الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحصد 282 مليون دولار في سبتمبر 2024، ليصل إجمالي التمويل في الربع الثالث من العام إلى 727 مليون دولار
يشير المشهد الاستثماري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى تعافيه بصورة ملحوظة، فقد تمكنت 63 شركة ناشئة من الحصول على تمويلات بإجمالي 282 مليون دولار خلال شهر سبتمبر 2024. هذا الإجمالي يعكس ارتفاعًا هائلاً بنسبة 234% عند المقارنة على أساس شهري، وبنسبة 607% عند المقارنة على أساس سنوي، في حين بلغت نسبة التمويل بالدين 12% فقط من إجمالي الاستثمار.
وكانت جولة التمويل الأكبر خلال الشهر الماضي من نصيب شركة شفت “SHIFT”، حيث تمكنت هذه الشركة الناشئة السعودية المختصة بحلول النقل والخدمات اللوجستية من جمع 82.8 مليون دولار. وسجلت شركة سيارة “Syarah” ثاني أعلى استثمار في المنطقة، لحصدها 60 مليون دولار في جولة تمويل رأس المال الاستثماري من الفئة “ج”، منها 20 مليون دولار تم تحصيلها عن طريق التمويل بالدين.
الشركات الناشئة السعودية تنفض الغبار وتتصدر المشهد
غابت الشركات الناشئة السعودية على مدى شهرين متتاليين عن المركز الأول باعتبارها أفضل بيئة تمويلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتحتل مجددًا مركز الصدارة خلال شهر سبتمبر، حيث استحوذت على أكثر من 60% من إجمالي الاستثمارات في المنطقة، وجمعت 170.8 مليون دولار موزعة على 23 صفقة. وجاءت الإمارات العربية المتحدة في المركز الثاني، بحصيلة تمويل بلغت 73.8 مليون دولار حصدتها 12 شركة ناشئة. وفي المقابل، تراجعت الشركات الناشئة المصرية تراجعًا ملحوظًا، حيث تمكنت 13 شركة من الحصول على تمويلات بإجمالي 25 مليون دولار فقط.
التكنولوجيا المالية تتصدر اهتمام المستثمرين
لا يزال حماس المستثمرين منصبًا على إمكانات التكنولوجيا المالية التي حافظت على مركزها باعتبارها القطاع الأكثر تمويلاً للشهر الرابع على التوالي، بعد أن حصدت 102.5 مليون دولار عبر 14 شركة ناشئة. وفي الوقت نفسه، احتل قطاع النقل والخدمات اللوجستية المرتبة الثانية، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى جولة التمويل التي كانت من نصيب شركة شفت “SHIFT’ الناشئة السعودية
وعند المقارنة بناءً على عدد الصفقات، تمكن قطاعا التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا التعليمية من تحقيق تقدمٍ كبير، حيث جمعا 63 مليون دولار و4.35 مليون دولار على التوالي، توزعت على تسع صفقات لكل منهما، بينما استقطب قطاع البرمجيات كخدمة (SaaS) استثمارات بقيمة 10 ملايين دولار توزع على ثماني شركات ناشئة.
وبفضل العروض التجريبية التي نظمتها Flat6Labs على مدى أيام في الأردن والمملكة العربية السعودية، جاء تركيز عدد الصفقات لصالح استثمارات مسرعات الأعمال، حيث منح برنامج المسرعات 17 شركة ناشئة ما مجموعه 2 مليون دولار. وفي ذات الوقت، لا يزال المستثمرون يميلون إلى الاستثمار في الشركات الناشئة في مراحل التأسيس المبكر، حيث ضخوا 102 مليون دولار عبر 15 صفقة تمويل أولي لمرحلة التأسيس و5 ملايين دولار في سبع شركات ناشئة في مرحلة ما قبل التأسيس. في المقابل، سجلت الشركات الناشئة في المراحل اللاحقة صفقتين: الأولى حصدتها شركة Paymob بقيمة 22 مليون دولار في جولة تمويل من السلسلة “ب”، والثانية لشركة Syarah بقيمة 60 مليون دولار في جولة تمويل من السلسلة “ج”.
ومن حيث قيمة الاستثمار، احتل نموذج الأعمال الموجّهة للمستهلك (B2C) مركز الصدارة في شهر سبتمبر، حيث استقطب 93.7 مليون دولار توزعت على 24 شركة ناشئة، مقارنة بحوالي 84.6 مليون دولار تم ضخها في 28 شركة ناشئة تمارس أعمالها وفق نموذج التعاملات التجارية بين الشركات (B2B). ومع ذلك، حصلت الشركات الناشئة العاملة في كلا المجالين على غالبية قيمة الاستثمار، حيث حصدت 100 مليون دولار موزعة على خمس صفقات.
وعلى مدار الشهر الماضي، جمعت ست شركات ناشئة أسستها نساء 583 ألف دولار فقط، من خلال عمليات تمويل كان معظمها منحًا. وواصلت الشركات الناشئة التي أسسها رجال هيمنتها على المشهد الاستثماري، حيث حصدت 49 شركة أسسها رجال 260 مليون دولار من إجمالي الاستثمار. من ناحية أخرى، تم تخصيص 21 مليون دولار لسبع شركات ناشئة أسسها رجال ونساء.
أبرز المستجدات خلال الأشهر الثلاثة الماضية
بالنظر إلى تصاعد التوترات في المنطقة، وخصوصًا في أعقاب الهجوم الإيراني بالصواريخ على تل أبيب، أظهر قطاع الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قدرة غير متوقعة على الصمود في مواجهة حالة عدم اليقين وندرة التدفقات النقدية خلال هذه الفترة. ففي الربع الثالث من عام 2024، استقطبت 136 شركة ناشئة استثمارات بقيمة إجمالية قدرها 727 مليون دولار أمريكي، بارتفاع مبهر تجاوز 192% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي وارتفاع بنسبة 60% عن الربع السابق.
بيئة ريادة الأعمال الأفضل أداءً في المنطقة
على الرغم من النمو الذي حققته الشركات الناشئة السعودية ربعًا بعد ربع، إلا أن الشركات الناشئة في الإمارات العربية المتحدة لا تزال تتفوق على جميع منظومات المنطقة عندما يتعلق الأمر بمبلغ الاستثمار.
فخلال الربع الثالث من عام 2024، تصدرت الشركات الناشئة في الإمارات العربية المتحدة جميع منظومات الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتحصد 233 مليون دولار موزعة على 41 شركة ناشئة، مسجلةً انخفاضًا بنسبة 23% على أساس ربع سنوي، يقابله ارتفاع بنسبة 65% على أساس سنوي. وأظهرت الشركات الناشئة السعودية أداءً جيدًا في الربع الثالث، فقد تمكنت من جمع تمويلات بقيمة 219 مليون دولار تقريبًا، موزعة على 40 صفقة، محققةً زيارة قدرها 175% على أساس سنوي.
كما أن أداء منظومة الاستثمارات المصرية كان مثيرًا للإعجاب في الربع الثالث. وفي خضم تدهور الأوضاع الاقتصادية بسبب استمرار الاضطرابات الجيوسياسية على الحدود الشرقية والجنوبية للبلاد، وفي ظل انخفاض إيرادات قناة السويس التي تُعد ثاني أكبر مصدر للعملة الأجنبية في هذه الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، تمكنت 23 شركة ناشئة مصرية من حصد 215 مليون دولار، بزيادة ملفتة قدرها 345% على أساس ربع سنوي، وزيادة مذهلة بنسبة 1076% على أساس سنوي.
من الجدير بالذكر أن الشركات الناشئة في سلطنة عُمان بدأت تستقطب اهتمام المستثمرين، لتحل في المركز الرابع باستثمارات بلغت نحو 40 مليون دولار موزعة على ثلاث شركات ناشئة فقط، في حين تفوقت الشركات الناشئة الأردنية من حيث حجم الصفقات، حيث حصلت 11 شركة ناشئة على 2.5 مليون دولار.
التكنولوجيا المالية تستعيد مركز الصدارة
شهد قطاع التكنولوجيا المالية انخفاضًا كبيرًا في النصف الأول من العام، وخسر مكانته باعتباره القطاع الأكثر تمويلاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ذهب هذا اللقب لقطاع التكنولوجيا العقارية، إلا أن التكنولوجيا المالية عادت لتحل من جديد في مركز الصدارة مع نهاية الربع الثالث، حيث جمعت 355 مليون دولار من خلال 38 صفقة، بزيادة قدرها 247% على أساس ربع سنوي و936% على أساس سنوي. وجاء قطاع (Web3) في المركز الثاني بعد حصد 99 مليون دولار موزعة على خمس صفقات، بينما جمعت 17 شركة ناشئة تعمل في مجال التجارة الإلكترونية ما مجموعه 86 مليون دولار.
وتبقى الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة الخيار المفضل لأصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية.
وتفوقت الشركات الناشئة في مراحل التأسيس الأولية في قدرتها على استقطاب جولات التمويل خلال الربع الثالث، متغلبةً على الشركات الناشئة في المراحل الأخرى، حيث جمعت 218 مليون دولار موزعة على 32 صفقة.
وتلت ذلك الشركات التي استهدفت جولة التمويل من السلسلة “أ”، حيث أغلقت 14 شركة ناشئة صفقات بقيمة إجمالية بلغت 160 مليون دولار، في حين لم تتمكن الشركات الناشئة في المراحل اللاحقة من حصد تمويلات إلا في شهر سبتمبر.
وبرز قطاع التعاملات التجارية بين الشركات (B2B) باعتباره نموذج الأعمال الأكثر تمويلاً في الربع الثالث، حيث جمعت 72 شركة ناشئة 477.6 مليون دولار، في حين كانت حصة الأعمال الموجّهة للمستهلك (B2C) حوالي 124 مليون دولار فقط استُثمرت في 40 شركة ناشئة، في المقابل، حصلت ثماني شركات ناشئة تستخدم كلا النموذجين على 100 مليون دولار.
واستقطبت الشركات الناشئة التي أسسها رجال في الربع الثالث من العام أعلى مستوى من التمويل بإجمالي 683 مليون دولار موزعة على 113 صفقة. بينما حصلت تسع شركات ناشئة تترأسها نساء على 953 ألف دولار من إجمالي قيمة الاستثمارات، في حين توزعت باقي التمويلات على 12 شركة ناشئة أسسها رجال ونساء.
توقعات الربع الرابع
على الرغم من جميع العقبات التي اعترضت حركة الاستثمار في الربع الثالث من عام 2024، شهد النشاط الاستثماري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموًا مذهلاً في الربع المذكور. وفي الوقت الذي واصل فيه المستثمرون الأجانب اتباع نهجٍ حذر عند التعامل مع الأسواق الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، احتضن أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية المحليين هذا التحدي بجرأة، مدركين الإمكانات الكامنة في هذه المنطقة. وفوق كل هذا، تسببت الصراعات في المنطقة بوصول أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة، لصالح دول مجلس التعاون الخليجي الغنية بالنفط والتي تعد موطنًا لرؤوس الأموال الاستثمارية وصناديق الاستثمار الأبرز في المنطقة. بالتالي، نتوقع أن يحافظ الربع الرابع على نفس الاتجاه السائد حاليًا، على أن يصبح الأثر الملموس أكثر وضوحًا في عام 2025.
هذه التقارير الشهرية هي نتاج تعاون بين ومضة والموجز الرقمي.