الناشطون الأردنيون ينظّمون حملة مقاطعة اليوم ضد إقرار قانون الرقابة على الإنترنت
ينفذ الناشطون الرقميون في الأردن غداً الأربعاء مظاهرة إلكترونية باعتماد أسلوب "التعتيم الإعلامي" على مستوى البلاد كلها، أملاً بتراجع عزيمة الحكومة عن تمرير تعديلات تسمح بالرقابة.
تقول مصادر كثيرة إن السياسة الجديدة التي وضعتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تتضمن بندين سيعيقان الإعلام المحلي والريادة والتنمية في البلاد، ومن المقرر تمرير هذه السياسة هذا الأسبوع.
تشير المصادر إلى أن المخاطر الأساسية ذات وجهين، فأولاً من شأن التعديلات أن تفرض على كل موقع إلكتروني أن يتسجّل في نقابة الصحافة وهو ما يحتمل أن يعرّضه لتقييم ما إذا كان منسجماً مع الثقافة الأردنية.
وثانياً، من شأن القانون أن يجعل أصحاب المواقع مسؤولين عن المحتوى الذي ينشر في أقسام التعليقات. وهذا يعني أن أي تعليق يعتبر مسيئاً قد يعرّض الموقع لغرامات يقول البعض إنها تبلغ حوالي 10 آلاف دينار أردني أي 14 ألف دولار وهو ما سيغلق مباشرة أية شركة الناشئة في عالم الإنترنت. ما يعني أن التكاليف اليومية لمراقبة أي موقع، إن لم نقل أي مجتمع كامل يقوم على محتوى ينتجه المستخدمون مثل الموقعين الرائدين الشهيرين d1g وجيران، ستصبح خيالية.
من الواضح أن الرقابة لن تكون مجرد نقطة سوداء للأردن بل أيضاً ورقة نعي لقطاع الريادة التكنولوجية المزدهر ولحظة معتمة للبيئة الحاضنة للريادة في المنطقة بأكملها.
في الوقت الراهن، ما هو مطروح على الطاولة هو تغيير السياسة. ومن هنا يمكن تغيير قانون المطبوعات والنشر وهذا يعتمد على سياسة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ولكن العملية طويلة. وقال وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق مروان جمعة إن "هذه السياسة لن ترفع إلى البرلمان في أي وقت قريب". ويضيف أن القانون يجب أن يحظى بمصادقة الحكومة ومن ثم يتم تحويله إلى الغرفتين الدنيا والعليا في البرلمان ومن المرجح أن يتم حل البرلمان قبل أن يحصل ذلك.
حين تقوم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتغيير سياستها، عليها أن تتشاور مع القطاع الخاص. ويقول جمعة أنها حاولت أن تعطي مهلة 24 إلى 48 ساعة للقطاع لإبداء الرأي، ولكن بعد أن ارتفعت الأصوات المعترضة، مددت الحكومة المهلة إلى الخميس المقبل أي الثلاثين من آب أغسطس.
بالنسبة للبعض مثل نسيم طراونة صاحب المدوّنة الشعبية "The Black Iris"، فإن هذه العمليات هي مجرّد تفاصيل، فالرقابة في الأردن تبدو حتمية. ولخّص الأمر بحسرة واضحة، قائلاً إن "أحداً ما، في مكان ما مقتنع بأنه يجب مراقبة المواقع الإخبارية الأردنية على الإنترنت، هذا كل ما في الأمر".
لكن الكثيرين (حتى طراونة نفسه) يعتبرون أن الوقت حان للتحرّك. وعلى نمط التعتيم الإعلامي الذي نفذته ويكيبيديا احتجاجاً على قانون "سوبا"، يشجّع الموقع الجديد "حر يا نت" على التعتيم غداً الأربعاء، التاسع والعشرين من آب/أغسطس لنشر الوعي حول التعديلات قبل انتهاء المهلة.
حتى الآن، احتشدت حوالي 200 من أشهر شركات الإنترنت في الأردن وشركات الدعم التكنولوجي
والشركات الإعلامية بينها "أويسس500" و"سينتاكس" و"أخطبوط" و"ميس الورد" و"حبر" و"شوب جو" (والموقع المنوّع الجديد Musicalism.fm)، للاحتجاج على التعديلات عبر غطاء جافاسكربت يحمل عبارة "قد تحرم من محتوى هذا الموقع في ظل تعديلات قانون المطبوعات والنشر الأردني والرقابة الحكومية على الإنترنت". ويقول قادة التحرّك إن "الغطاء" لا يجب أن يؤثر على عدد زوار الموقع لأنه يختفي عند النقر. (وسوف تشارك ومضة بالمظاهرة الإلكترونية من خلال تعديل موقعها).
ويقدم موقع "حر يا نت" معلومات محدثة حول تطورات القانون كما يتضمن معلومات حول كيفية حماية نفسك من الإباحية.
ويشدد فؤاد جرجس، وهو عضو في "حر يا نت" ومؤسس Tech-Tech.me والمؤسس المشارك للمنتدى الشعبي ثلاثاء عمان التكنولوجي، على أن "نحن لا نشجع الإباحيّة، لكن على مزوّدي خدمات الإنترنت أن يقدموا حلاً مجانياً للأشخاص الذين يفكرون في فرض رقابة على الإنترنت الخاص بهم. ويجب أن يكون المحتوى القادم من الخارج حراً ولا يجب أن يكون عكس ذلك".
ويشير جرجس إلى أن شركات التكنولوجيا في الأردن تنتج 14% من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف 50 ألف شخص سنوياً وهي إحصاءات من شأنها أن تهبط حين يتم إقرار السياسة الجديدة.
يوافق جمعة على الرأي القائل بأن دخول هذه السياسة حيّز التنفيذ لن تكون خطوة جذرية إلى الوراء فحسب وتعارضاً مباشراً مع جهود الملك لجعل الأردن صديقاً للريادة، بل أيضاً غير فعالة. ويوضح أنه "بغض النظر عمّا إذا كانت الفكرة سديدة أم خاطئة، فهي ببساطة لا تجدي نفعاً. وهناك الكثير من الأمثلة على الدول التي أنفقت الملايين على فعل ذلك وفي نهاية المطاف سيجد الناس ثغرات في النظام وأساليب للاحتيال عليه".
ويستنتج أنه من الأبسط تثقيف الشعب عن كيفية استخدام الإنترنت بشكل آمن والتعامل مع مسائل مثل الإباحية لدى الأطفال، وهو أمر بدأ الأردن يقوم به فعلاً.
في هذا الوقت، سيواصل الناشطون التعبير عن آرائهم. وقال عضو مجهول في "حر يا نت" "نأمل أن نكون قادرين على إبطاء الأشياء وجعل الناس يناقشون الأمر أكثر".
سيتواصل الجدل في فعالية Censorship Edition المقبلة من "ثلاثاء عمّان التكنولوجي" في الرابع من أيلول/سبتمبر.