أسبوع دبي للمشاريع الناشئة يقدّم الحافز لروّاد الأعمال الإماراتيّين
خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي،
الموافق ٢٠ أكتوبر/تشرين الأوّل، تمّ إشعال الشرارة الأولى في ثورة
ريادة الأعمال في دبي. شارك في الفعاليّات أكثر من ٣٥٠ مشاركا من أصل
أكثر من ٨٠٠ رائد أعمال ممّن تقدّموا بطلب المشاركة، وتجمّعوا في
منتجع مدينة الجميرا للمشاركة في أوّل تظاهرة من نوعها تُنظّم في
دبي.
بالنسبة لغير المعتادين على مفهوم فعاليّات أسبوع المشاريع الناشئة،
فالتظاهرة عبارة عن ٥٤ ساعة من العصف الذهني المكثّف، يجتمع فيها
روّاد الأعمال، والمصمّمون، والمطوّرون من أجل إنشاء شركاتهم. في
الليلة الأولى، يطرح روّاد الأعمال الطموحون أفكارهم، ويصوّت
المشاركون للأفكار التي يفضّلونها، ويتم إنشاء الفرق. في اليومين
الثاني والثالث، تعمل الفرق على تطوير أفكارها وخلق نموذج تطبيقي
للفكرة لتقديمه للحكّام في نهاية الفعاليّات. مثّل أسبوع دبي للمشاريع
الناشئة تجربة تعلّم فعّالة، مع وجود لجنة تحكيم قويّة، وأكثر من ٢٤ مرشد من ذوي الخبرة العالية.
ومع انتشار مفهوم أسبوع المشاريع الناشئة على المستوى العالمي، ازداد
تنظيم هذه الفعاليّات في العالم العربي، إلاّ أنّ أسبوع دبي كان
أبرزها وأفخرها. تمّ تنظيم أسبوع دبي تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن
محمّد بن راشد آل مكتوم، وتحت شعار "اصنع وظيفة ولا تبحث عن وظيفة" ما
يعتبر شعارا مبشّرا. تمّ تنظيم الأسبوع في قاعة مؤتمرات في فندق من
فئة الخمس نجوم، واشتمل على ثلاث وجبات في اليوم لكافّة
المشاركين.
تمّ تخفيف حدّة الشعور بالرهبة خلال هذا الحدث من خلال كلمة الإفتتاح
الصريحة والمسلّية التي ألقاها دان ستوارت، المؤسّس المشارك لموقع
المعاملات التجاريّة اليوميّة "جونابيت دوت كوم" (GoNabit.com) –الآن
ليفينغ سوشال (LivingSocial) الإمارات العربيّة المتّحدة- والذي أصبح
مؤخّرا واحدا من أكبر قصص النجاح في المنطقة بعد الإستحواذ عليه من قبل ليفينغ سوشال.
يتحدّث دان حول تجربته الشخصيّة في إنشاء الموقع، ووضّح بأنّ امتلاك
القدرات الجيّدة في مجال المبيعات هو بمثابة امتلاك المهارات
الحياتيّة، وفسّر سبب أهميّة إيجاد الشريك المناسب في أي مشروع.
ويؤكّد دان على الفرق بين "الرغبة في النجاح" و"الحاجة إلى تحقيق
النجاح"، حيث أنّ الحاجة إلى تحقيق النجاح تشكّل حافزا أقوى لتنمية
الأعمال.
في الليلة الأولى، طرح المشاركون ٦٥ فكرة رياديّة، تمّ اختيار ١٧ فكرة
منها للإنتقال إلى مرحلة بناء الفرق. وواصلت الفرق العمل بحماس كبير
على مدار الساعة.
في النهاية حصلت الأفكار الثلاث التي احتلّت المراتب الأولى، على
جوائز نقديّة، وتشمل "غولازو" (Golazo)، "غيفتاستيك" (Giftastic)،
و"هاسيل فري" (Hassle Free)، والتي كانت كلّها أفكارا استثنائيّة
جديدة. غولازو عبارة عن تطبيق انترنت يقوم على أساس الدولة والموقع
لإستخدام هواة كرة القدم في الإمارات العربيّة المتّحدة، بحيث يقدّم
التطبيق امكانيّة تشكيل فرق لمباريات حقيقيّة. أمّا غيفتاستيك فهو
عبارة عن تطبيق يعتمد على وسائل التواصل الإجتماعي لمساعدة المستخدمين
على اختيار الهديّة الأمثل لأصدقائهم. بينما هاسيل فري عبارة عن شركة
ناشئة للخدمات تساعد سكّان الإمارات العربيّة المتّحدة في عمليّة
تغيير مكان السكن بكل سلاسة. حصل العديد من المشاريع الناشئة الأخرى
على فرصة الإنضمام إلى مؤسّسات حاضنة، وخدمات استشاريّة مجّانيّة،
وجوائز نقديّة أخرى.
هذا ولم يكن بالإمكان تنظيم هذه الفعاليّات دون الإستفادة من القدرات
المتميّزة التي أبدتها المؤسِّستان: الإماراتيّة ساره فلكناز، ورائدة
الأعمال السعوديّة ديم البسّام. بعد حضور محاضرة في جامعة هارفارد حول
أسبوع المشاريع الناشئة، قدّمها كارل جي شرام، الرئيس والمدير
التنفيذي لمؤسّسة كاوفمان، قرّرت البسّام حضور أسبوع المشاريع الناشئة
في نيويورك، واستشارت شرام حول تنظيم هذه الفعاليّات في الرياض
ودبي.
تقول البسّام، "أردنا بناء حركة نشطة لإنشاء المشاريع في العالم
العربي. من النادر جدّا بالنسبة للناس هنا أن يجدوا خط البداية. ولذلك
فقد أردنا أن نقدّم لهم خطّ البداية هذا." من المثير للإهتمام خلال
فعاليّات أسبوع دبي للمشاريع الناشئة، أنّ معظم المهتمّين في إيجاد خط
الإنطلاق ذلك هم من النساء. تقول فلكناز، "أثبتت المرأة الإماراتيّة
بأنّ بامكان الجميع اليوم، وحتّى من يعيشوا ضمن بيئة محافظة مثل
الإمارات العربيّة المتّحدة، أن يكونوا خلاّقين، وأن يعملوا بروح
الفريق، وببساطة أن يكونوا روّاد أعمال."
بشكل عام، الإمارات العربيّة المتّحدة بحاجة إلى تنظيم هكذا فعاليّات،
والتي من شأنها تعزيز ريادة الأعمال لتحقيق الأبعاد الثلاث الحاسمة
التي حقّقها أسبوع دبي للمشاريع الناشئة.
أوّلا، هذه الفعاليّات أجبرت الشباب على ممارسة تقنيات القرن الـ ٢١،
وامتلاك مهارات الإتّصال، التي لا يتطرّق إليها النظام التعليمي
الحالي بشكل كافي. فبالنسبة للعديد من المشاركين، كان أسبوع دبي
للمشاريع الناشئة أوّل مناسبة تضطرّهم إلى العمل بشكل جماعي في فريق
من أجل التوصّل إلى هدف محدّد، أو الحديث علنا على المنصّة حول
أفكارهم.
ثانيا، في مدينة اتّسمت بالإنقسامات الكبيرة في المجالات الإقتصاديّة
والإجتماعيّة والعرقيّة، استطاعت الفعاليّات جمع عدد كبير من الناس،
والذين يشكّلون مزيجا من كافّة الشرائح، في غرفة واحدة. يشير أحد
الحكّام، براشانت كي جولاتي من "أوبتيميستكس فينشرز" (Optimistix
Ventures) بأنّ الفعاليّات كانت بمثابة عمليّة كبرى من بناء المجتمع
والتنمية، بينما يقول دان ستوارت، "كان هذا أفضل تفاعل شرائحي في
المجتمع الإماراتي يمكن أن تأمله."
وأخيرا، كما يقول مؤسّس "كير زون" (CareZone) ريتيش تيلاني، "الكلمة الرئيسيّة
هنا هي "المواجهة". ففعاليات مثل أسبوع المشاريع الناشئة فرصة يواجه
فيها شبّان الإمارات العربيّة المتّحدة مفهوم ريادة الأعمال، وهذا
بحدّ ذاته يخلق فرصة لتحقيق النمو الذاتي ونموّ الأعمال.
ليس من الممكن القياس بالضبط كم من الناس يمكن أن يعملوا حقّا على
تطوير أفكارهم وإنشاء شركات حقيقيّة، لكن كما يشير كمال حسن من معهد
التدريب والإستشارات "إنوفيشن ٣٦٠" (Innovation 360)، في كلمته
الختاميّة، "الفائزون الحقيقيّون لهذا اليوم ليس أولئك الواقفين على
المنصّة، بل أولئك الذين يخطّطون لإستخدام المهارات التي تعلّموها
خلال الـ ٥٤ ساعة الماضية لتطبيقها في حياتهم اليوميّة."
امنح الفرصة لمواصلة ثورة ريادة الأعمال في دبي.