نصائح لتحويل الفشل إلى نجاح
الفشل أمرٌ فظيعٌ، وكلمةٌ كثيراً ما
نقرنها بالخسارة. مع ذلك فعندما فشلت، قادني ما سمي بالفشل إلى عملي
في شركةٍ رائعة لأعمل شيئاً أستمتع به بحق. لذلك فأنا هنا لأؤكد لكم
أن الفشل قد يكون خطوةً إلى الأمام.
منذ أكثر من سنةٍ مضت، عندما كانت لدي الفرصة لأبدأ مشروعاً جديداً،
لم يخطر احتمال الفشل ببالي قط. وكان يتم تذكيري مراراً وتكراراً أنني
إذا فشلت فسأصبح غير صالح للتوظيف. لكن هذا الوصف لم يكن ليمثلني، فقد
كان لدي عمل رائع وجميع الأسباب التي تجعلني أعتقد أني سأنجح. قالوا
لي أن أتصور النجاح، وهذا ما فعلته.
التقيت بشركة في جنوب أفريقيا أرادوا التوسع بها إلى الشرق الأوسط،
وكانت كل التفاصيل المتعلقة بهذه الفكرة تجعلها تبدو واعدة. كانت
الشركة صغيرة وذات سجل إنجازات رائع وفريق مذهل. وبعد جولاتٍ من
الاجتماعات والمقابلات، اتفقنا سويةً على فتح مكتب في دبي في نيسان /
أبريل 2010.
إذن ما الذي جعلنا نفشل؟ لقد كان فشلنا أمراً تدريجياً. استهننا بحجم
منافستنا، وبالغنا في تقدير قيمة عرضنا، وأخطأنا في عملية التسعير،
ودخلنا سوقاً تحتدم فيه المنافسة في وقتٍ كان أصحاب الوظائف متعطشين
للعمل بأي ثمن. بكل بساطة، لم نحصل على ما يكفي من العمل. وقد كان
يوماً شعرت فيه بالوحدة في دبي عندما أخبروني أن "تجربة الشرق الأوسط"
للشركة لم تنجح ويجب أن نعلن إغلاقها.
مع ذلك، ففي حين كان الفشل أمراً مقيتاً، تعلمت كثيراً من عدم نجاحي.
وكما قال إيديسون: "أنا لم أفشل 10,000 مرة. بل نجحت في إيجاد 10,000
طريقة لا تعمل". وإليكم بعض الدروس التي خرجت بها:
١- قيّم مستثمريك المقبلين بحكمة:
إن للمستثمرين عائلات ومسؤوليات وفواتير يجب أن يدفعوها. وعندما
يختارون أن يجازفوا باتباعك، فلا تعامل ذلك باستخفاف. في المرة
القادمة التي سألقى فيها استثماراً محتملاً، فلن أنتهز الفرصة مباشرةً
بل سأقوم بتقييم فرص نجاحي بحذر.
٢- حدد ما لا تحب أن تفعله:
إن الأعمال الناجحة ليست ناجحة بسبب فكرةٍ عظيمة أو فريقٍ رائع. بل هي
ناجحة لأنه يتم تنفيذها بشكلٍ جيد. إنشاء عمل جديد هو أشبه بارتداء
بذلة غطس ضيقة، حيث تشعر ببروز عيوبك بشكل أكبر وبأنك مكشوف. لكنك
تتعلم بسرعة ما يمكنك وما لا يمكنك تنفيذه بشكلٍ جيد. قبل أن أبدأ
بهذه المغامرة، كانت لدي فكرة جيدة عما كنت أستمتع بفعله. لكن حالما
انزلقت في البذلة الضيقة، أدركت أنني لا أستمتع كثيراً بالاتصال
بالزبائن المحتملين دون موعدٍ مسبق، فهو كممارسة الرياضة العنيفة، حيث
الشعور مثيرٌ للغاية عند تحقيق الهدف إلا أنه يمكن أن يكون مدمراً
عندما تقابلنا الشركات بالرفض. كان من المهم جداً أن أتعلم ما لا أحب
أن أفعله.
٣- أسس بنية تبقيك متزناً:
من الممتع جداً بدء مشروع عمل، ومن السهل أن تدعه يسيطر على حياتك.
لكن ذلك سيشعرك حتماً بالوحدة والإجهاد، فلا تدعه يستنفذ طاقاتك. من
الضروري أن تخصص الوقت لتفعل الأشياء التي تستمتع بفعلها، كالخروج
للجري والحفاظ على صحتك والبقاء على اتصال بأصدقائك. لقد أهملت ذلك
كله وأثر في مزاجي فعلاً.
٤- اعثر على مرشد جيد:
بعد أن فشلنا، انتقلت إلى وضعية البقاء وأصبحت أسعى للبقاء فقط لأستمر
في دعم عائلتي، وكنت محظوظاً لوجود مرشد بجانبي يوجهني في ذلك الوقت.
كنت قد التقيت به قبل أقل من أسبوعٍ على فشل المشروع، عندما كنت
بحاجةٍ ماسّة للتوجيه. كان قد بدأ مشروعاً مشابهاً تكلل بالنجاح فكانت
نصائحه لا تقدر بثمن. لقد نبّهني إلى أخطاءٍ ارتكبناها، وخاصةً حقيقة
أنه في أسلوب تسويقنا لم ننتبه جيداً إلى أسس
التسويق المعروفة (المنتج، الثمن، الترويج، المكان، المستهلك،
التكلفة، الملائمة والثقافة).
٥- استفد مما تعلمته سابقاً في عملك التالي:
ساعدني مرشدي أيضاً على وضع قائمة بالشركات التي ينبغي أن أستهدفها في
عملي التالي. وقبل كل مقابلة مع أي من الشركات، كنت أحضّر لذلك من
خلال إجراء بحث مستفيض عنها، والتدرّب على المقابلات مع أصدقائي،
والتفكير في الدروس التي تعلمتها. أصبح لدي بهذا إجابات رائعة لسؤال
"أخبرني عن وقتٍ كنت قد فشلت فيه". لم يكن لدي قصص فحسب، بل لم أكن
خجلاً من الاعتراف بأخطائي أيضاً. وفي غضون ثلاث أشهر، أي بحلول آب /
أغسطس، أصبحت موظفاً وأفعل الشيء الذي أستمتع به.
شعرت بأن الأشخاص الذين قاموا بمقابلتي أعجبوا بصراحتي وبوعيي لذاتي.
يرغب الكثيرون في أن يصبحوا من رواد الأعمال، إلا أن القليل جداً منهم
يبدأون فعليّاً مشاريعهم الخاصة. ومعظم أصحاب الأعمال الجيدين يريدون
أشخاصاً يتمتعون بروح الريادة لأنهم يعلمون أنك لو كنت قد نجحت من قبل
لما كنت في المقابلة أمامهم، لكن وجود روح المبادرة الحقيقية أهم من
ادعاء وجودها.
فلكل الذين سيصبحون رواد مشاريع أترككم مع هذه الفكرة: إن أسوأ ما
يمكن أن يحدث إذا فشلت هو أنك ستتعلم المزيد عن نفسك وستصبح أقرب إلى
الحصول على عملٍ تحبه حقاً. هل سيقربك من ذلك العمل لسنةٍ أو سنتين
إضافيتين في عملٍ لا تحبه؟ ربما لا. لذلك حضّر نفسك للنجاح، ولكن قدّر
الفشل على أنه شيء جيد.
سأغادركم بكلمات رائد الأعمال الناجح في المنطقة حبيب حداد: يلا ستارت
آب!