"منطقتي": مشروع شبابي لتنمية الأحياء المصرية
"التغيير يبدأ من المحليات". شعار رفعه ثلاثون شابا وفتاة بعد الثورة المصرية، حالمين بأحياء راقية ونظيفة، فأسسوا مبادرة "منطقتي" لتنمية المحليات عن طريق تقديم خدمات تنموية تساعد في نهضة الأحياء بمفهوم لا مركزي، آملين في تغيير جذري في السلوكيات.
يبدأ المشروع باختيار "وحدة محلية" هي شارع كنقطة انطلاق، لتبدأ مشاريع رمزية بسيطة من نظافة وإنارة ورصف وتشجير وطلاء واجهات، بهدف جعل الشارع مثاليا في المنطقة وبناء علاقة ثقة بين فريق "منطقتي" وسكان الشارع الذين سيشاركون، لتأتي المرحلة الثانية من المبادرة بعمل استبيان للتعرف على مشاكل المنطقة وتوزيعه على الأهالي، واستنادا على النتائج يحدد مشروع معين لكل منطقة، بتمويل أهلي.
بديل للمحليات؟
يبدو المشروع لأول وهلة وكأنه يطرح بديلا للمحليات، التي يشتغل بها ما يقرب من 57 ألف موظف في مصر، فهو يقيس مشكلات شديدة المحلية ويأخذها لأهل الخبرة ليطرحوا حلولا مختلفة، ثم يتم اختيار الحل الأنسب وايجاد مصادر تمويل له، لكن المؤسسين ينفون ذلك قائلين إن هناك مشكلات أكبر من النطاق الذي يستهدفونه. ويضيف يوسف حمدي، مؤسس المشروع: "نحن نحاول المساعدة بتقليل نسبة البطالة في أماكن معينة".
حمدي مهندس ميكانيكي ويعمل في تصميم شبكات البنية التحتية، يريد لمشروعه أن "يبدأ توجها جديدا في تنمية مصر يكون أشبه بالسنة التي تتبع"، فليس الهدف تطوير الأحياء فحسب، بل تغيير سلوكيات الأهالي بمخاطبتهم بشكل ودي ومباشر عن طريق المطبوعات ووسائل الدعاية المختلفة وغيرها، لدمجهم في عملية التغيير، والذي سيأتي بمشاركتهم بالوقت والمال، لكي يسري شعور ملكية هذا التطوير لديهم فيحافظون على ما غيروه بأنفسهم وتعبوا من أجل تحقيقه.
تقدّر ميزانية كل شارع بنحو 13 ألف جنيه مصري (أكثر من ألفي دولار)، يجب أن يساهم الأهالي بنسبة 30% منها حتى يبدأ المشروع، فيما تغطي شركات ومؤسسات أخرى النسبة المتبقية.
المشروع الأول
بدأ المشروع في شارع العريش بمنطقة روض الفرج في القاهرة، الذي شهد تجاوبا من السكان مع المبادرة، خاصة وأنهم وجدوا جارهم حمدي يقود المشروع. وأوضح حمدي أن محمد عبد النبي، رئيس حي روض الفرج، أبدى تعاونا عارضا تسيير عربات جمع القمامة في مواعيد محددة لتجمع القمامة من الصناديق التي ستنشرها "منطقتي"، كما وعد بتهيئة الطرق ورصفها بالأسفلت.
ويقول محمد ابراهيم، أحد القائمين على المشروع وهو طبيب بيطري ومحاضر طبي وتنموي، أن "منطقتي" تسعى إلى تكوين جماعات ضغط تقترح على رئيس الحي مقترحات فعلية للتطوير والتعاون المشترك، وتكون أيضا بمثابة رقابة شعبية ترصد مشاكل الحي في متابعة حية (live feed) على الإنترنت.
وقد وصل حجم الفريق الى 45 شخص، مقسمين بين العمل الميداني والإدارة والتسويق وتحليل البيانات والعلاقات العامة وغيرها من الأقسام.
إحياء الوقف الخيري
يسعى فريق "منطقتي" أيضا لبناء سوق نموذجي في حي روض الفرج والذي كان قد احترق في شهر رمضان الماضي. تتلخص الفكرة في بناء سوق خدماتي كبير، تتوفر فيه معايير الأمان وبأسعار مخفضة. ويقول حمدي ان "منطقتي" ستؤجر مكان السوق القديم وتبنيه وتأخذ حق الانتفاع به لمدة معينة، ثم يعاد ادارته بعد انتهاء المدة الى الحي، فيما تبقى ثلاث أكشاك أو أماكن محلات تجارية تدار بواسطة "منطقتي" لتخصص كل الأرباح كوقف خيري للسوق يتم الانفاق منه على بناء أسواق مماثلة في أحياء أخرى.
ربما تكون فكرة "وقف السوق" هي الأقوى، خاصة مع رغبة بعض الأفراد في مناطق مهمشة أخرى، كحلوان وناهيا وإمبابة وحتى محافظات أخرى كالفيوم ودمياط وأسيوط، تطبيق مشروع "منطقتي" لديهم، خاصة أنها تحيي سنة غائبة عن مجتمعاتنا العربية وهي الوقف الخيري، المنتشر في الغرب، والذي صادرته السلطة الحاكمة في مصر في عهد عبد الناصر لتصبح الأوقاف مدارة بواسطة الحكومة مما أفقدها كثيرا من المصداقية.