ليس بأمر مفاجئ أن أولى شركات تطوير تطبيقات المحمول في لبنان تم تأسيسها من قبل خريجَين من الجامعة الأميركية في بيروت. الأمر أشبه بقصة كلاسيكية. فبعد نيل  شهادة في هندسة الكمبيوتر والاتصالات، سافر صديقا الطفولة، غدي ريّس وإيلي نصر، الى الخارج لاكتساب المزيد من الخبرة. وعندما عادا الى الوطن عام ٢٠٠٩، بعد أن عمل الأول في شركة الاستشارات "كارنيجي" Carnegie Consulting والثاني في شركة "بي أم دبليو" BMW، أسسا معاً شركة "فوو"  FOO.

 ما ميّز هاذين المؤسسين كانت موهبتهما في ايجاد أفكار ريادية ومستقبلية. فتبيّن أن أول منتج لهما، تطبيق الدفع على المحمول، متطور جداً بالنسبة للسوق لأن المصارف رفضت حينها، اعتماده. وفي سياق الصراع السياسي والمحادثات حول رقابة الرسائل القصيرة، طورا تطبيقاً مثالياً يسمح للمستخدمين بإرسال الرسائل المشفّرة، الا أنهما فشلا في اطلاق هذا التطبيق بسبب ضغوط سياسية.

عام ٢٠١٠، قرر الفريق تغيير محور الشركة نحو الترفيه وأطلق أكثر التطبيقات نجاحاً حينها، تطبيق "فوو-مي" FOO-ME الذي يوفّر باقة من الخدمات الترفيهية: رسائل قصيرة مجانية، أبراج، لائحة الأفلام وصالات السينما في لبنان، الفعاليات، العروض، صفقات المطاعم، الدردشة على الانترنت ولعبة سودوكو. ولاقى هذا التطبيق الخاص بهواتف "نوكيا" نجاحاً سريعاً وسجّل 150 ألف رسالة قصيرة شهرياً وفاز بجائزة "عرب نت" لعروض الشركات الناشئة ذاك العام.

أطلق هذا التطبيق الشرارة التي دفعت مسار الشركة قدمًا. بعد نجاحه الأولي، بدأت شركات كبرى كثيرة تدقّ أبواب الشركة من أجل تطوير التطبيقات لها، ومن هذه الشركات نسمي قنوات إعلامية هامة مثل "بي بي سي" BBC و"أم بي سي" MBC والمؤسسة اللبنانية للارسال  LBC وبرنامج" و"أراب أيدول" Arab Idol إضافة الى شركات الاتصالات "توتش" Touch و"أس تي سي" STC وأحد أكثر برامج الانترنت نجاحاً في المنطقة العربية "شنكبوت"، و"نوكيا" Nokia و"أوجيفلي" Ogilvy  و"ريد بول" Red Bull وشركة الاطارات العالمية "بريدجستون" Bridgestone.

لكن بعد عدّة أشهر، أوقفت الشركة تطويره. ويقول غدي "سحبنا التطبيق من السوق لأننا واجهنا صعوبة في الحفاظ عليه وجني الأرباح منه في آن واحد."

واليوم، تواصل الشركة التي تضم ٢٦ موظفاً  تطوير تطبيقات على "آيفون" و"آندرويد". وفي خطوة لتطوير منتجات جديدة، قامت بتأسيس شركة حاضنة داخلية لتشجيع الموظفين على عرض أفكار لتطوير تطبيقات محمول مبتكرة.

  Psst.I'm into you "مرحباً. أنا معجب بك"

 قبل أسبوعين، أطلقت شركة "فوو" أول تطبيق للشركة الحاضنة: "بسست" Psst، تطبيق جريء جديد لـ "فايسبوك" يقدم لك فرصة ارسال رسائل مجهولة للأشخاص الذين ينالون إعجابك.

كيف يعمل هذا التطبيق؟ تقوم بالتسجيل ثم تختار الأشخاص الذين تود إرسال رسالة سرية لهم، وتبعثها بطرقة مجهولة لتصل الى القارئ من مرسل "مجهول". ومتى تصل الرسالة، يمكن للقارئ أن ينقر "أعجبني". وفي حال كان الاعجاب متبادلاً، يتم الكشف عن هوية المرسل والمتلقي. ويقول غدي "لن تُكشف هوية مستخدم هذا التطبيق إلا عندما يتواصل المستخدمان من خلال الضغط على "أعجبني".

ليست العملية معقدة إلا أن الفكرة تكمن في أن يبذل المرسل بعض الجهد ليستحق نقرة "أعجبني". كما أن الأمر ليس مخيفاً كما يبدو (بقدر رسالة إلكترونية من مجهول) لأنّ المرسل يجب أن يكون صديقًا لك. ومن أجل اقناع المستخدمين بأن التطبيق لن يكشف عن هويتهم، يصرّح بأنّ التطبيق "لن ينشر تعليقات نيابة عنك".

لا شك أن التطبيق يسعى الى جذب النساء. ويقول إيلي "تحب النساء هذا التطبيق لأنه يتيح لهن فرصة التعبير، بطريقة مجهولة، عن مشاعرهن لا سيما في سن المراهقة. وإنّ تلقي رسائل مجهولة هو دائمًا أمر ممتع."

منذ اطلاق التطبيق على الويب  وعلى نظام تشغيل أندرويد قبل أسبوعين وعلى "آيفون"قبل يومين، ومع التركيز على السوق اللبنانية، يقول المؤسسان إن التطبيق جذب أكثر من ألف مستخدم وتم إرسال أكثر من ألف رسالة سرية.

 وهذه المرة، تعلّم الفريق من أخطائه وبدأ بجني الأرباح منذ المراحل الأولى. فعندما تقوم بالتسجيل، تحظى على ٥٠ رسالة سرية مجانية، وبعد استخدامها عليك شراء المزيد. حتى الآن، تموّل "فوو" التطبيق ولكن يقول غدي "إذا نجح التطبيق، سنحتاج الى البحث عن مصادر تمويل أخرى للتوسّع." 

هذه سوق واعدة. فوفقاً لـ "آيبيآيأسوارلد" IBISWorld، تسجّل سوق تطبيقات التعارف على المحمول في الولايات المتحدة، عائدات تصل الى ٢١٣ مليون دولار، أي أكثر بنسبة ٢٩٪ مقارنة بالعام الماضي. وبدأت شركات أخرى تهتم بهذا القطاع، على غرار "بانج ويذ فريندز" BangWithFriends وهي منصة تعارف على فايسبوك لكنها لا تملك تطبيقاً للمحمول خاصاً بها، و"بادو" Badoo، موقع للتعارف بين الغرباء. خلال السنوات الخمس المقبلة، يتوقع أن تتضاعف العائدات من تطبيقات التعارف على المحمول الى أكثر من ٤١٥ مليون دولار. فهل سيكون Psst أول تطبيق تعارف على المحمول يشق طريقه في المنطقة العربية؟