مؤتمر خرّيجي هارفارد العرب: على خلفيّة نتائج الثورات العربيّة، يفتح قادة الأعمال الطريق للتفكير في "ماذا بعد"
حضر أكثر من ٤٥٠ طالبا ورجل أعمال فعاليّات اليوم
الختامي للمؤتمر السنوي الخامس لجمعيّة خرّيجي هارفارد العرب الذي
انعقد في حرم كليّة هارفارد للأعمال في بوسطن يوم الأحد الموافق ١٣
نوفمبر/تشرين الثاني، والذي اشتمل على سلسلة جلسات نقاش وإلقاء كلمات
هامّة. استضاف المؤتمر شخصيّات سياسيّة بارزة، وشخصيّات حائزة على
جوائز نوبل ونشطاء في مجالات التعليم، والصحّة العامّة والعلوم. اتّخذ
المؤتمر طابعا مهنيّا يوم الأحد عندما قدّم منصّة للحوار بين رجال
الأعمال البارزين في المنطقة والطلاّب من الجامعات الرائدة في
الولايات المتّحدة.
يقول الرئيس التنفيذي لشركة أبراج كابيتال السيّد عارف نقفي، "يمكن
تجاوز مشكلة عدم وضوح الأوضاع في المنطقة. فهناك العديد من الفرص
للاستثمار في مجالات التنمية والإصلاح." وشركة أبراج كابيتال هي شركة
أسهم خاصّة رائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقد افتتح
السيّد نقفي اليوم بكلمة رئيسيّة تناولت آفاق ممارسة الأعمال في
المنطقة، عبّر السيّد نقفي خلالها عن نظرته الإيجابيّة، ودعا القطاع
الخاص إلى الاستثمار في دول المنطقة للمساهمة في تلبية "احتياجات رأس
المال غير المموّل الذي يصل إلى ١٤٠ مليار دولارا."
وشهد اليوم سلسلة من جلسات النقاش حول أحدث المواضيع في مجال الأعمال
وتشمل ستّة مواضيع نقاش رئيسيّة وهي: التمويل، والطاقة، والإعلام،
والمرأة، والإدارة والريادة. وقد شهدت الجلسات نقاشات ساخنة وآراء
متباينة نظرا إلى المستوى العالي للمتحدّثين الذي رافقه حضور قوي
لجمهور واعي. أحد المتحدّثين في الجلسات كان الرئيس التنفيذي لبنك
عودة سمير حنّا، والذي ناقش دور المؤسّسات الماليّة في تعزيز نمو
الشركات. أبدى متحدّثون آخرون من الخبراء في مجال الطاقة من
سكلومبيرغر (Schlumberger)، ومؤسّسة "فيوشر إنيرجي" (Future Energy
Corporation)، أيضا قلقهم بشأن تأثير التغيير السياسي على أسواق
الطاقة.
ثمّ انتقلت النقاشات إلى موضوع الإعلام، والذي ضم مسؤولين من شبكة
الجزيرة، وشركة جوجل، والفيسبوك، والذين ناقشوا دور الإعلام عبر
الإنترنت في تعزيز الشفافيّة والمساءلة، وليس فقط للدفع باتّجاه
عمليّات الإصلاح. يقول مدير الإعلام الجديد في شبكة الجزيرة معيد
أحمد، "عمل الربيع العربي على تعزيز مصداقيّة قناة الجزيرة وزاد من
عدد مشاهديها بنسبة أكثر من ٢٥٠%."
وفي غرفة مجاورة، ناقشت نساء أعمال بارزات من المنطقة التحديّات التي
تواجهها النساء العاملات في المنطقة، وروت كل منهنّ قصّة نجاحها حول
كيفيّة كسر القيود حولها. تقول عضو البرلمان الأردني والرئيس التنفيذي
للشركة الكويتيّة الأردنيّة القابضة ريم بدران، "عندما تتطوّر المرأة،
ينهض المجتمع بأكمله." بينما دعت الكاتبة وكبيرة المراسلين للشؤون
الدبلوماسيّة في صحيفة الحياة ومقرّها لندن راغدة درغام، المستثمرين
إلى إنشاء صندوق للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بهدف تمكين المرأة في
المنطقة.
وامتدّ النقاش ليشمل مأدبة غداء بهدف التواصل بين الحضور والمتحدّثين
الذين تبادلوا الآراء (وبطاقات الأعمال). وفي ساعات ما بعد الظهر،
شارك الحضور في آخر جلستين للنقاش. ناقش المتحدّثون من شركات كبرى في
المنطقة خلال جلسة نقاش موضوع الإدارة، النهج الذي يتبعونه في إدارة
مؤسّساتهم في ظل الاضطرابات. يقول الرئيس التنفيذي في شركة الاتصالات
السعوديّة الدوليّة غسّان حاصباني، "لم تحقّق أية خطّة أعمال قمنا
بوضعها معا خلال السنوات الـ ١٢ الأخيرة ما هو متوقّع منها." بينما
بدا روّاد الأعمال في الغرفة المجاورة أكثر تفاؤلا. خلال جلسة نقاش
أدارها الرئيس التنفيذي لمؤسّسة ومضة حبيب حدّاد، تساءل مستثمرون
إقليميّون وروّاد أعمال حول الوقت الذي سيستغرقهم في انتظار قيام
مجموعة من روّاد الأعمال المتميّزين بإطلاق مشاريع خلاّقة
ومبتكرة.
بحلول الساعة ٣:٢٠ مساء، كان الجميع ينتظر بشوق للاستماع إلى كلمة
الاختتام والتي ألقاها الرئيس والمدير التنفيذي في شركة رينو-نيسان
كارلوس غصن. وفعلا كانت الكلمة تستحق الانتظار، فقد ألقى السيّد غصن
كلمة ملهمة حقّا، ناقش فيها أهميّة التنوّع في مكان العمل، والذي كان
أحد عوامل نجاحه خلال عمله في شركة نيسان منذ أواخر التسعينات. يقول
السيّد غصن، "ما ساعدني كثيرا هو أنّني لم أكن من النوع النمطي، سواء
كنت لبنانيّا، أو أمريكيّا، أو فرنسيّا أو برازيليّا. كنت متنوّعا،
وتمكّنت من كسر كافّة المحظورات." وقدّم السيّد غصن للحضور ٣ دروس في
مجال القيادة: "الأوّل هو تقييم وفهم الأزمة، ثمّ وضع رؤية محدّدة
لتعرف أين ستتوجّه، وأخيرا العمل على تحفيز الناس من حولك." وانتهى
اليوم الختامي بحفاوة بالغة.
اشترك في تنظيم مؤتمر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ٢٠١١ لكليّة هارفارد
للأعمال، كل من جورج عوده وداليا طربيّة، الرئيسان المشاركان، وكلاهما
طالبان لبنانيّان في سنتهما الثانية في كليّة هارفارد للأعمال. يقول
جورج في كلمته الافتتاحية، "قد تعصف رياح التغيير بقوّة فيما يتعلّق
ببعض الأعمال، ما يجعلها أكثر تحديا لهم للعمل خلال الأوقات العصيبة.
وبالنسبة لآخرين، نفس هذه الرياح ستعمل على وأد عدد كبير من الفرص."
وتواصل داليا حث المشاركين في المؤتمر على الإصرار على صنع التغيير،
فتقول، "الأمر متروك لنا، وللمستقبل ولقادة الأعمال الحاليين، أن
يحدّدوا "ماذا بعد"".
ونأمل فقط في أن يكون لهذه الكلمات صدى أبعد من ساحات كليّة
هارفارد.