خدمة للشحن الفردي تحصد تمويلاً بقيمة 670 ألف دولار
من الشائع اليوم أن تطلب من شخص أن يشحن لك أو يجلب لك غرضًا من الخارج، ولكنّ الأمر صعب في الوقت ذاته. ففي منطقتنا خصوصاً، ومع هوامش الربح على الإلكترونيات والسجل السيئ في التسليم، من منا لم يطلب من صديق أو طلب منه صديق أن يجلب له غرضًا من الخارج؟
بدأ رواد الأعمال من حول العالم المغامرة في قطاع الشحن المباشر عبر ربط المسافرين بأشخاص غرباء يريدون أغراضا من الخارج، وقد أصبح يعرف ذلك بالشحن الجماعي أو الـ crowdshipping. والشركات الناشئة التي تستغل هذه الموضة هي الفرنسية "بيجي بي" PiggyBee التي تسمح للناس بمكافأة الشخص الذي يقوم بالشحن عبر إسداء خدمات له مثل توصيله من المطار، والفرنسية الجزائرية "جبلي" Jib.li التي تسمح للناس بجلب أي غرض يريدونه مقابل المال، والمصرية "زاجل" Zaagel، والفرنسية "وورلد كرايز" WorldCraze التي تحد التبادلات التي تتم عبرها بمنتجات جديدة يشتريها المسافر.
لكن هذه الخدمات تواجه الكثير من التحديات، خصوصاً الخطر القانوني والمكافأة الصغيرة غير المشجّع كثيرًا لجلب أغراض لشخص غريب. والأشخاص الذين يسافرون كثيراً قد لا يتشجعون كثيرًا بمكافأة صغيرة وليسوا مهتمين بإسداء خدمات لغرباء من دون سبب.
تعرّف على "فرندشيبر" Friendshippr. فهذه الشركة الناشئة التي تتخذ من دبي (وكاليفورنيا) مقراً لها تتبنّى مقاربة مختلفة: فبدلاً من الربط بين الغرباء، تقوم بتسهيل الشحن المباشر بناء على ما هو عليه في العالم الحقيقي، أي بين الأصدقاء. فالقيّمون عليها يعتقدون أن هذه الممارسة غير الرسمية يمكن أن تنجح أكثر إن تم تنظيمها أكثر، بدءاً من الاسم، واختاروا لذلك اسم friendshipping أي الشحن بين الأصدقاء. وتقوم رؤيتهم على مساعدة الناس على معرفة من يسافر ومنحهم فرصة طلب المساعدة بطريقة غير محرجة. ويقولون إنه عليك أن تنسى أمر نشر طلب على فايسبوك لأنه سيضيع في زحمة الأخبار وأن تنسى أمر الاتصال بالأصدقاء وإحراجهم.
انطلقت "فرندشيبر" في وقت سابق هذا الشهر في الوقت المناسب للمشاركة في جلسة عرض أفكار في مؤتمر "لو ويب" LeWeb أمام لجنة تحكيم ضمت رئيس "باي بال" PayPal، دافيد ماركوس، والرئيس التنفيذي لـ"أوبير" Uber، ترافيس كالانيك. و" فرندشيبر" هي تطبيق يرسل إشعاراً كاملاً إلى أكثر الأشخاص صلة في شبكتك لكلّ طلب معيّن.
تطبيق سلس
تجربة المستخدم سلسة أيضًا. والتطبيق يسمح لك بتقديم طلب شحن كامل حيث تختار المنتج والوجهة والأولوية وخيار الدفع ومن ثم تختار الأشخاص ذوي الصلة وأصدقاء الأصدقاء الذين يمكنك أن تطلب منهم، بناء على مكان سكنهم أو مكان سكن أصدقائهم. ومن ثم يقوم التطبيق ببث الطلب عبر تطبيق إشعارات من فايسبوك.
وكما أقر المؤسس الشريك رامي عسّاف، علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان المستخدمون سيردون على هذه الإشعارات أم لا. وحتى الآن، يستعد الفريق لتطوير عملية إشعارات أقل تطفلاً ما يعكس مخاوف عساف بأن يشعر الأصدقاء بأنهم محاصرون بهذه الطلبات غير الرسمية. وتجري "فرندشيبر" اختبارات ببث ذكي بدلاً من بثّ مستهدف للأفراد، حيث يعرض التطبيق رسالة أمام أشخاص كثر بدلاً من تواصل فردي. وإن لم ينجح ذلك، لدى الفريق أفكار أخرى حول كيفية إبلاغ المستخدمين. والآن ما زال الأمر يتعلق بالاختبار والتعديل.
ويعي فريق "فرندشيبر" تمامًا أنّ الأصدقاء يوافقون على جلب الأغراض بدافع الصداقة وليس المال. ولكن حتى الأصدقاء عليهم أن يفكروا كيف يحولون المال. وتسمح "فرندشيبر" للمستخدمين بانتقاء ثلاثة خيارات للدفع: أن تدفع لأصدقائك بعد الشحن أو مسبقاً أو تحضر الغرض فقط من دون الحاجة إلى دفع ثمنه. ويعمل التطبيق بالعكس أيضاً حيث يسمح للمستخدمين بأن يسجلوا وجهات سفرهم كي يعرف أصدقاؤهم إلى أين يسافرون. وبهذه الطريقة مثلاً عرفت أن أحد أصدقائي كانت مسافرة من بيروت إلى الأردن ولكني للأسف لم أجد طريقة لبعث رسالة مباشرة لها على التطبيق لأطلب منها قميص "جو بدو" Jo Bedu. ولكن التطبيق ما زال في أسابيعه الأولى وعدد أصدقائي الذين بدأوا باستخدام التطبيق يؤشّر جيدًا إلى الشعبية التي سيكتبسها في العام 2014.
تطبيق شرق أوسطي بطموح عالمي
يقف وراء التطبيق محمد حميدي وعلي حميدي، الشقيقان (باسم عائلة تكتب بالانجليزية بشكل مختلف) اللذين كانا وراء شركة "جايم مينيون" Game Minion، التي بيعت إلى كورونا لابز في بالو ألتو، قيصر رضا وهو اختصاصي تجربة مستخدم وواجهة المستخدم، فضلاً عن رامي عساف وهو شريك صغير في "هاني بي تيك فنتشر" Honeybee Tech Ventures ومطور رقمي للسوق في "ليمون".
ورغم أنهم جميعاً يتحدرون من الشرق الأوسط إلاّ أنهم لا يخططون لأن يحدوا أنفسهم بهذه المنطقة. فنصف الفريق يعمل من وادي السيليكون والشركة مسجّلة في الولايات المتحدة نظراً إلى سهولة التسجيل هناك ومن أجل تسهيل الطريق إلى عملية جمع تمويل دولي في المستقبل، وقد جمعوا 670 ألف دولار كتمويل تأسيسي من مستثمرين تأسيسيين أميركيين وإماراتيين.
وقال عساف "ما نسعى إليه الآن هو أن نصبح حاجة في السوق. فقريباً سيصبح الشحن المباشر أمراً طبيعياً وثمة نوع من السباق لفهمه جيداً وجعله مربحاً (أولاً)". وهذه الجولة من التمويل التي يمكن أن تكون الأكبر حتى الآن لشركة ناشئة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا يفترض أن تعطيهم أفضل الفرص. وقد أتى التمويل من الكثير من أصحاب الرساميل المخاطرة الدوليين الذين لهم تجارب مع "أوبر" Uber وAirbnb و"جوجل". وانضمت "هاني بي تيك فنتشر" ومقرها دبي إلى التمويل أيضاً. واختار الفريق عن عمد عدم العمل مع شركات تمويل حكومية من الشرق الأوسط، نظراً إلى أن خطتهم التجارية أثبتت أنها غير شعبية مع المستثمرين المحليين.
ويعتقد عساف أنه في "الشرق الأوسط، لديك هامش للمناورة أكثر من التوسّع. والحالة ذاتها في وادي السيليكون. وفي نموذج دولي كهذا، عليك أن تتوسّع"، مشيراً إلى أنه يخطط لجمع العائدات "فقط حين تكون قاعدة المستخدمين سعيدة".
ولكن حتى الآن لدى الفريق أفكار مثيرة للاهتمام في ما يتعلّق بطرق تحقيق العائدات مثل بيع بيانات مجهولة حول ما هي المنتجات الأكثر شعبية في كل بلد، وبيع الإعلانات وتحديد المكان حين يحتاج لطلب منتجات، أو تقديم خدمات مالية حين يحتاج المستخدم لاستعارة المال.
من العظيم أن نرى بين الحين والآخر شركة ناشئة من الشرق الأوسط تفكر على نطاق عالمي. نحن بالتأكيد نتطلع لرؤية كيف ستؤول أمورها.