برنامج المشروع التلفزيوني ينطلق بفكر جديد عن الريادة المصرية
في وقت فرضت فيه أهمية ريادة الأعمال نفسها على الخريطة الإقتصادية بالمنطقة، احتفل الوسط الإعلامي في مصر هذا الأسبوع بإطلاقبرنامج "المشروع"، أول برامج تليفزيون الواقع عن ريادة الأعمال. ويأمل برنامج "المشروع" بالإرتقاء بموضوع الريادة الى مفهوم أوضح عن طبيعة العمل بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وما تتطلبه من صبر ومثابرة على مواجهة التحديات للخروج بأحلامهم إلى أرض الواقع.
وفي الأساس، اختصت شركة "المشروع"، والتي تأسست رسمياً عام 2013، على يد كلِ من: مروة معاذ، المدير الإداري لبرنامج المشروع، وديفيد إليوت David Elliot، المدير الإداري لشركة "باميان ميديا" Bamyan Media، الشركة المسئولة عن التسويق الإعلامي للبرنامج.
وعملت شركة المشروع على توفير ورش عمل لرواد الأعمال، مما سمح للإدارة بلمس احتياجات هؤلاء الشباب. "تمكنٌا من خلال الإحتكاك المستمر برواد الأعمال أن نلمس ما هم بحاجة إليه من قنوات شرعية تدعمهم في الخروج بأفكارهم إلى النور، فقررنا أن نكون همزة الوصل بينهم وبين ذوي الخبرات والمستثمرين والمجتمع بالكامل من خلال برنامج تليفزيوني تعليمي ترفيهي"، تقول معاذ.
رؤية المشروع
ويحلم فريق عمل المشروع بأن يصل مفهوم وفكر ريادة الأعمال إلى كل بيت مصري: "رؤية برنامجنا ستتحقق مكتملة بمجرد أن نتمكن من الوصول بفكر ريادة الأعمال إلى المواطن المصري البسيط، حتى تصبح ريادة الأعمال توجهاً عاماً للشباب في مصر، لأنها اصبحت المخرج الوحيد من الأزمة الإقتصادية التي تشهدها البلاد، وليس أمام الشباب سوى محاولة تدشين مشاريع خاصة تخدم المجتمع وتساهم في حل مشكلة البطالة وتنحت لهم مكاناً بارزاً تحت الشمس". تقول أمنية نبيل، مديرة تنمية الأعمال والتواصل في البرنامج.
ولم تفصح نبيل عن تكلفة إنتاج "المشروع"، مؤكدة أن أية أرقام تم نشرها على الصحف المحلية ما هي إلا تكهنات، وأن فريق العمل لم يصرح عن أي شيء بهذا الصدد.
تحضيرات ورعاة
وخاض نحو ألف ريادي، تقدموا للفوز بفرصة المشاركة في فعاليات البرنامج، مراحل التصفيات حتى أعلنت إدارة شركة "المشروع" أن حلقات البرنامج (وعددها 14 حلقة) أصبحت جاهزة للبث حصرياً على شبكة تليفزيون النهار الفضائية، يوم السبت من كل أسبوع في تمام الساعة 11.00 مساءاً، بحسب التوقيت المصري.
وقناة النهار هي أيضاً أحد رعاة "المشروع" مع كلٍ من شركة سامسونج Samsung، التي تدعم برنامج مسابقات لرواد الأعمال للمرة الأولى في تاريخها، وشركة "صِلتك" Silatech، والتي تدعم شباب رواد الأعمال من أصحاب المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر للوصول إلى مستثمرين، وتدعم تطوير وتنمية المهارات البشرية.
و"المشروع" ليس برنامج قناة النهار كما أُشيع في الصحافة المحلية: "برنامجنا هو إنتاج مشترك بين قناة النهار، و"هاما فيلم برودكشن" Hama Film Production، أما إدارة الإنتاج والتنظيم والتسويق فكان مسئوليتنا، ودعمتنا قنوات النهار من خلال حملات إعلانية تشنها بشكل تقليدي لكل البرامج التي تقرر إستضافتها على شاشتها" تقول نبيل.
المتسابقون
ويضم "المشروع" 14 متسابقاً يجسدون واقع المجتمع المصري بمختلف توجهاته ومستوياته الثقافية والتعليمية والإجتماعية وحتى من ناحية التوزيع الجغرافي. فالمشروع يجمع بين متسابقين من النوبة وسيناء والقاهرة والإسكندرية والصعيد، دون قيود أو شروط، إلا فيما يتعلق بالمهارات الفردية ومدى جدوى المشروع الفردي في خدمة الإحتياجات المرحلية للبلاد.
وتتكون لجنة التحكيم من هلا حطاب، وهي مُحكٌمة ومدربة لرواد الأعمال الجدد في العديد من المسابقات مثل "جوجل إبدأ"، وهي حاصلة على الدكتوراة في الريادة النسائية للأعمال، وهشام الجمل وهو مؤسس شركة "كويست" Quest للتنمية البشرية، ومدرب ومستشار معتمد لعدد كبير من المؤسسات في مصر وأوروبا. ويستضيف الاثنان في كل حلقة حكماً ثالثاً تتناسب خبراته مع طبيعة التحدي الذي يخوضه المتسابقون.
ويواجه "المشروع" هجوماً من قِبل بعض مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي حول الأسس التي تم بناءاً عليها إختيار المشاريع الناشئة المشاركة في البرنامج، والتي تضمنت مشاريعاً فنية منها مسرح للعرائس ومدرسة للرقص، وهو ما يراه البعض أفكار غير هادفة ولا تخدم المجتمع. ولكن نبيل لها رأي آخر: "كان التنوع هو الهدف الرئيس في كواليس إختياراتنا،
ففي الوقت الذي اختارنا فيه مشروع قرية صديقة للبيئة وآخر للطاقة البديلة، كان علينا أن ندرج في القائمة أيضاً مشاريعاً فنية بما أنها واحدة من المجالات التي تستقطب اهتمام شريحة كبيرة من الشباب. وببساطة ستحسم تصويتات المشاهدين عبر الرسائل النصية المسألة، وهي إحدى الوسائل التي سنعتمد عليها في الخروج بإحصاءات تشكل توجهاتنا في الإختيار بالموسم المقبل".
قانون اللعبة
وتابع الجميع الحملة الإعلانية المكثفة على قنوات النهار منذ أن بدأت، غير أن فكرة البرنامج لم تتضح بشكل نهائي إلا بعدما شاهدنا أولى حلقاته، وأدركنا أن قوانين اللعبة تنص على أن يتنافس الفريقان، من خلال خوض سلسلة من التحديات، تنتهي كلُ منها بخبرة قيمة يكتسبها المتسابقون في مجال ريادة الأعمال. وعلى كل فريق التعاون لتقسيم المهام على أعضائه وإنجاز المهمة المطلوبة، والفريق الرابح هو من يتمكن من تنفيذ المطلوب بالنسبة الأعلى.
وبعد كل تحدي، يتعين على الفريق الذي لم يتمكن من إنجاز تحدياته ترشيح اسم من بين أعضائه للخروج من دائرة السباق نظراً لأنه كان الطرف الأضعف، وهو ما يُفترض ان ينمّي قدرة المشارك على إتخاذ القرارات الحاسمة في الوقت المناسب وتجنّب التأثر بالعواطف. كما يقوم فريق التحكيم بترشيح اسم آخر للخروج من السباق. وعلى الطرفين المُرشحيٌن للخروج في نهاية الأمر خوض مواجهة كلامية لإثبات من فيهما الأجدر بالبقاء. وتستمر التحديات بنجاحتها وإخفاقاتها حتى نصل إلى الحلقة الأخيرة.
الجوائز
ويحصل من يغادر البرنامج على جوائز متنوعة تخدم مشروعه، وتتضمن جوائز مالية وعينية وأجهزة الكترونية من "سامسونج"، فضلاً عن انضمامهم إلى حاضنات ومسرعات أعمال، من بين شركاء "المشروع" الأربعين ومنهم "إنجاز مصر" Injaz Egypt، و"ذا جريك كامبس" The GrEEK Campus، و"رايز أب إيجيبت" RiseUp Egypt، و"إيفنتس" Eventtus، و"ذومال" Zoomal، و"اينوفينشرز" Innoventures، و"مايكروسوفت" Microsoft ومجموعة أخرى من منظمات المجتمع المدني التي تدعم رواد الأعمال بالتوجيه والتمويل والتدريب والتكنولوجيا وغيرها من الأدوات اللازمة لتحويل مشاريع المشاركين إلى واقع ملموس.
وهذا هو ما حدث مصطفى متولي، أول متسابق يغادر البرنامج، كما شاهدنا في الحلقة الثانية، والذي حصل على جائزة مالية قدرها 10 آلاف جنيه، ومحمول جالاكسي S3 ولاب توب من سامسونج، وانضمامه إلى حاضنة أعمال "ذا ديستريكت" The District لمدة 6 شهور. وبذلك فقد نجح "المشروع" في حلقاته الأولى من تأكيد فكرة أن الجميع ربحان، وخاصة إذا علمنا أن إدارة البرنامج تلقت عدة اتصالات من حاضنات أعمال ومستثمرين في أعقاب الحلقة الثانية تطلب دعم مشروع متولي، حسب نبيل.
وفي المجطة الأخيرة للبرنامج، يصل ثلاثة متسابقين إلى تحدي نهائي، إذ سيخوضوا جلسات تدريب على إعداد خطة عمل لمشاريعهم بمساعدة مرشدين، وسيكون عليهم التنافس لإقناع المدربين بتلك المشاريع ليحصل واحد منهم في النهاية على الجائزة الكبرى، بأن يتابع القائمون على إدارة شركة المشروع خطوات التقدم في مشروعه لمدة سنة كاملة للتأكد أنه أصبح واقفاً على أرضِ ثابتة تماماً. فيما سيحصل الإثنان الآخران على جوائز قيٌمة أيضاً، فضلت "نبيل" ألا تفصح عنها الآن.
فريق مسار إجباري
ويبدو أن خطة فريق "المشروع" لدعم شباب رواد الأعمال في مصر لم تقف عند حد متسابقيها، إذ اختارت الإدارة فريق مسار إجباري الغنائي الناشئ لأداء تتر نهاية البرنامج، وإحياء حفل الإطلاق. وقد جاءت الكلمات معبرة عن فكرة البرنامج ومؤكدة على التمسك بمبدأ الصمود من أجل الوصول. فهل سينجح "المشروع" في أن يتخطى بمتسابقيه حدود الخيال والخروج بمشاريعهم الناشئة من حيز الأفكار إلى عالم ريادة الأعمال؟ سؤال تكشف عن إجابته الحلقات القادمة.