مشروع عربي يعمل على تطوير التعليم الإلكتروني على الهواتف المحمولة
لطالما اعتُبر النفاذ إلى التكنولوجيا مفتاحاً لتطوير البرامج التعليمية في البلدان ذات الدخل المنخفض، غير أن توفر الهواتف الذكية والحواسيب المحمولة والأجهزة اللوحية غالباً ما يكون محدوداً حيث الحاجة إليه هي الأكبر.
خلال مهمة ضمن إطار برنامج "حاسوب محمول لكل طفل" One Laptop Per Child في أفغانستان من إعداد "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" MIT، وجد مايك داوسن أنّ الحواسيب المحمولة قد لا تكون الطريقة الأكثر فعالية لإيصال المواد التعليمية للمحرومين من الخدمات.
عام 2012، أسس "أستاد موبايل" Ustad Mobile كوسيلة لتطوير البرمجيات التعليمية التي يمكن استخدامها على أنواع الهواتف واسعة الانتشار أصلاً في البلدان ذات الدخل المنخفض. تبيع "أستاد" برمجياتها للمنظمات غير الحكومية المركزة على التعليم التي تعمل في المنطقة والتي تديرها بعدئذٍ بمساعدة فريق "أستاد".
ويقول هنا داوسن: "[سألت نفسي:] كيف يمكنني أن أقدم تجربة تقنيات التعليم عينها من دون أن أرغم الجميع على شراء أجهزة جديدة، لأنّ ذلك ليس حلاً مستداماً؟ وهنا راودتني فكرة استخدام الهواتف المحمولة العادية feature phones [وهي هواتف محمولة متدنية المستوى ومحدودة القدرات مقارنةً بالهواتف الذكية المتوفرة اليوم]، لأنّها قادرة على دعم الملفات الصوتية والفيديو والاختبارات التفاعلية والألعاب.
من جنوب آسيا إلى الشرق الأوسط
بعدما انطلقت الشركة في أفغانستان، تخطط الآن للتوسع إلى العراق بفضل عقد جديد وقعته مع مجموعة "صلتك" Silatech القائمة في قطر، حيث تنوي استخدام منتجات "أستاد موبايل" لتزويد المستخدمين في أنحاء المنطقة بمحاكاة مقابلات عمل افتراضية ونصائح حول إعداد الميزانية وغيرها من الشؤون المالية وتعليمات حول كيفية استخدام منصات العمل.
في العام 2015، تأمل "أستاذ موبايل" أيضاً أن تطور محتوى ذا صلة باللغة العربية يمكن أن يفيد اللاجئين السوريين والفلسطينيين.
ويضيف داوسن: "يعمل النظام من دون الحاجة إلى إرسالٍ خلوي، ما يجعله ممتازاً حتى لأصعب الأوضاع في المنطقة".
مشروع محو أمية تجريبي للنساء في أفغانستان
أطلق داوسن نشاطات "أستاذ" بدورة محو أمية تجريبية للنساء في أفغانستان. تم بعد ذلك تحويل ذلك إلى مشروع تجريبي موسع لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان، وبالأخص للنساء في قوات الشرطة الأفغانية.
بعد تلقي هواتف محمولة محملة بمنهج محو الأمية الأفغاني، ارتفعت نتائج اختبارات النساء اللواتي بلغ عددهنّ 180 بشكل ملحوظ مع استخدام التطبيق.
يقول داوسن هنا: "ما زالت الهواتف المحمولة العادية تشكل أغلبية الهواتف التي يتم شراؤها في البلدان ذات الدخل المنخفض [حتى وإن كان] الهاتف الأكثر شعبية في أفغانستان في السنتين الأخيرتين من صنع "نوكيا". هذه الهواتف قوية ولا تفنى بسرعة ولديها بطارية تدوم طويلاً".
افتتاح متجر في دبي والتركيز على المنطقة العربية
تلقت "أستاد موبايل" في البدء تمويلاً من وزارة الخارجية الأميركية والسفارة الهولندية في كابول. ثم حصلت على تمويل تأسيسي من مسرعة النمو "تورن 8" Turn8 القائمة في دبي في فبراير/شباط 2014.
أطلق داوسن المؤسسة في دبي منذ أكثر من 3 سنوات فيما كان يعمل على مشاريع أخرى. فيشرح قائلاً: "أطلقنا الشركة في دبي لتوفير المال، لأنّ ذلك أوفر بكثير من جلب الناس إلى أفغانستان – فكابول ليست نقطة استقطاب للراغبين في العمل. كما أنّ دبي محوراً للأسواق الناشئة" في المنطقة المحيطة.
لقد حصلت "أستاد" التي تعني بالهندية والدارية والباشتو "الأستاذ" أو "المعلم" على 60 ألف دولار من عقودها مع منظمات غير حكومية منذ فبراير/شباط 2014 وبات ما يراوح ألف متعلم يستخدم نسخات مختلفة من برنامجها.
تحديد نقاط ضعف المنظمات غير الحكومية
يقول داوسن إنّ أحد أكبر التحديات التي تواجه تطوير برامج التعليم في البلدان ذات الدخل المنخفض هي القدرة على تتبع الاستخدام والتقدم في أوساط الطلاب والمتعلمين. تسمح "أستاد موبايل" للمنظمات غير الحكومية أن تتتبع عن بعد استخدام التطبيق وتسمح بتحليل بيانات الاستخدام.
تقوم بتوزيع التطبيق منظمات ممولة من القطاع العام التي "يجب أن تخضع للمساءلة بشأن كيفية إنفاقها للمال. يعاني التعليم حالياً من مشكلة كبيرة من حيث المساءلة إذ يتم استثمار المليارات ولا نعلم حتى إذا كان يأتي الأطفال والمعلمون إلى المدرسة في حالة المدارس النائية، ناهيك عن نتائج التعلم".
ويضيف: "تساعد "أستاد موبايل" على التصدي لمشكلة المساءلة. إذ يمكن للجهة المانحة أو المنظمة التسجل في لوحة إحصائيات ورؤية كم تم استخدام التطبيق وما هي نتائج الاختبارات وكم متعلّم يدرس فعلياً. ويتم تقييم كل البيانات كنتيجة ثانوية".
تتقاضى الشركة 0.05 دولار في الشهر لتتبع كل طالب في البرنامج بالإضافة إلى الخدمات المتعلقة بالتدريب والدعم.
كما طورت "أستاد موبايل" تطبيقاً لنظام "أندرويد" Android يساعد على عرض البرنامج على أصحاب النفوذ وصناع القرار في البلدان المستهدفة. ويقول داوسن أنّه يمكن توسيع نطاق البرنامج ليتخطى محو الأمية ويتضمن تعليم مجموعة متنوعة من المهارات الأخرى.
ويختم قائلاً: "إنّ محو الأمية حجر أساس أولي، ولكن، ثمة أمور أخرى مثل التوظيف وكيفية إجراء مقابلة عمل والمهارات المالية... هذا ما يتم التخطيط له للعراق في الوقت الحالي".