صندوق تمويل سنغافوري يدخل المنطقة عبر استحواذه على شركة مالية في دبي
الشركة الناشئة "كاشنوميكس" Cashnomix، التي تتّخذ من دبي مقرّاً لها وتعمل كمنصّةٍ للحوسبة السحابية تساعد الشركات الصغيرة على تحصيل فواتيرها مبكراً، استحوذَتْ عليها شركة "آبكس بيك" ApexPeak من سنغافورا مقابل مبلغٍ لم يُعلَن عنه.
وهذه الشركة السنغافورية تُعتَبَر جديدةً نسبياً في مجال الإقراض، تعمل على تخفيف مشاكل السيولة النقدية للشركات الصغيرة والمتوسّطة الحجم الشركات الكبرى المتعدّدة الجنسيات، ويغطّي عملها أسواق جنوب شرق آسيا وأفريقيا. وهذا الاستحواذ على "كاشنوميكس" بنسبة 100%، سيكون بمثابة خطوتها الأولى نحو سوق الشرق الأوسط، ممّا سيؤدّي أيضاً إلى تعزيز خدمات "هاتشر" Hatcher المالية في المنطقة. و"هاتشر" هي شركة تستثمر في "تلر" Telr، بوّابة للدفع ومنصّة للتمويل التجاري في دبي.
وشركة "كاشنوميكس" التي جاءت كواحدةٍ من بنات أفكار سوجيث كوروب Sujith Kurup، انطلقت بداية الأمر في إيرلندا معتمدةً على سياسة التقليل من الموارد والحدّ من النفقات وعلى مجهود كوروب الذي تمثّل في خوارزمية لشراء الفواتير. ويقول المؤسِّس إنّ "هذه المرّة الأولى التي يحضر فيها هكذا منصّة إلى الشرق الأوسط." وعملية شراء الفواتير هذه، التي تكلّف المتلقّي من 2 إلى 3% في الشهر لكلّ فاتورة، تعني أنّ الشركات الصغيرة يمكنها الحصول خلال 72 ساعةً على المال الذي كان عليها أن تنتظره عادةً لتسعين يوماً.
وبعدما يذكر كوروب أنّ شركته "تقدّم الأموال بكلفةٍ أقلّ من تلك التي تطلبها البنوك،" يقول إنّ "الشركات الصغيرة في دبي سوف تكون قادرةً على تحميل فاتورة على منصّة ‘آبيكس بيك‘، ومن ثمّ الحصول على قرارٍ سريعٍ مدعومٍ من خوارزمية التسجيل لدينا." و"كاشنوميكس" التي تُعتَبَر كحلٍّ بديلٍ للحصول على التمويل في منطقةٍ تحتاجه فعلاً، ستضيف إلى جناح "آبيكس بيك" الماليّ خدمة مساعدة الشركات الصغيرة. ويضيف كوروب قائلاً، "إنّ بيانات الائتمان حول الشركات ليست كافيةً، لذلك يصبح اتّخاذ قرارٍ بالاكتتاب عملاً يحتاج إلى كثيرٍ من الجهد والموارد. أمّا الخوارزمية التي بنيناها فهي تجمع إشاراتٍ من مجموعةٍ كبيرةٍ ومتنوّعةٍ من المصادر، لتحديد درجة كلّ فاتورة ومؤشّر الثقة الخاصّ بها."
وجاء قرار كوروب في الانتقال إلى الإمارات العربية المتّحدة وجعلها مركزاً رئيسياً لشركته الناشئة، بسبب إدراكه لصعوبة الحصول على رأس المال قصير الأجل، وأيضاً لأنّ سوق الشركات الصغيرة والمتوسّطة كانت سوقاً سريعة النموّ. ففي عام 2010، شكّلت الشركات الصغيرة والمتوسّطة نسبة 94% من مختلف الأعمال في الإمارات العربية المتّحدة. كما أخبر "ومضة"، أنّه جاء إلى "واحة دبي للسليكون" Dubai Silicon Oasis Authority في أيلول الماضي، لجسّ النبض والتواصل مع الشركات الصغيرة والمتوسّطة.
وفي بيانٍ لـ"آبيكس بيك"، يقول كوروب إنّ "الجميع يعتقد أنّ المال في الشرق الأوسط متوفّرٌ بغزارة. ولكن في الحقيقة، يبدو أنّ المال النقدي لا يصل إلى الشركات الصغيرة بسهولة، حيث أنّ حصول هذه الشركات على تمويلٍ أو قروضٍ قصيرة الأجل هو عمليةٌ صعبةٌ." ويشير إلى كلفة الاقتراض العالية من المُقرِضين التقليديّين، حيث يمكن أن تصل عادةً من 18 إلى 30% سنويّاً.
وبدا الطريق إلى عملية الاستحواذ الكامل هذه سهلاً، بسبب الخلفية المالية لكوروب (الذي عمل كمديرٍ للعمليات في ‘آزتيك ماني‘ Aztec Money) وعلاقته الطويلة مع "آبيكس بيك" (شريكة ‘آزتيك ماني‘). ولكن رغم ذلك، فالأمر لا يخلو من الصعوبات. إذ لا يعرف الناس في هذه المنطقة كثيراً الفرق بين عملية الإقراض وعملية شراء الفواتير، ما يعني أنّ الناس قد يرتابون قبل البدء في طلب هذه الخدمة. وفي حين أنّ خدمة "التمويل عند الطلب" شائعة الاستعمال في الولايات المتّحدة، "إلّا أنّها لا تحظى بشعبيةٍ هنا." يقولها كوروب مضيفاً أنّ "الناس [هنا] معتادون على القروض التقليدية من المصارف، وخدمتنا جاءت كشيءٍ جديدٍ عليهم."
هذه الخطوة التي اتّخذها كوروب نحو دبي أثبتَت نجاحها، حيث تمكّن من القيام بصفقاتٍ مع حوالي 15 شركة من عدّة قطاعاتٍ متنوّعةٍ بين الرقميّ والصناعيّ والإعلانات، وحتّى الرعاية الصحية كقطاعٍ محتمل. وهذه الصفقات التي زادت قيمتها قليلاً عن مليونَي دورلارٍ أميركيّ، شكّلت عنصرا أساسياً في قرار "آبيكس بيك" بضمّ "كاشنوميكس". وهكذا، فإنّ ما بدأ كفكرةٍ لخطّةٍ تجريبيةٍ صغيرةٍ، نما وتحوّل إلى شيءٍ ملموس.
ويقول مدير التسويق والمبيعات في "آبيكس بيك"، أنطوني كاوندوريس، إنّ "ما شكّل عامل جذبٍ للشركة هو تلك الصفقات التي قامت بها ‘كاشنوميكس‘ في الإمارات العربية المتّحدة، وهي أيضاً المنطقة التي أردنا افتتاح مكتبٍ لنا فيها." ويضيف أنّ "تقارير الائتمان في الإمارات نادراً ما تتوفّر، ممّا جعل من قرار الاكتتاب أمراً صعباً." ويشرح مدير التسويق لـ"ومضة"، أنّهم يريدون دمج الخوارزمية التي بناها كوروب مع التطبيق الخاصّ بهم "إنفويس أدفانس" Invoice Advance، ممّا سيؤدّي إلى جعل التطبيق أكثر ذكاءً وقادراً على تسجيل الفاتورة في وقتٍ أقلّ.
وممّا لا شكّ فيه أنّ "كاشنوميكس" تتطلّع إلى أسواقٍ أخرى، حيث قالوا في فيديو أطلقته الشركة، "على الشركات في التشيلي والهند وإندونيسيا وسنغافورة أن تنتظرنا، لأنّنا سنُحدث ثورةً في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسّطة."
وفي خطوةٍ متقدّمة، سيشغل كوروب منصب المدير العام لعمليات "كاشنوميكس" في الشرق الأوسط، كما سيشرف على إطلاق جناح "آبيكس بيك" الخاصّ بمنتَجَات رأس المال التشغيلي. وسيكون النشاط بادئ الأمر في سوق دبي، قبل استكشاف النموّ في أجزاء أخرى من دولة الإمارات العربية المتّحدة. والجدير بالذكر، أنّ خدمات "كاشنمويكس" ستتوفّر أيضاً في أفريقيا وجنوب شرف آسيا.
ومع هذه الخطوة التي ترسّخ موطئ قدمٍ في المنطقة لـ"آبيكس بيك"، يبدو أنّ المستثمر الأساسيّ، "هاتشر"، يفكّر استراتيجياً عندما يعمل على تكبير محفظته من شركات التقنيات المالية في الشرق الأوسط. فهل نتوقّع أن نرى دمجاً بين خدمات "تلر" و"كاشنوميكس" في المستقبل؟