تبتكر "كاف" ملابس مصرية عصرية
غالبًا ما تكبر شركة ناشئة وتتفتّح كثمرة حبّ، وما من حبّ أجمل من ذاك الذي يستثمره المؤسس المنفرد في مشروعه، على غرار كريم متولّي الذي أسس "كاف للألبسة" (KAF Wear). فمتولّي يتولّى التمويل والتخطيط والتصميم والتلزيم وإدارة الإنتاج والخدمات وعمليّات الجرد، فيما يراقب نقاط البيع ويشرف على المبيع في الجملة، ويجري التسويق والمحاسبة والأعمال الورقيّة. هذا هو متولّي، بل أكثر، يكتب أغانيه الخاصّة لإعلاناته ويغنّيها!
"كاف" صناعة مصريّة 100%، تتركّز حول الألبسة وتصاميم قمصان "تي شيرت" تعكس الهوية والتاريخ والثقافة المصرية. والمؤسسة في صدد ضمّ منتجات أخرى إلى مجموعتها مثل السراويل والشالات الشتوية والألبسة الداخلية الرجاليّة.
أطلق كريم العلامة التجارية عام 2005، واختار اليوم أن يحدّثني بصراحة عن حجم العمل الشاق والدؤوب الذي يدفع بشخص واحد وبمفرده إلى النجاح، قائلاً "إنّ المشكلة بدأت حين ارتفع مدخولي إلى 25000 جنيه (ما يناهز 42000 دولار أمريكي) في نهاية السنة الأولى، في الوقت الذي كنت قد بدأت تلك السنة برأسمال لم يتخطَّ 20000 جنيه (أي حوالي 3300 دولار أمريكي). فأنا لم أكن أتقاضى من عملي كموظّف سوى 1200 جنيه (200 دولار أمريكي)، وعندما حقّقت المبلغ الكبير في سنتي الأولى من الأعمال الخاصّة، أغرتني تلك القفزة النوعيّة وقرّرت اتخاذ خطوات متسرّعة لتوسيع الأعمال في شتّى الإتجاهات. لكن، في النهاية، إرتطمت بحائط. فهمت عندها مدى شراسة السوق على حقيقته، وكم صغير حجمي، ومدى تأثير ذلك على قوّة التفاوض والمساومة لدي مع المورّدين والعملاء."
تحوّل ما بعد الثورة
ليس من الاعتيادي أن تسجل الشركة أرباحاً ضخمة بعد 6 أشهر من انطلاقها، وقد اعترف كريم بأنّ التجربة كانت تنقصه، فشرح، "اكتسبت أوّل عملائي عبر البيع المباشر، وقد كانت هذه تجربتي الأولى في هذا المجال."
لكن كان لكريم ركيزة داعمة أخرى، ألا وهي كشك في مجمّع "سيتي ستارز" التجاري يشغله بائعان. غير أن الكشك ما عاد صالحاً بعد الثورة. أعلن كريم "إنّي تخلّيت عنه منذ أسبوعين لأنّ القوة الشرائية في السوق ليست عالية حاليًّا مقارنةً بسعر الإيجار في سيتي ستارز." صحيح أنّه أغلق الكشك الآن، لكّنه قطع العهد على نفسه بالعودة في وقت لاحق.
حتى بعد 7 سنوات على الانطلاق، يبقى كريم مستعدًّا لتغيير مساره، لكنه لن يغيّر عن متجر Souq.com الإلكتروني. فيشرح كريم "بدأت مع "سوق.كوم" Souq.com منذ انطلاقته في كانون الأول/ديسمبر تقريبًا. وتُعَدّ "كاف" من بين أفضل محطّات البيع على "سوق" باكتسابها 98% من الردود الإيجابية من أصل 211 ردًّا." وبالفعل، لا يزال رضى أي زبون يشكّل مصدر فرح بالنسبة لكريم، وربما حافزًا على المثابرة في هذا القطاع الناشئ، إذ "أكثر ما يفرحني الآن هو عندما أتلقّى تجاوبًا إيجابيًّا للغاية من قبل المستخدمين، فأشعر أنّي أنجح في تغيير عقليّة السوق والصناعة ولو قليلاً نحو الأمام."
الخطوات المقبلة
ماذا يخبّئ المستقبل لكريم إذاً بعد تراجع ركائز الخطط الداعمة؟
يعتبر كريم أنّ "السبب الرئيس وراء نموّنا البطيء هو ضعف المبيعات والتسويق الناتج عن نقص في الموارد البشرية. لذا، سأقوم بالخطوات التالية: توظيف فريق مبيعات، توسيع نطاق البيع بالجملة على مستوى السوق المحلّي، إدخال مجموعات منتجات محليّة جديدة، إفتتاح المتجر الخاصّ الأول من سلسلة المتاجر، والعمل بجديّة على التصدير المباشر من خلال الوكلاء المناسبين في أسواق خارجيّة محتملة."
أكّد لي كريم أيضًا أنّه سيستمرّ في التصميم المبتكر الذي أتى بشهرة علامته التجارية، وفي تقديم "منتجات عالية الجودة بأسعار معتدلة."
أسس كريم "كاف" ليكسر النمط الثقافي الغربي الذي يحدّ من إبداعات الكثير من الشركات المحلية. يعتبر أنّ "جميع الشركات تلحق الغرب في كلّ المجالات. وأتساءل لمَ نكون من التابعين. وكما يقال "إن هم قادرون فنحن قادرون"، وأنا مؤمن بأنّنا "قادرون على الأفضل". أعي أنّ الطريق طويل وشائك، لكن ينبغي أن نبدأ من مكان ما."
من المؤكد أنّ الطريق كانت طويلة، لكن يبدو أنّ مستقبل "كاف" باهر بفضل قدرة كريم على المثابرة في السرّاء والضرّاء. وإنّي على ثقة أنّ الخطوة الآتية بتوظيف فريق كامل ستفسح المجال للتقدّم.