كيف يسهم دمج الأعمال بالألعاب في دعم الشركات في المنطقة؟
صورة من مشاركة "جيميفايرز" في معرض "لدبي ينكس" Dubai Lynx.
المهام اليومية الروتينية للعمل هي أكثر ما يُمكن أن يُصيب المُوظّفين بالملل ويقضي على نفحة الإبداع لديهم، ما يؤثر سلبًا على الأداء الوظيفي. وحالة الرتابة ذاتها، تُفقِد عملاء الشركات العالمية أيضاً عنصر التحفيز على الاستمرار بالتعاملات. ولتوفير ولاء الموظّفين أو العملاء، ليس أفضل من استراتيجية "جايمفيكايشن" Gamification التي تدمج المهام الفعلية بالألعاب المسلّية.
من هذا المنطلق، قرّر رائدا الأعمال شريف دهان (الصورة أدناه) ويحيي الكاتب مع عددٍ من المستثمرين في مجال تقنية المعلومات في المنطقة (لم يكشفا عنهم) إطلاق "ذا جايمفايرز" The Gamifiers في دبي عام 2013، كوكالةٍ رقمية متخصّصة في تقنية دمج المهام العملية بالألعاب.
يقول دهان، المدير التنفيذي لـ"ذا جايمفايرز": "لقد أطلقنا الشركة لتسخير آليات الألعاب لصالح حلول التسويق الرقمي والشركات العالمية والحكومات؛ بما يُضفي على الحملات التسويقية، وجهود تطوير المنتَج وأنشطة البيع وخدمة العملاء، وسائر العمليات، طابعاً ترفيهيّاً تفاعليّاً."
فالشركات التي تتبارى لتوفير برامج الولاء المختلفة للعملاء والموظّفين، باتت تلجأ إلى استراتيجية الـ"جايمفيكايشن" (دمج المهام العملية بالألعاب)، لأنّ الألعاب مسلّية وتُساعد على تحقيق نسبة تفاعل أعلى، وأحياناً تسبّب الإدمان. هذه الاستراتيجية تقوم على عدّة عناصر أساسية يتمحور حولها البرنامج، أيّاً كان المجال المستخدم فيه، كالنقاط التي يجمعها اللاعب مثلاً، أو المستوى الذي ينتقل إليه، أو ترتيب اللاعبين، والتحديات والجوائز.
ورغم أن كلمة "جايمفيكايشن" توحي بمحتوى ترفيهي، إلا أنّها تُستخدَم كتقنيةٍ في أكثر المواقع جِديّة حول العالم، مثل "تريب آدڤايزور" TripAdvisor، و"لينكدإن" Linkedin، و"نايك" Nike، بالإضافة إلى البوابة الرسمية لحكومة الإمارات العربية المُتّحدة، وغيرها.
أمّا شركة "ذا جايمفايرز"، فأبرز الخدمات التي تقدّمها تبدأ من الاستشارات، مروراً بتوفير منصّات وحلول تقنية مختلفة، وإطلاق برامج وألعاب على المواقع وتطبيقات المحمول و"فايسبوك"، وصولًا إلى مُتابعة المشروع دوريّاً بهدف التطوير.
ويوضح دهان أنّ "خيارنا وقع على دبي لأنّها تُعتبَر قلب الخليج، خاصّةً فيما يتعلق بالأعمال، كما أنّها موقعٌ للكثير من الوكالات الرقمية الإقليمية المُستفيدة من تقنية دمج المهام بالألعاب، فضلاً عن أن الإمارات كانت أوّل من بادر إلى فكرة الحكومة الإلكترونية، ثمّ إلى فكرة الحكومة الذكية مؤخّراً."
وبالفعل، ساهم تواجد "ذا جايمفايرز" في دبي في حصولها على وكالةٍ حصريةٍ إقليمية لعدّة شركات، أبرزها الشركة العالمية المتخصصة في مجال تطبيق آليات الألعا، "بادجفيل" Badgeville. هذا ولم يُرِد دهان الكشف عن أسماء عملائه في دبي أو مصر "لأسباب تتعلّق باستراتيجية العمل."
لم يمضِ أكثر من عامَين على إطلاق "ذا جايمفايرز"، حتّى توسّعَت إلى القاهرة لخدمة السوق المصرية وإفريقيا. ولعلّ هذا يعود إلى نموّ هذا المفهوم وانتشاره، بحيث أنّ شركة الخدمات المهنية الأمريكية "بي دبليو سي" PWC نشرت تقريراً يؤكّد على أن مجال "الجاميفيكشن" سيشهد نموّاً متزايداً ويتوَقّع أن تبلغ قيمته 2.8 مليار دولار بحلول عام 2016.
من الروّاد إلى الروّاد
يسعى مؤسّسو "ذا جايمفايرز" إلى إنشاء قنوات خدمةٍ "من الرواد إلى الرواد"، على حدّ قولهم، بهدف دعم الشركات الصغيرة والمتوسّطة.
ويحاول فريق العمل التركيز على التطوير ما بعد الإطلاق، من خلال تحليل النتائج ورصد الأرقام بشكلٍ دوريّ، لمعرفة مدى خدمتها لأهداف المشروع في كافة المجالات.
ويشير دهان هنا إلى أنّ "تقنية آليات الألعاب تركّز على تحسين العامل النفسي للموظّفين، خاصّةً في وقتٍ يصعب على الشركة توفير جوائز مالية أو عينية. وبالتالي، توفّر هذه التقنية فرصةً للتنافس على لقب الموظّف الأكثر سرعةً مثلاً، لخلق أجواء تنافسية في الشركات."
يبدو أنّ هذا الموظّف يلعب بكلّ جدّية! (مصدر الصورة)
تحديّات البداية
كانت أكبر التحديّات التي واجهها الفريق هي إدخال منتَجهم إلى السوق للمرّة الأولى. فقد اضطرّوا إلى استثمار الكثير من الوقت لتحضير السوق والعملاء الممكنين، وحضور العديد من الفعاليات لنشر التوعية حول أهمّية هذا المبدأ في المجال العملي، ومحاولة التخلّص من الصورة الذهنية للمنتج النهائي على إنه مجرّد لُعبة.
و"عندما بدأ عملاؤنا يلمسون نتائج جيّدة، انتشر الخبر عن ‘جايمفايرز‘ وازدادت شعبية الشركة،" حسبما يقول دهان.
خطط توسعية
يكشف دهان أنّهم يخطّطون للتوسّع في دول أخرى من المنطقة، دون الإشارة إلى دولةٍ بعينها. ويشرح ذلك قائلاً إنّ "خططنا للتوسع تنقسم على محوَرين؛ الأول جغرافي، بافتتاح مقارّ إضافية في المنطقة خلال العام المقبل؛ والثاني هو التطوير المُستمرّ للخدمات المقدَّمة واستقطاب عددٍ أكبر من الشركاء العالميين، لتحقيق الهدف الأسمى لنا، ويصبّ ذلك نهايةَ في مصلحة قطاع الأعمال في المنطقة."
في تقارير حديثةٍ لها، تتوقّع شركة "جارتنر" Gartner العالمية المتخصّصة في الأبحاث والاستشارات التكنولوجية، أن تَستخدِم شركات التسويق والعلامات التُجارية الشهيرة تقنية الـ"جاميفيكيشن" كعنصرٍ أساسي للتسويق وحشد أكبر نسبة من عُملائها وكسب ثقتهم، بدءاً من العام المقبل.
فهل تنجح "ذا جاميفيرز" في إيجاد أجواء مرِحةٍ وتفاعليةٍ ضمن قطاع الأعمال لتغير وجه التسويق والإعلان وإنتاجية العمل في المنطقة؟