كتاب جديد حول الثورة الريادية عليك قراءته هذا الموسم
بعد ثلاث سنوات من التنقّل في الشرق الأوسط، ومقابلة أكثر من 150 مستثمر، وريادي، وصاحب شركة ناشئة، قام كريستوفر شرودر، وهو ريادي في واشنطن العاصمة وعضو في مجلس إدارة "ومضة"، بكتابة أول كتاب شامل له عن بيئة الشركات الناشئة التقنية في المنطقة. اسم الكتاب الإنجليزي Startup Rising: The Entrepreneurial Revolution Remaking the Middle East (أي نهوض الشركات الناشئة: ثورة ريادية تعيد صناعة الشرق الأوسط) وهو متوفر الآن على موقع "أمازون".
الكتاب سريع القراءة ومسلِّ، وهو لربما من بين الكتب القليلة التي تتمحور حول وضع الشرق الأوسط اليوم من دون التركيز طوال الوقت على الربيع العربي.
وهو يعكس نظرة كاتبه الخبير بالشركات الناشئة والذي ينظر إلى الشرق الأوسط كأرض الفرص. بعد أن أمضى عقد ونصف في تأسيس وإدارة بوابة الصحة الإلكترونية "هيلث سنترل" HealthCentral، انتقل شرودر إلى دبي عام 2010 للسعي وراء هدف آخر.
ويصف تجربته في هذه السوق الناشئة المعقّدة بطريقة سلسلة وودودة، حيث يتّهم الغرب بأنه لا يتمعّن بالنظر إلى الشرق الأوسط ويرفض الاعتراف بالقدرات الكامنة فيه. كما ويذكر أبرز القادة الرياديين في العالم العربي، ويحوّل البيانات الهائلة إلى فرص ملموسة.
بالرغم من أنّ الكتاب يذكر رياديين بارزين معروفين عند الكثيرين، غير أنه يصف خلفياتهم وإنجازاتهم وطموحاتهم بطريقة فريدة من نوعها. ومن خلال كشف شرودر عن "تجارب الإحباط" التي مرّ بها فادي غندور عند تأسيس "أرامكس"، وعن كيف استوحى سميح طوقان فكرته من خلال مقهى لديه إنترنت رديء في لندن، قام بذلك بجعل القارئ قريبًا من عمالقة المنطقة العربية.
بالتوازي، يتحدّث أيضًا عن القادة الشباب "الأقوياء"، منهم هند حبيقة، التي ابتكرت نموذجًا أوليًا لجهاز سباحة اسمه "إنستابيت" Instabeat، وعلاء السلاّل، الذي تخطى العوائق بهدف تأسيس متجر إلكتروني لبيع الكتب اسمه "جملون"، أو مصطفى حمدان، الذي استوحى فكرة بناء شركة ناشئة للتدوير اسمها "ريسيكلوبييا" RecycloBekia بعد أن لاحظ كيف أن جيله غاضب من وضع البيئة الراهن.
ويستخدم شرودر أسلوبه مازحًا في كتاباته ويقتبس كلمات إيجابية لكن مضحكة قالها فادي غندور عن السلاّل.
يقوم شرودر في الكتاب بتوقّع المستقبل، وتسمية مجالات المحمول والطاقة الشمسية وشبكات التواصل الاجتماعية بالاتجاهات الإقليمية التي ستحدّد مصير العقد التالي. ويصف رائدات أعمال إقليميات مثل ألكس طعمه التي أسست منصة لبيع الملابس الداخلية، ورندا أيوبي، على أنهنّ قياديات يقدن جيل المؤسسين والمؤسسات نحو الأفضل.
وأبرز لحظات شرودر ظهرت في آخر فصلين من الكتاب: "الدين والبيئة الحاضنة" Religion and the Ecosystem. وقد اعترف أنّ أكثر من مرشد ذّره من ذكر هذا الموضوع في الكتاب. لكنه تجرأ وفتح هذا النقاش وتطرق إلى دور الدين في المجتمع، وتحدّث عن موضوع حساسّ بطريقة هادئة وسلسلة. وإضافة إلى الإفصاح عن آراء الكثير من الرياديين والمستثمرين العرب، دعا أيضًا إلى حوار بين الثقافات عبر قوله التالي:
"عندما أشارك تجاربي في المنطقة مع أصدقائي في الولايات المتحدة، دائمًا ما أُسأل عمّا إذا كان الإسلام والتوترات الطائفية يعيقان ازدهار البيئة الحاضنة في العالم العربي. ولا أحد من هؤلاء الأشخاص سألني يومًا عمّا إذا كانت الهندوسية في الهند أو اليهودية في إسرائيل تؤثّر على البيئة الحاضنة. واللافت أنّ ردة الفعل تختلف حتى عندما يتم التحدث عن بلدان أخرى إسلامية بمعظمها. فنادرًا ما يطرح شخص سؤالاً عن الدين عند التحدث عن النموّ اللافت لأسواق تركيا، ماليزيا أو إندونيسيا، مع العلم أنّ هذه البلدان هي بمعظمها إسلامية وتقليدية. ولم التقِ يومًا بمستثمر تردّد في الاستثمار بريادي في الولايات المتحدة أو في الخارج فقط بسبب معتقداته الدينة".
حتى ولو أنّ الكتاب شرح كثيرًا في أولى فصوله عن نهوض الشركات الناشئة، غير أنه الكتاب تطرّق فيما بعد إلى مواضيع عميقة وقوية.
يٌنصح بهذا الكتاب للرياديين في الشرق الأوسط. بإمكانكم طلبه على "أمازون" هنا وثمة أيضًا نسخة منه على "كيندل" Kindle.