Myschoolpulse في لبنان تنقل المدرسة إلى المستشفيات
لا تنطلق كلّ شركة ناشئة من فكرة سعيدة. ما ألهم دانيال دياب على تأسيس "مايسكول بالس" Myschoolpulse أي "نبض مدرستي"، كان اكتشافها أنّ نسيبها مصاب بالسرطان وهو لم يزلْ في الثانية عشرة من العمر، ما جعل وقع ترك مقاعد الدراسة صعب عليها. فقرّرت دانيال أن تحارب الواقع وأن تُدخل المدرسة إلى المستشفيات في كلّ أنحاء لبنان. تقول دياب التي تبلغ من العمر 27 سنة، "إنّنا جميعنا في العائلة مررنا بفترة صعبة للغاية لمدّة 8 أشهر، أدركنا خلالها مدى أهميّة متابعة بُول دروسه وحفاظه على بعض من الإستقرار والطبيعية في حياته، من أجل إلهائه عن المعالجة الكيميائيّة."
سعيًا منها إلى تسهيل عمليّة إعادة إندماج بول في صفّه السابق من دون خسارة الصداقات التي نسجها خلال فترة معافاته، أسست دياب "مايسكول بالس" كبرنامج يؤمّن استمراريّة الدروس المعطاة عادةً داخل الصفّ، فضلاً عن دروس خصوصيّة للمرضى أينما تواجدوا في لبنان.
من بين 250 طفلاً يعاني من مرض خطير كالسرطان منهم في المستشفيات اللبنانية في لبنان، فإنّ 75% منهم يتعافى كليًّا كلّ سنة. لذا قرّرت دياب مساعدتهم في مجاراة دروسهم المدرسيّة وفي توفير المعلّمين لهم، "فنحن أردنا نقل المدرسة إلى المستشفى، لأنّ كلّ طفل مريض له الحقّ في أن يحلم ويتعلّم ويتحلّى بالأمل."
كبر برنامج "مايسكول بالس" خلال 3 سنوات منذ انطلاقته، ليضمّ اليوم 11 معلّمًا بدوام كامل يتواصلون مع مدرسة كلّ تلميذ، لتوفير الإمتحانات التي يخضع لها زملاؤهم في الصفّ. أمّا في حال الإمتحانات الرسمية، فيتمّ الإتصال بوزارة التربية.
يبدو أنّ أكبر تحدّ للشركة الناشئة هو الآن ضمان حصول التلامذة من كافة المستويات على ما يحتاجون إليه بالتحديد. حتى أن البرنامج لا يقوم فقط على "إبقاء" الأطفال في المدرسة، بل يعرّفهم أيضًا على النظام التعليمي الرسمي أي التعليم داخل الصفوف المدرسية. في هذه الحالة، على المعلّمين أن يقيّموا أوّلاً مستوى الطفل التعليمي، إذ "يجهل حتى بعض الأطفال تاريخ ولادتهم"، بحسب دياب، ما يؤدّي إلى نشوء تحدٍّ آخر، هو إقناع الوالدين بمتابعة تعليم الأولاد بعد خروجهم من المستشفى، "فنحن نساعد الأهل على إيجاد خدمات تعليميّة أخرى، ونؤمّن المنح التعليمية، ما قد يدعم مسار الطفل لغاية السنة."
يتحقّق التمويل من خلال تنظيم حفلات خيريّة، مثل ماراثون الـ 5 كلم الذي يقام سنويًّا، ناهيك عن الجهات الواهبة الخاصّة. وتشرح دياب: "نحن متواجدون في مستشفيات بيروت الكبرى، وقد سيطرنا تقريبًا على السوق، وبقي الثليل من المستشفيات التي تضم جناحًا كبيرًا مخصّصًا للأولاد."
لا شكّ في أنّ هذا العمل يدلّ على رحابة صدر ورقّة قلب، لكنّ دياب أيضًا تدير شركتها بصلابة اكتسبتها بفضل ماجستير في الأعمال من جامعة هارفرد، وبترقّب وانتباه نمّتهما خلال عملها كتاجرة مضاربة لدى "مورجن ستانلي" Morgan Stanley في لندن. تجدر الإشارة إلى أنّ "مايسكول بالس" هي شركة ناشئة لا تبغي الربح، وهي الوحيدة من بين المنظّمات غير الحكومية في لبنان، التي تنشر مراجعات حساباتها على الإنترنت، فتؤكد دياب "أنّنا نقوم بذلك إيمانًا منّا بضرورة التحلّي بالشفافية أمام الواهبين. نحن نسعى إلى استخدام كلّ دولار بأكبر قدر من الحكمة."
لعلّ البرنامج غير ربحيّ، إلاّ أنّ دياب تستفيد من معرفتها في نماذج الأعمال المستدامة من أجل إدارة "مايسكول بالس"، إذ "بالإمكان تعلّم دروس من الأعمال، تنتقل وتطبّق في الريادة الاجتماعية. لقد علّمتني وظيفتي السابقة الإنضباط وإنجار مهمّات متعددة في آن، ما يفيدني في جميع الحالات." لكن يبقى الفارق الأساسي في أنّ "أهم شيء هنا هو ترك أثر إيجابي لا جني الأرباح."
كما هي حال أي شركة ناشئة أخرى، اضطرّت دياب إلى تخطّي عقبات كثيرة خلال عمليّة التأسيس، ومنها استقطاب موظّفين ماهرين وملتزمين. وتعتبر دياب أنّ "الذهنيّة في لبنان غير موجّهة نحو اللاربحية، بالإشارة إلى نقص في البرامج الجامعية التخصصيّة العالية الشأن حول المنظّمات غير الحكومية، على غرار برنامج "علّم لأجل أمريكا" (Teach for America). ولحسن الحظّ، تحظى مديرة البرنامج ريموند عبّود بحسّ جيّد لتوظيف معلّمين متفانين.
هذا التوجه أساسي وحيوي، لا سيّما وأنّ دياب تستعدّ حاليًّا للإبتعاد عن المشروع والمباشرة بوظيفة إدارية جديدة لدى "مورجن ستانلي" Morgan Stanley في لندن في تشرين الأول/أكتوبر. تأمل الشابة أن تخصّص ساعة يوميًّا لـ"مايسكول بالس"، كما تنوي التوسّع، فهدف "مايسكول" بعيد المدى، حتى أنّه في صدد التحوّل إلى مدرسة بكلّ ما للكلمة من معنى داخل "مستشفى سان جورج"، ثمّ إلى منصّة تعليم إلكترونيّة على الإنترنت.
تعترف دياب أنّه "غالبًا ما يتمّ الإستهانة بكميّة العمل المطلوب"، لكنّها تعتمد على فريق صلب يدفع بالمشروع قدمًا. ومع قليل من الحظّ والمواهب الجديدة، قد تستطيع تطوير المشروع أكثر بعد في المستقبل.