نحو ملء الفجوة في المحتوى العربي على الإنترنت: كيف يعمل جوجل على تمكين المشاريع الناشئة في الشرق الأوسط
الفجوة في المحتوى العربي على الإنترنت تنسج خيوطها كأسطورة تهيمن على الشرق الأوسط في يومنا هذا. اعتمدت العديد من الشركات الناشئة في المنطقة حاليّا إصدارات إحصائيّة لتبرير رسالتها: حوالي ٥% من سكّان العالم يتحدّثون اللغة العربيّة، بينما يشكّل المحتوى العربي على الإنترنت نسبة أقل من 2% من مجموع المحتوى على الإنترنت. تمثّل الفجوة في نسبة المحتوى العربي على الإنترنت مؤشّرا على فشل سكّان المنطقة في خلق المحتوى المحلي بلغتهم الخاصّة.
من المهم النظر بعمق إلى هذه الإحصاءات، فبينما تبدو مصادرها غير واضحة، فقد عمل جوجل مؤخّرا على التبشير بخصوص ملء هذه الفجوة، بالاستفادة من الأرقام في جوجل الأردن في العام الماضي من أجل تشجيع العالم العربي على زيادة كميّة المحتوى العربي ذي الصلة والمتعلّق بقطاع الأعمال.
في تعقيبه على مشكلة المحتوى العربي على الإنترنت، يقول مدير التسويق لشركة جوجل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نجيب جرّار "قبل سنتين، كان المحتوى العربي يمثّل مشكلة كبرى. أمّا في الوقت الحالي، فيشهد المحتوى العربي نموّا إيجابيّا. حاول استخدام أيّة كلمات مفتاحيّة تفكّر بها في عمليّة البحث، وستحصل على كمّ كبير من النتائج. أمّا المشكلة الحقيقيّة فتكمن في جعل عمليّة إيجاد وتصنيف المحتوى هذا عمليّة سهلة للمستخدمين."
ما هو جديد جوجل
لم يأبه مؤتمر أيّام جوجل بالدعاية الإعلاميّة لجولته في المنطقة خلال الأسبوعين الماضيين واستضافة جوجل الإمارات العربيّة المتّحدة، وجوجل الأردن، بل انصبّ تركيز المؤتمر على تشجيع الإبداع وتعزيز الوصول العالمي إلى المعلومات.
خلال يومين في دبي، ويومين في عمّان، قامت جوجل بعرض ميّزات جديدة لنظام تشغيل الهواتف المحمولة أندرويد (Android)، وطرح تطبيقاته عبر الإنترنت، بالإضافة إلى تقديم جوجل بلاس للشركات مع التركيز على ضرورة تحسين المواقع الإلكترونيّة. فمع تكرار عمليّة البحث في الموقع، يصبح محرّك البحث أكثر ذكاء في إمكانية توفير المحتوى المطلوب ذي الصلة.
يقول جرّار، "لقد بدأنا بالتعلّم من سلوكيّاتك."
يقول جرّار بأنّ عمليّة البحث الآن تأخذ طابعا محليّا أكثر. فإن حاولت البحث عن وزير التعليم في الرياض، فيستطيع جوجل الآن أن يتعرّف على موقعك ويعطي الأولويّة لخيار البحث عن الوزير من السعوديّة. وإن كنت تبحث عن موقع فندق، سيبدأ جوجل بالبحث في الفنادق في منطقتك.
كما أنّ عمليّة البحث الآن تتمّ بشكل أسرع من ذي قبل حتّى تتمكّن من الاستفادة من خياراتك. يقول جرّار، "عندما تدخل على موقع الـ يوتيوب، ونجد أنّك تهتم بمشاهدة الأخبار السياسيّة في بلد ما، سنقوم بجعل ذلك المحتوى من الأولويّات. وإن كنت تميل إلى المجال السياحي، وتكتب كلمة "مصر"، فسنقدّم لك المزيد من الخيارات السياحيّة. وإن كنت تهتمّ أكثر بالأخبار، فنقدّم لك الأخبار."
أصبحت عمليّة البحث أقلّ إزعاجا، وأكثر دفّة. يقول جرّار، "لدينا الكثير من المواد غير المرغوب فيها على المواقع الإلكترونيّة في المنطقة، لذلك اضطررنا إلى تصفية المواقع التي من شأنها فقط إضافة كلمات مفتاحيّة بهدف التحايل على عمليّة البحث. وإن كنت تبحث عن منطقة جغرافيّة، فنعمل الآن على إضافة مقارنات بين النتائج التي نطرحها والخرائط.
المعلومات المتوفّرة أكثر ملاءمة للعقليّة المحليّة لمستخدم محرّك البحث. لقد عمل جوجل على إدخال التحسينات في مجالات كثيرة، وليس فقط على عمليه البحث في محرّكه، مثل إيصال المعلومات من مصادر متعدّدة، وإطلاق منتدى "إجابات" (سين جيم) باللغة العربيّة قبل عامين.
ويضيف جرّار، "الكثير من الناس في المنطقة هم حديثو العهد بالإنترنت، ويقومون بعمليّات بحث بشكل مختلف عن المستخدمين ذوي الخبرة. فهم يطرحون الأسئلة باستخدام جمل كاملة. ولذلك أطلقنا منتدى "إجابات" حتّى يساعد المستخدمون بعضهم البعض."
رغم أنّ العديد من هذه التحسينات قد تخاطر بالمغالاة في خياراتك، إلاّ أنّها لن تجعل من عمليّة البحث ما يشبه تأثير الصدى لخياراتك. ويقول، "ستواصل الحصول على نتائج اعتيادية، والتي نضعها ضمن الأولويّات بناءً على سلوكيّاتك."
كيف يعمل جوجل على تمكين الشركات الصغيرة
أثبت جوجل من خلال مؤتمر أيّام جوجل على أنّ قيمته تمتدّ إلى أكثر من مسألة تحسين خدمات البحث عن المعلومات. فخدمات جوجل عبر الإنترنت تتيح للشركات إمكانية بناء واستضافة تطبيقات الإنترنت القائمة على البنية التحتيّة لـ جوجل باستخدام محرّك التطبيقات، ويؤكد جوجل على دعم اللغة العربيّة على جوجل بلاس منذ اليوم الأوّل. ويشير جرّار إلى أنّ الشركات الإقليميّة تستخدم وعلى نحو متزايد خدمة "hangout" إحدى ميّزات جوجل بلوس، من أجل تسهيل عقد الاجتماعات.
وقد أطلق عملاق التكنولوجيا أيضا مسابقة "إبدأ مع جوجل" في مصر، وهي مسابقة تهدف إلى تحديد وتوجيه ومكافأة المشاريع الناشئة المصريّة في مجال الإنترنت والهاتف المحمول. في نهاية المسابقة، تحصل المشاريع الفائزة على جائزة سخيّة تقدّر بـ ٢٠٠ ألف دولار أمريكي دون قيد أو شروط.
يتعدّى تأثير جوجل مسائل توفير البنية التحتيّة والتمويل، بحيث أصبح يتمتّع بتأثير ثقافي أيضا، كما شهدت بذلك امرأتان شابّتان تشاركان في لقاء المائدة المستديرة للنساء، حيث قالت إحداهنّ، "أحببت فكرة جوجل حول كيفيّة أن تصبح أنت نفسك. (يقترح جوجل) بأن تصطحب شخصيّتك معك إلى وظيفتك وعملك، فهذا من شأنه أن يعطي عملك الصفة الشخصيّة الخاصّة بك." وقالتا بأنّه من الرائع رؤية مجموعة من النساء يتناقشن في مجال التكنولوجيا، لأنّنا، "لا نتطرّق كثيرا إلى هذه المواضيع في الشرق الأوسط."
وبحسب جرّار، في حين أنّ المؤتمر قد يبدأ بدعوة إلى إنشاء المحتوى وأن ينتهي برسالة خفيّة من التمكين الثقافي، إلاّ أنّ جوجل يركّز بالأساس على النمو الاقتصادي للشركات. ويقول، "إنّ الفكرة من مؤتمر أيّام جوجل، هو خلق نقاشات مع المطوّرين ورجال الأعمال لمساعدتهم على الانتقال إلى المستوى التالي من النمو والتطوّر في أعمالهم."