمكنوا من فهم جيد لمعنى امتلاك مشروع.
تتساءل:"ماذا عن أولائك الذين ليس لديهم علاقات جيدة؟ إذا كانت لديك
فكرة، يتعين أن تكون هناك جهة حكومية محددة يمكن أن تساعدك على
تحقيقها."
تمويل
التحديات
في المملكة العربية السعودية، تمتلك
النساء أكثر من 13 مليار دولار في الحسابات البنكية المحلية، والتي من
شأنها أن تستثمر في الاقتصاد المحلي. يتعين بذل المزيد من الجهود في
المنطقة لتمويل مشاريع جديدة حتى لا تعتمد النساء فقط على التمويل
الذي يأتي من العائلة. في الوقت الذي تزخر في العربية السعودية بأموال
متنوعة لمساعدة المقاولات الصغرى، يتعين تحسين طرق التواصل بشأن الفرص
المتاحة، حسب آل سعود التي تقول:"إن تأسيس مركز معلومات في غرفة
التجارة أو بيانات إلكترونية من شأنه أن يساعدك في إيجاد
الدعم."
ترتبط بعض التحديات التي تواجهها
شركتها بقضايا العمل. على سبيل المثال، إحضار إختصاصيات اللياقة
والجمال من أوروبا وجنوب أفريقيا ممكن فقط لأن لديها علاقات مع مجموعة
من الممولين من خلال العلاقات العائلية. على الرغم من هذا، تبقى عملية
الحصول على التأشيرة بالنسبة للعمال، حتى بالنسبة لمن يتمتع بعلاقات
قوية في الحكومة، طويلة ومعقدة، ويمكنها أن تؤثر على الفرص التجارية.
تقول: "في هذا الوقت، ينصب التركيز على "التوطين" وعلى الشركات الكبرى
التي يمكنها تتحمل تدريب الموظفين. الشركات الكبيرة مثل "سيسكو"
Cisco أو في "إي بي إم" IBM لا تعاني من هذه المشاكل فهي تمتلك
بنية تحتية قادرة على تحمل هذا، لكن بالنسبة لشركات صغرى، من الصعب
موازنة عملية "التوطين" بدون التأثير سلباً على الخدمات التي تحاول
توفيرها للمستهلكين."
خلال السنوات الخمسة المقبلة، يتوقع
الكثير تغييرات وتحديات متنوعة. على سبيل المثال، في المملكة العربية
السعودية، تجد الكثير من النساء صعوبة في السياقة كموضوع تمويل أكثر
منه موضوع تحرك وانتقال. فتكاليف سيارة ثانية وسائق قد تصل إلى نصف
راتب النساء، ولا بد أن تكون مستدامة اقتصاديا بالنسبة لها للعمل. إنه
ليس ببساطة تغيير قانون بل مواضيع البنية التحتية مثل توظيف نساء
لسياقة سيارات الإسعاف وتدريبهن كشرطيات لتسهيل مهمة المرأة السعودية
على الطرق. كما أن تعلم التواصل الاجتماعي وتشجيع مقاولاتهن موضوع مهم
بالنسبة لسيدات الأعمال. زارت علام مؤخرا الأردن للمشاركة في دورة مع
سيدات أعمال حول التدريب على الخطابة. تقول:"حتى بالنسبة للذين
يمتلكون مشاريع ل20 سنة لا يعرفون كيفية بيع أفكارهم للحصول على
الاستثمار والنمو." مع قليل من التدريب، فإنها رأت تغييرا مهما في
الثقة وتأمل أن يسلط المزيد من التركيز على تعليم المرأة لتشكيل شبكات
أعمال. تقول علام التي تؤمن أن شبكات دعم الأعمال حيوية بالنسبة
لأصحاب المشاريع:"هناك سيدات أعمال تجمعهن علاقة صداقة فيما بينهن
لسنوات، لكنهن من الممكن أنهن لم يتحدثن عن مشاكلهن المتعلقة
بأعمالهن."
يقول ماورو غيلن Mauro Guillen،
مدير معهد جوزيف لودر للإدارة Joseph H. Lauder Institute for
Management، والأستاذ في وارتون أنه يتعين على الحكومات دعم النساء
في المناطق القروية حيث يتفشى الجهل. دخلت "مجموعة عبد اللطيف جميل"
التي يوجد مقرها في جدة مؤخرا في شراكة مع "غرامين بنك" Grameena-
-الذي أسسه رائد التمويل الصغير محمد يونس-لخلق شركة Grameen-Jameel
Pan-Arab Microfinance Limited. وتأمل الشركتان في دعم النساء ذوات
الدخل المحدود والقرويات ويستهدفان توفير مليون قرض للزبناء في
المنطقة بحلول عام 2011. هناك 100 مؤسسة للتمويل الصغير التي تقدم
خدماتها ل3.5 مليون شخص مقترض مع حقيبة قروض تصل إلى 1.3 مليار دولار.
ويقدر الخبراء أن هناك حاجة إلى 4 مليار دولار لتلبية الطلب في كامل
المنطقة.
مع تحقيق أبوظبي لأرباح تقدر ب800
مليون دولار يوميا من النفط، يعتقد أستاذ الإدارة بوارتون رفائيل أميت
Raphael Amit أن الكثير من بلدان الخليج يمكنها أن تكون نشطة في دعم
كل أصحاب المشاريع، الرجال منهم والنساء. يقول أن سنغافورة يمكنها أن
تكون نموذجا جيدا للاقتداء لأن الحكومة هناك تدعم أصحاب المشاريع من
خلال توفير منح البدء التي تصل قيمتها من 50.000 إلى 100.000
دولار.
في غضون السنوات الخمس المقبلة،
تأمل آل سعود ألا تذهب الأموال إلى خطط الأعمال التجارية الجيدة فقط ،
بل نحو تطوير مجموعات الاستثمار الملاك مع برامج مشددة للدعم
البنيوي.وبرأيها فما أن تبدأ هذه البرامج بالعمل، فلن يكون تحديد من
سيحصل على التمويل متعلقاً بكون المتقدم رجلاً أو إمرأة.