٦ طرق صنعت نجاح موقع وصفات مُقدّمة من المستخدمين في السعودية
في السعودية، أحياناً لا يكفي أن يكون موقع وصفات الطعام هو الأكبر ليكون ناجحاً.
طوّر مبتكرو موقع "شهية" Shahiya لوصفات الطعام العربية، تطبيقاً لهاتف الآيفون على شكل كتاب طبخ يسمى "الطبخ اللبناني" Cook Lebanese اعتُبر فيما بعد خطوةً في غاية الحنكة حيث ولدت الكثير من الإيرادات، وساعدت على نجاح موقعهم على الانترنت.
تم إنشاء الموقع في أبريل 2010، والتطبيق في يوليو من عام 2011، تمكن فيها المؤسسون المقيمون ببيروت، هالة لبكي ودانييل نيوويرث وكارول هاني، من تحقيق ثلاثة إنجازات يتطلع إليها العديد من رياديي الأعمال: جمع حجمٍ ضخم من المحتوى العالي الجودة المُقدّم من المستخدمين، واختراق للسوق السعودي بقوة، وإطلاق تطبيقٍ ناجحٍ إلى جانب ذلك.
فيا يلي نظرة على الطرق الست التي صنعت نجاحهم:
التركيز على الجودة
عندما وجد مؤسسو "شهية" صعوبة في نقل وصفاتهم اللبنانية والشرق الأوسطية المفضلة للخارج، قاموا بإنشاء موقع بمحتوى عالي الجودة من وصفات شرق أوسطية مُقدّمة من المستخدمين. لكن الاعتماد على محتوى يغذّيه المستخدم قد ينضوي على مخاطر. لذا عليهم ضمان الاتساق والحفاظ على معيار معين من جودة المحتوى لتشجيع المستخدمين على تكرار زيارة الموقع.
لتحقيق ذلك، لم يكتفوا فقط بتصميم بُنية المحتوى بشكلٍ واضحٍ، بل حرصوا على تفقّد كل وصفة بدقّة للتأكد من احتوائها كافة المعلومات ذات الصلة وأن المستخدم لم يقم بنسخها من موقعٍ آخر. تتأكد لبكي، التي عملت سابقاً في تطوير منتجات شركة يونيليفر، من أن جميع الوصفات قد خضعت للاختبار وأنها سهلة التحضير حتى بالنسبة لمن لا يقومون بالطهي كثيراً.
يعني الإصرار على محتوى عالي الجودة أن لا يخشى القائم على الموقع من رفض وصفةٍ سيئة. وتقول لبكي: "بالرغم من أن لدينا الآن 3300 وصفة على الموقع، فقد قمنا بالمقابل بإعادة 1000 أخرى إلى المستخدمين للاستفسار عن معلومات ناقصة أو إخبار المستخدم انها منقولة من مكان آخر."
القيام بحملة تسويق منوعة
لقد وفّرنا للمستخدمين إمكانية التعليق على الوصفات والمشاركة بها على فيسبوك وتويتر بسهولة مما ساعد بشكلٍ كبيرٍ على بناء مجتمع "شهية". يقول نيوويرث الذي عمل سابقاً في مجال التنمية الاجتماعية: "كنا من المواقع العربية الأولى التي استخدمت خاصية الربط مع فيسبوك، في أواخر العام الماضي."
كما اعتمد الموقع في التسويق على الكلمة المتناقلة، وإعلانات غوغل، وبعض الإعلانات على فيسبوك، وعروضٌ خاصّة بالعطلات، كتقديم قائمة إفطار جديدة كل يوم خلال شهر رمضان الأول بعد إطلاق الموقع. ويقول نيوويرث: "ظهرنا أيضاً في عدة برامج تلفزيونيّة عن الطهي وأخرى تتعلق بشؤون الجمهور النسائيّ في المنطقة، وبقينا كذلك على اتصال مع مستخدمي موقعنا، بإرسال رسائل إلكترونية لهم. فيجب دائما التأكد من أن كل فعلٍ تقوم به يعزّز من تفاعلات الآخرين على الموقع."
خلق قيمة مميزة
يعتبر التركيز على القيمة الغذائية من العناصر المميّزة لـ"شهية". فبمجرد إضافة مستخدم لوصفة ما يقوم هاني، الشريك التأسيسي وخبير التغذية، بفحص المكوّنات لتحديد معلومات القيمة الغذائية فيها. وهذا عنصر جذب هام في العالم العربي على وجه التحديد حيث تقول لبكي: "تنتشر السمنة ومرض السكرى في المنطقة العربية، لذا يتلهف المستخدمون لمعرفة القيمة الغذائية في طعامهم".
إن هذه الخاصيّة وكون المحتوى مُقدم من مستخدميه يميّز الموقع هذا عن منافسيه المحتملين كتلك التي تستخدم الفيديو التعليمي لشرح الوصفات مثل موقع "زيتونة" Zaytouneh، والذي تقول لبكي عنه أنه يأتي مُكمّلاً لـ "شهية" وليس منافساً له.
اختبار السوق السعودي
استهدف مؤسسو "شهية" السوق السعودي مثلهم مثل الكثير من رواد الأعمال، وذلك بسبب تعدادها السكاني المرتفع، والانتشار الواسع لاستخدام الانترنت، وارتفاع الناتج المحلي الإجمالي نسبةً لدول المنطقة. ومع ذلك وللتأكد من جدوى ونجاح دخولهم هذا السوق، تم إجراء اختبارات واسعة النطاق لفهم وتحديد ما يفضله المستخدم.
كما اكتشفوا أن التسويق عن طريق الكلمة المتناقلة بين الناس – وهي وسيلتهم المُختارة للتسويق - تستلزم بعض الاختبارات. ويقول لبكي: "بالرغم من أن اللغة الأساسية لموقع "شهية" هي العربية فقد ترددت المواقع العربية في تغطيتها لإطلاق "شهية"، في حين أن المواقع المكتوبة باللغة الإنجليزية احتضنت ورحبت بالبوابة الغذائية الجديدة.
جمع موقع "شهية" بفضل المثابرة قاعدة مستخدمين كبيرة في السعودية، حيث يمثل المستخدمون السعوديون أكثر من 50% من إجمالي المستخدمين البالغ عددهم 37000 مستخدم. ومن المفارقات أن نجد أن عدداً قليلاً جداً من المستخدمين هم من لبنان، في حين أن الوجبات اللبنانية هي المفضلة على الموقع.
البيع للأمهات
تمكنت "شهية" إجمالاً من الوصول للسكان العرب المغتربين بالولايات المتحدة وأوروبا وجميع أنحاء العالم العربي، من خلال استهداف النساء والأمهات المحبين للطهي.
وتحكي لبكي قصة لمستخدمة سعودية ذات شعبية كمثال على قدرة "شهيّة" على إشباع هذه الحاجة في السوق العالمية، فتقول: "كانت سورية الأصل، ولكنها تعيش في المملكة العربية السعودية منذ 15 عاما، وكانت تقوم بنشر وصفات ممتازة باللغة العربية. ذات يوم لاحظنا تعليقاً بالانجليزية على إحدى وصفاتها من مستخدمة من ألمانيا. وقالت في تعليقها "أمي، أنا سعيدة جداً أنني وجدت "شهية" حتى لا أُضطر لمضايقتك بالاتصال دائماً للحصول على وصفاتك." كانت هذه ابنتها التي تعيش بألمانيا. عندها فقط شعرنا بأننا حققنا شيئا."
إطلاق تطبيقٍ ناجحٍ
في العام الماضي، قرر كلاً من لبكي، هاني، ونيوويرث اتخاذ خطوة تطويرية أخرى بإطلاقهم تطبيق "المطبخ اللبناني" والذي يباع بسعر 1.99 دولارا في متجر أبل وتم تطوير نسخة مجانية منه أيضاً، ويضم 101 وصفة مختارة تستهدف سوقاً أكثر انتقائية.
حققت النسخة المجانية من التطبيق باللغة العربية 160000 تحميلاً حتى الآن، ,مُحتلّة بذلك المركز الأول في قسم "نمط الحياة" Lifestyle في متجر آبل في جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء المملكة العربية السعودية حيث احتلت المرتبة رقم 2.
ألهم هذا النجاح المؤسسين لإطلاق تطبيق آخر في خريف هذا العام يسمى "أضحى" Adha، والذي ضم 30 وصفة لعطلة عيد الأضحى المبارك، وتصدر أيضاً قسم "نمط الحياة" في المتجر في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.
لا يزال الموقع والتطبيقات، والذين تم تمويلهم من عائدات رؤوس أموال المؤسسين الخاصة، غير قادرين على تحقيق أرباح بالمجمل، ومع ذلك يسعى المؤسسون الآن لاستقطاب استثمار حتى يتمكنوا من توسيع وتطوير منتجاتهم بشكل أكبر.
يرسم نجاح مشروع "شهية" الوليد صورة واقعية عن العزم والبحوث اللازمة للوصول إلى مرحلة تحقيق ربحية في الشرق الأوسط. حيث تؤكد لبكي "لا تستطيع التنبؤ مسبقاً بما سيحقق النجاح. هناك الكثير من نجاحنا يأتي من التجارب".
يمكن لرواد الأعمال الذين يتطلعون إلى تكرار النجاح الذي حققته أن يدونوا الدروس المستقاة من تجربتها: اختبر .. طوّر مراراً وتكراراً .. واختبر مُجدّداً.