مصر 2.0: منظور المستتثمر: كيف تمكّن نكسة قصيرة الأمد نموّ الشركات الصغيرة و المتوسطة على الأمد الطويل
أسفرت ثورة الربيع المتقدة عن صيفٍ جاف في مصر. مع اندفاع المتظاهرين مرة أخرى إلى ساحة التحرير في القاهرة خلال الشهر الماضي إحتجاجاً على تشكيلة مجلس الوزراء الجديدة لكن المكونة من وجوه مألوفة جداً، هبط مؤشر EGX 30 إلى أدنى مستوى له خلال شهريّن، ب 20 نقطة فقط أعلى من مستواه الأدنى في شهر أذار-مارس. من جهة أخرى فإن توقع البنك الدولي تدنّي النّمو الاقتصادي في البلد الى واحد بالمئة هذا العام والضربات المتلاحقة التي تلقّاها قطاعي السياحة و الصناعة فإن وتيرة الانتعاش قد تعكس أصداء الحركة في القاهرة.
رغم ذلك، يشهد وليد بكر من صندوق إستثمار الشركات الصغيرة و المتوسطة في أبراج كابيتال، ريادة لتطوير المشاريع (RED)، فأنه ليس هناك أنسب من الوقت الحاضر لإنشاء المشاريع التجارية في مصر. قدّر بكر أنه في مرحة ما قبل الثورة أسهمت الشركات الصغيرة و المتوسطة في نحو 80% من نسبة التوظيف في مصر، ومع ذلك شكّلت فقط 25% من الناتج المحلي الاجمالي، ممّا يبرهن على وجود فجوة إنتاجية واضحة و بالتالي فرصة للنمو.
يرى بكر بناءاً عليه أن فرص تقليص هذه الفجوة تتسارع خلال السنوات القليلة القادمة حيث تدعم روح ما بعد الثورة اهتمام الجمهور بالمشاريع الريادية ويقود الإنكماش الاقتصادي القصير الأمد الشركات الصغيرة إلى الاقتراب من الأسواق العالميّة بسرعة أكبر.
تكلّمت وامدا (Wamda) مع بكر حول كيفيّة دخول المستثمر إلى السوق المصري المضطرب و عما تستطيع الحكومة أن تفعله، إلى جانب تمديد صلاحيّة تراخيص الاستيراد و التصدير، لاجتذاب المستثمرين الأجانب من أجل إعادة بناء أرض النيل.
هل الوقت مناسب الآن للتفكير بالاستثمار في مصر؟
نعم، رغم أن الثورة أتت باصلاحات كبيرة، عاد النظام بسرعة أكثر مبكثير مّا توقع أي شخص.
كان هناك تأثير سلبي قصير الأمد على الاقتصاد - تباطأ النموّ الاقتصادي، والذي بلغ 5.6% قبل الثورة، بشكل كبير. رغم ذلك، كشركة أسهم خاصة، نحن نستثمر في فرص النمو الطويلة الأمد. لا أتوقع تأثير سلبي طويل الأمد على عملياتنا للأسباب التالية:
أولاً، ستبحث المزيد من الشركات في التوسع و التنويع بسبب ضغط التدفّق النقدي، و إدراكها أنّ المزيد من الأسواق تفتح. وعليه فسنتمكن من بلوغ المزيد من الفرص في السوق.
ثانياً، أتوقع إرتفاعاً عاماً في حركة المشاريع الريادية. لأول مرة في مصر، لدينا قوة يد عاملة فتيّة متحفّزة بشدة لمستقبل أفضل. كما أن 60% من السكان هم تحت سن الثلاثين ولسنوات عديدة، كان لهذه اليد العاملة خيارات قليلة للتنمية. أمّا اليوم، فالناس يقومون بإعادة دهن الطرقات و يتطلعون لإعادة بناء الأعمال هنا.
هل يفضل الاستثمار في قطاعات معينة أكثر من غيرها؟
بالرغم من أنه تزداد إيجابيات قطاعات معينة في مصر، كالسياحة كون مصر موطنٌ لحوالي ثلثيّ آثار العالم، لكن نحن نبحث عن قطاعات أقل تشبّعاً وبذلك نستثمر في بعض المشاريع القيادية في صناعة معينة. بالطبع هناك بعض القطاعات التي نفضلها، لكن هذه الأيام من الأفضل عدم الحكم على القطاعات في هذه المنطقة، كون الكثير منها في طور النمو، و هناك العديد من الفرص الجذابة في جميع المجالات.
كيف أثّرت الثورات على الشركات الصغيرة و المتوسطة؟
بين الشركتيّن المصريتيّن اللتين استثمرت فيهما "ريادة" وهما شركة Agrocorp لتجارة السلع و مؤسسة OMS للإستشارات و تكنولوجيا المعلومات، كان أداء شركة Agrocorp أفضل بقليل، حيث تقوم بتصدير 100% من منتجاتها كما تمكنّت من معالجة أي إضطرابات تشغيليّة حدثت في مصر.
تأثرت شركة OMS التي تدير 50-60% من عملها في مصر، بشكل أكثر قليلاً بسبب إغلاقات المصارف وتأخيرات العملاء في الدفع. والمفارقة أن كلا الشركتيّن استفادتا من الوضع بسبب إنخفاض قيمة الجنيه المصري.
بشكل عام، كان التأثير أكبر ما يكون على الشركات القائمة تماماً على السوق المحلي. والعديد من الشركات المحليّة التي كانت في المقدمة تعود إلى البداية و تدرك أنه عليها تنويع أسواقها و السعي للاستثمار من أجل توسيع نطاق أعمالها.
هل سيدفع المناخ الاقتصادي الحالي بالشركات المصرية إلى إعتماد التصدير؟
نعم. أظن أنّ الشركات تنظر الى الصورة الأشمل وتزداد تطلعاً لتصدير منتجاتها و معرفتها.
بالنسبة إلى شركة تبيع بضائع ومنتجات عينية، تكمن الخطوة الطبيعيّة الأولى في التوسع اقليميّاً، لأن الشركات تستطيع الإستفادة من التعرفة الجمركيّة المنخفضة بين الدول العربيّة. كما أن شمال أفريقيا هي أيضاً بوابة طبيعيّة لسوق أفريقيا الأوسع والمتنامية بسرعة كبيرة.
في الفضاء التكنولوجي، من المنطقي التوجّه نحو الأسواق العالمية، حيث حواجز دخول السوق أقل بكثير. إن الشرق ومصر في طريقهما ليصبحا مركزاً عالميّاً للتنمية التكنولوجيّة منافساً الهند. أظن أننا لن ننتظر طويلاً حتى نرى شركةً عالميّةً كبيرةً أخرى تنبثق من مصر.
ما الخطوات التي يجب أن تقوم بها الحكومة الجديدة من أجل الإبقاء على مناخ جيّد لعمل الشركات الصغيرة و المتوسطة؟
تكوين الشركات الصغيرة في مصر كان يجتذب المستثمرين سابقاً بسبب السياسات الموجودة. أكثر ما يقلق اليوم هو عدم اليقين. هناك قلق من أن القوانين الجديدة قد تؤدي إلى انحدار اجتماعي إن لم تتخذ الدولة توجهاً طويل الأمد.
مثلاً، هناك قانون تم وضعه منذ بضع سنوات حدد ضريبة الشركات على 20%. تتم الآن مراجعة هذا القانون. فإذا تم زيادة الضرائب على الشركات، سيكون لذلك أثر سلبي على الاستثمار، موقفاً التدفق الحاصل مؤخراً. يحتاج أصحاب المصالح إلى إعادة طمأنتهم بأن الدولة سوف تعمل على إستعادة ثقة المستثمر عبر الحفاظ على محفزات الاستثمار السابقة.