لماذا تفشل الشركات الناشئة رغم الحصول على تمويل؟
مقال رأي لكريم خورشيد المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة سيكونس
أدرك العالم فى السنوات الأخيرة أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي باتت تمثل 90% من الأعمال التجارية، كما إنها تستوعب أكثر من 70% من حجم العمالة، فيما يعتمد 50% من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم على هذه الشركات، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة "المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وأهداف التنمية المستدامة"، حيث تمتلك تلك الشركات القدرة على دعم الاقتصادات و دفع نموها وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتقليل معدلات البطالة.
ومع الإيمان الكامل بالدور الهام الذي تلعبه الشركات الكبري Corporate لتحفيز النمو الاقتصادي للدول سواء المتقدمة أو النامية، إلا أن الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة SMEs لا تقل أهمية عن تلك المؤسسات العملاقة، بل يجب الاعتراف أننا الآن في أمس الحاجة إلى تسليط الضوء وإعطاء الأولوية لتقديم الدعم الكامل لتلك الشركات الناشئة التي تشهد نمواً متسارعاً، من خلال نشر الوعي تجاة ثقافة ريادة الأعمال والابتكار، وتشجيع التنوع الاقتصادي من خلال الدخول فى صناعات جديدة، والبحث الدائم والتطوير المستمر لتعزيز التنافسية بين الشركات المختلفة، لتحسين جودة الخدمات والمنتجات المقدمة للمستهلك النهائي لتحقيق التنمية المستدامة.
وما يدعو للتفاؤل هو وعي الحكومات حول العالم بقيمة الشركات الناشئة، والعمل على دعمها من خلال التشريعات والقوانين المحفزة والجاذبة للاستثمار، أو التسهيلات اللازمة عن طريق مؤسسات التمويل المختلفة وحاضنات الاعمال، او المستثمرين الافراد كالاستثمار الملائكي والذاتي، وذلك لتعزيز البيئة الاستثمارية وتشجيع التنافسية للوصول إلى نمو اقتصادي مستدام.
التمويل وحده ليس كفاية
على الرغم من الجهود المبذولة، فإن 90% من الشركات الناشئة تفشل في تحقيق أهدافها في أول خمس سنوات وفقا للدراسات، بسبب سوء إدارة الموارد المالية، حيث يؤدي عدم القدرة على إدارة الميزانية بشكل فعال إلى استنزاف الأموال بسرعة. كما أن عدم فهم السوق واحتياجات العملاء بشكل كافٍ يعتبر سببًا رئيسيًا للتراجع. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم القدرة على التكيف مع التغيرات في السوق والتكنولوجيا قد يؤدي إلى انحراف الشركات عن تحقيق أهدافها. وأبرز مثال على، شركة Pepper Tap الهندية التي أنشئت عام 2014، كمنصة للتسويق الإلكتروني وتوصيل الطلبات للمنازل، فرغم حجم التمويل الكبير الذي بلغ نحو 51 مليون دولار حسب موقع Startup Cemetery، انتهت الشركة سريعا واضطرت للإغلاق عام 2016، بسبب ان الثقافة الهندية وقتها كانت تفضل التسوق للبقالة و تعبره نشاطاً ترفيهياً يجمع العائلة مما أدي الى وجود تحديًا ثقافيًا يعرقل استخدام المنصة بدلا من التسوق، كذلك عدم جاهزية السوق لهذا النوع من الخدمات جعل الشركة تقع في فخ Profit Margin Compression وهو ارتفاع التكاليف مقابل الارباح حيث عملت الشركة على تقديم عروضاً وخصومات لا تتناسب مع قوتها المالية مما أثر علي هامش الربح والاستدامة المالية وذلك وفقا لتصريحات أحد مؤسسي الشركة. وأخيرًا، فإن فقدان التركيز ومحاولة تحقيق الكثير من الأهداف في وقت واحد قد يشتت جهود الفريق ويؤدي إلى الفشل.
لذلك، يجب على رواد الأعمال تعلم الكثير من التجارب السابقة، سواء كانت ناجحة أو فاشلة، والتحلي بالصبر والمثابرة، وأن يكونوا مستعدين لتطوير مهاراتهم ومعرفتهم بشكل مستمر. كذلك البحث المستمر عن فرص جديدة في السوق والاستفادة من التطورات التكنولوجية ومراجعة كافة جوانب العمل من استراتيجيات وأهداف وقرارات. بالإضافة إلى ذلك، فإن بناء شبكة علاقات قوية يساعد رواد الأعمال في الحصول على الدعم والتوجيه اللازم. وأخيرًا، يجب على رواد الأعمال أن يتحلوا بالمرونة الكافية لمواجهة تحديات السوق.
عناصر لازمة لتغيير قوانين اللعبة
ولكن، نجاح الشركات الناشئة لا يتوقف على مجرد وجود فكرة مبتكرة أو الحصول على تمويل كافٍ، بل يتطلب الأمر تضافر العديد من العوامل. من أهمها بناء فريق عمل متكامل يمتلك المهارات والمعرفة اللازمة لتحقيق أهداف الشركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود خطة عمل واضحة وشاملة تساهم في توجيه جهود الفريق وتحديد الأهداف المرجوة. ولا يمكن إغفال أهمية معرفة السوق المستهدف وتوقيت الدخول فيه وكيفية التكييف مع المتغيرات فى الاقتصاد الكلي بشكل عام، لذلك يجب على صاحب العمل الاتسام بالمرونة العالية ومراجعة استراتيجيات الشركة واهدافها بشكل دوري، والعمل على تطوير منتج أو خدمة فريدة تلبي حاجة حقيقية حيث يجب أن يكون هناك سوق كبير ومتنامي يستوعب طلب علي المنتج أو الخدمة وذلك كي لا يجد صاحب المشروع نفسه غير قادر على المنافسة والنمو.
في النهاية، فرغم التحديات، فإن تطور مشهد ريادة الأعمال بطريقة متسارعة وإيجابية خلال السنوات الأخيرة، سيفتح شهية المزيد من رواد الاعمال و اصحاب الأفكار للدخول إلى أحد أهم وأكثر القطاعات استقطابًا وجذبًا للتمويلات فى الشرق الاوسط والعالم، مرتكزين على طموحاتهم وأفكارهم المبتكرة لتأسيس شركاتهم الخاصة والمساهمة في نمو الاقتصاد المحلي لتحقيق التنمية المستدامة.
تنويه: تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير هذا المقال.